آراء

المرحلة لازالت تتطلب الكاريزما ام الخلل في الوعي العام

لازلنا نسمع يوميا العبارات الرنانة من مثيل، القائد المفدّى والرفيق الاعلى والرئيس القائد والزعيم الاوحد والمناضل العتيد في هذه المنطقة، هنا وهناك، ولكن ان تسمع كلمة (سه رؤك) بتوجيه حزبي وعدد من المرات من خلال مجرد تردد جملة او جملتين مكتوبة سلفا لك من خلال ما يمكن الن نعتبره فتاوى حزبية سياسية صادرة من غرف العمليات، فهذا امر محير، ولو لم نجد شيئا محيرا وشاذا عن المالوف الا وسمعناه في هذا الجو من الصراعات الحزبية الشخصية التي تستغل الاحزاب الكوردستانية كل ما يمكنها ان تفرض نفسها وان كان على حساب المصلحة العليا والهدف الاسمى للشعب .

المركزية المبنية على الشخص او العائلة فقط لها التاثير المباشر على الشعب بشكل عام، وبالخصوص ان اراد المؤمنون بها نقلها نصا وتطبيقا من الحزب الى المجتمع عنوة، اي من خلال استغلال الشعب ماديا ومعنويا خوفا وقسرا من خلال اللعب على المصالح الضيقة للفرد ومن ثم عن طريق الترغيب والترهيب، كما هو الحال في اقليم كوردستان ومن قبل الحزب المتنفذ، بحيث لم يمر يوم الا ونرى انه يكشف عن الكثير من اهدافه البعيدة المدى ومن خلال طرق ووسائل متعددة منها فرض الراي والموقف الموحد على الشعب والعمل على اضطرار الناس في ترديد ما لايؤمن به من جهة، اضافة الى شراء الذمم والكوادر التابعة له من المدسوسين في الاحزاب ذات التاثير القوي، والايعاز لهم في مرحلة معينة للعودة عن مكانهم الذي ساروا فيه منفذين لاوامرهم من جهة اخرى . والاهم بعد ان تتياس الناس من الامر فانهم يطرحون المامورين على الشاشات لطرح المعاد واول الامر هو تلفظهم وترديديهم لكلمة (سةرؤك) من اجل ترويج ما لديهم من خلال هذه الكلمة الشاعرية السحرية التي تريد به هذه الاحزاب المتنفذة الدكتاتورية التوجه ان تجعلها مركز الثقل لتجميع الكوادر بعيدا عن الفكر والفلسفة والمنهج والايديولوجيا التي لها الاهمية الضرورية وو الحاسمة في جمع الاعضاء والبقاء على وحدة الحزب في اي مكان في العالم .

هناك مركزية دكتاتورية معتمدة على المركزية الحزبية والمركزية العشائرية والمركزية العائلية والمركزية الشخصية، فان الاخير يمكن ان يستند على الباقين في ترسيخ كل الوسائل لتثبيت الذات على المجتمع . ويكون السير بطرق وباشكال مختلفة : يمكن اهمال من لم يكن له تاثير مباشر وقوي على هذا التوجه بحيث لا يؤثر على ما يهمهم من جانب نجاح الخطوات المرسومة لهذه المركزية، وهؤلاء يمكن ان نصنفهم من شريحة المثقفين والمهمشين اصلا وليس لهم التاثير المباشر القوي على المجتمع المتسم بنسبة دنيا من الثقافة العامة والوعي المطلوب لردع هؤلاء . اما الشخصيات المؤثرة من الناحية الاجتماعية والمكانة، فيمكن التثير عليهم اما بشرائهم ماديا او سياسيا او ترهيبهم بالطرق الموجودة ويصل احيانا الى الاغتيال في اخر المطاف . وهناك ايضا من الوسائل المخابراتية المتاحة لديهم ليستخدموها في الوقت المناسب . خلال السنة المنصرمة شاهدنا تحركات كثيرة من قبل هذه المؤسسات المخابراتية الحزبية الخطرة من خلال الاغتيالات او كسب الكوادر المؤثرة من الاحزاب المنافسة وفرض التبعية عليهم بالشكل الذي لا يمكن ان يصدوا ما يواجهونه من الضغوطات مستغلين ضعف الاحزاب الداخلية وانعدام المركزية فيهم كما هو حال الحزب المتنفذ في اقليم كوردستان وما يسير عليه ويتسم به وما تفرضه طبيعة التنظيم فيه من اساسه وهي المبنية على تقديس الشخص .

