آراء

ستيفان دي مستورا ما هو إلا بريمر أميركا وصقر من صقور الأمم غير المتحدَّة !!

yasin alrazukبريمر جاء حاكماً للعراق باسم أميركا وليس باسم الله وقد وقع خيار الرئيس الأميركيّ الأسبق جورج ضابليو بوش الابن عليه لأنَّه أدرك أنَّ سياسة الضرب بالعصا الأميركيَّة فقط لن تجدي في بلدانٍ رؤوس شعوبها أقسى من الفولاذ وعظم مقاوميها أقسى من الصخر لذلك كان لا بدَّ له من إدخال الثعالب إلى أرض الصراع الثعالب التي تدير الدائرة على الجميع وتدخل الشعوب  دوائر الفتنة فلا يعودُ الخروج منها بأيديهم وبإرادتهم ولعلَّ بريمر أكثر الثعالب الذين حكموا العراق مكراً ودهاءً حيث ركَّز على ثقافة المحاصصة الطائفيَّة ورسم أضلاع المثلث السنيِّ الشيعيّ الكرديّ واقتضم من جسد العراق كلَّ أسس التلاقي الوطنيِّ بعيداً عن آفاق السياسة الوطنيَّة للعراق الواحد المستقلّ وهنا برزت عبارة الأقليَّات القومية أو الإثنية وهي بالفرنسية (Les minorites ethniques ) وبالإنكليزية (Ethnic minorities ) التي هي موجودة في كلِّ دساتير العالم لكنَّها مضبوطة بمعايير العدالة والمساواة والمواطنة التي لا تقصي على الهوية الطائفية ولا تقرِّبُ على المزايا العائلية والمذهبية فعلى المواطن أن يؤدي واجباته المنوطة به وعلى الدولة والمؤسَّسات تحقيق الحياة المزدهرة الحرة الكريمة والرفاهية له ولأبنائه بما لا يجعل حقوقه مهضومة ملغاة تحت أيِّ مسوِّغٍ أو تبريرٍ غير مقنعٍ في دول العالم التي تقسِّمها السماء كي تنزل الحداثة من أوسع أبوابها على أراضيها بما يشفي هذه البلدان ويخلِّصْ شعوبها من نمط العيش القديم أو يخرجها إليه بعد انتهاء مرحلةٍ كان لا بدَّ منها في سياقات البنيان المجتمعيِّ الذي لن ينقلب فجأةً رأساً على عقب بل لا بدَّ من خطط ممنهجة ودساتير مدروسة تضع المرأة قبل غيرها في صدارة الدستور وتحدِّد دورها البنيوي العميق في بناء دول الحداثة في قلب ولجَّة العالم الثالث المقهور المرأة التي يستنطقها التغيير الوطنيِّ فلا يقدرُ على النطق بدونها بعد هذا البنيان المرصوص بها والمتعالي بوجدانها الحيِّ فلم تعد رفقاً بالقوارير عبارة تسوِّغ منطق استعبادها ولا بدَّ من دستور يشفي تطلّعاتها !!...................

الشعائرُ الحسينية ومقلوبة بيتر غالبريت مواد اجتاحت الدستور العراقيّ بلغةٍ بشعة لا بلغةٍ صحية مقلوبة غالبريت التي جاءت في المادة 115 من الدستور العراقيّ والتي تبدو كمفتاح مصنوع خصِّيصاً لتفتيت دولة العراق والتي جعلت كلَّ ما لم يُنصُّ عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحاديّة من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم وأمَّا الصلاحيات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم ستكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم في حال الخلاف بينهما وهنا نفهم أنَّ الصلاحيات ليست بيد بغداد الحكومة الاتحادية بل بيد الإقليم والذي هو  سيعطيها الصلاحيات وإن حدث خلاف ستكون الغلبة لزعامات الإقليم وليس لبغداد بموجب نصٍّ دستوريٍّ ما يجعل يد الإقليم مطلقة في سرقة نفط وثروات العراق !! ...

و ها هو ستيفان دي مستورا ينصِّبُ من نفسه حصان طروادة لفرض دساتير وفيدراليات وحكومات اتحاديَّة تلطم خدَّ الدولة السورية العلمانية وتصيب الخدَّ الآخر بورمٍ جرثوميٍّ دينيٍّ إن استفحل سيحتاج لقاحاتٍ وخزعاتٍ وحقناتٍ طويلة الأمد كي يشفى هذا إذا عرف سبب الورم أصلاً فهم يخلطون المعايير ويدخلون الحابل بالنابل كي تضيع كلُّ صيغةٍ قانونيَّةٍ لبقاء الدولة السوريَّة موحدَّة غير مفتَّتة ويعملون ما بوسعهم لفصل الروح عن الجسد ولتقطيع أعضائها وجعلها أشلاء هامدة لا تملك سلطة تغيير محافظٍ ولا سلطة تعيين رئيسٍ منتخب لأنَّ هكذا حكومات دول من المفروض أنها مستقلة  إن تمَّت بالصيغة التي يريدون ستكون نتاج توافقاتٍ دوليةٍ وإقليميةٍ كبرى بعيداً عن أيِّ مرجعيَّةٍ شعبيةٍ واعية صاحية تدري ما يجري حولها وعن أيِّ مصلحةٍ وطنيَّةٍ جامعة ضربت أواصرها المحاصصات الطائفيَّة والعرقية والعشائريَّة والطائفية والمذهبيَّة والمناطقيَّة وهنا لن ندخل في توازنات المركزية الإدارية واللامركزية الإدارية ولن نتحدَّث عن حكومة التكنوقراط بل سنقول ونحن أمام ضمائرنا نتساءل لماذا ننظرُ إلى الأقليَّة بعينٍ وإلى الأكثريَّة بعين أخرى ولماذا ثقافة العين السليمة والعين العوراء دوماً تجعلنا ننظر من اتجاهٍ واحد فكلُّ ما لا نراه صحيحاً نفقأ عيون قائليه وكلُّ ما نراه صحيحاً نريد فرض جبروته على رافضيه وهذا ما لا يصحُّ في دولٍ تبحث عن  وجودها الحداثويِّ كي لا يلفظ التغيير الوطنيِّ أنفاسه على مذبح نزاعاتنا وكي يبقى الوطن بوصلة الإنسان نحو الائتلاف والتلاقي مع أخيه الإنسان ولنبتعد عن قاعدة لا شيء يجمعنا إن فرقتنا السياسة والأديان فما بين أيدينا إن عزَّزناه بالمحبَّة في قلوبنا لا بدَّ وأن نرتقي به إلى حيث تغدو بلداننا على سدَّة العالم وإلى حيث تغدو  شعوبنا في طليعة الأمم فهل من سامعٍ يا أهل السياسة ويا أهل الذمم ؟!!

 

بقلم الكاتب المهندس ياسين الرزوق زيوس 

 

في المثقف اليوم