الايعازات اليومية المتكررة في تكرار عمل سياسي معين من جهة، وترديد كلمات مركزية نابعة من الفكر الضيق والتوجيه الشخصي المصلحي واستغلال اضعف الناس في تنفيذ الاوامر بشكل مقنع من جهة اخرى، خطوة سياسية ماهرة وهدف خبيث يفيد الحزب على حساب المجتمع ومستقبله .

اذن، كل المعطيات تدلنا على ان الحزب القائد يعتمد على ابراز الكاريزما بالقوة دون ان يكون حتى هناك صفات للشخصية التي يمكن ان تفرض نفسها ككاريزما، وانما المصلحة الشخصية والحزبية هي التي تفرض تثبيت الكاريزما الصوري عليه عن طريق الانشاء والاطراء، هذا ان ابعدنا الظروف الموضوعية التي تفرض نفسها، ويمكن ان نعتقد بانه في حالات تتطلب وجود الكاريزما الحقيقية لصالح الواقع الموجود من المستوى الثقافي وما تفرضه عصارة الوعي العام، وبالاخص ماموجود الان ونعيشه في كوردستان بعد كل تلك الخلافات والصراعات التي وقعت علة جساب المواطن وهم يريدون ان ينقذوا انفسهم وان كانت الكاريزما والمركزية قشة يمكن ان يتشبثوا بها .

لو قيّمنا الواقع الكوردي من الناحية الاجتماعية، والذي يتسم بالصفات والخصائص التي اورثه ابا عن جد وعاش تحت نير الاحتلال ونهب منه ما يمكن ان يتقدم خطوات لينسلخ من العقلية المنافية للتقدمية التي فرض عليه، واقصد بقاءه على ما هو عليه وعدم الخروج من دائرة الالتزام بالكاريزما في التفكير والتدبير، فانه بشكل عام عاش ولايزال في حالة يعتقد بان الاخر يمكن ان يكون افضل منه، نتيجة تاثيرات الارشادات الدينية التي فرضت نفسه عليه وعلى عقليته لمدة طويلة من جهة، وانعدام سيادة القانون، وما تفرضه الصعوبات اليومية علي ان تكون الطريق امامه مسدودا الا من منفذ الاعتماد على الاخر القوي من جهة اخرى . هذا اضافة الى الواقع الجغرافي الذي فرض انعزاله كثيرا في العصور الماضية مما اكتسب سمة تقديس الكاريزما مهما كان نوعه الديني منه ام الاجتماعي ام السياسي ام السلطوي المادي . وهذا ما صعب الامر على المجتمع من بناء حزب يعتمد على المنهج والقانون والاحترام للمباديء خارج الاستناد على الكاريزما، وشاهدنا نحن مستمرون عليه لحد الساعة، حتى الحزب لم يبتعد عن تعويد المنتمين على الاستناد على الكاريزما الذي يفرض نفسه عليهم بشكل قوي، اي انعكس الواقع الاجتماعي على الكيان الحزبي بدلا من ماهو المفروض ان يكون عكس ذلك، اي من الطبيعي ان يكون الحزب هو القدوة لتعليم المجتمع على ان يقتدوا به ويتخذوه معلما وموضحا لما هو الملائم له فكريا وعقليا . انني ومن خلال ما اراه خلال السنين الماضية فقط من هذه الناحية، لازلت حائرا في بيان الامر والعوامل والاسباب في اعتماد حتى من اعتبرتهم من النخبة المثقفة على الكاريزما في توجهاتهم وعقليتهم، وعليه لا يمكن ان ابين ان السبب هو الواقع الثقافي ومستوى الوعي العام في كوردستان ايضا، ام يمكن ان نقول بان المرحلة الحالية تتطلب ذلك وليس هذا خاص بها والمنطقة لازالت لم تخرج من هذا العرف الذي يلتصق به نتيجة العوامل العديدة التي اورثتها الشعوب منذ القدم . اما ان يستغل الحزب هذا ويريد ان يلصق الكاريزما باحدممن توارث السلطة فيه جينيا وليس فيه من الصفات التي يمكن ان تكون شخصية كاريزمية من البعيد او القريب ولا يحمل ما يمكن ان نسميه سمات وصفات الكاريزما، وتريد ان ترفض اوامره ومصالحه على المجتمع، فهذا هو الخراب بعينه للمجتع بشكل عام .

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم