آراء

أجاد ترامب سياسة الحرب الباردة وتلاعب بالروس واظهر قوة أعادت حلفاء أمريكا

استطاعت أمريكا أن تدير حربا باردة جديدة ولفترة قصيرة مع روسيا تحديدا منفردة عن المحور الذي يتبعها فقد تلاعبت بمنتهى الحذق والدهاء من خلال تصوير المصير المشترك الذي يربطها والاتحاد الروسي والقواسم المشتركة  بينهما .

كان الملف السوري ومكافحة الإرهاب قد شكل مدخلا للتقارب وتلك التفاهمات الهامة إلى الحد الذي أمكن الامريكان أن يجزموا أن لا حوار ولا حل للازمة السورية من دون أن يكون الأسد في مقدمة هذه التسوية مستبعدة كل الاستبعاد ما ذهبت أليه المعارضة عن استبعاد الأسد من أن يكون له دور في مرحلة ما بعد أنها الحرب .

كيف تغير الموقف الامريكي بهذه السرعة؟ وفي النقيض تماما مما كانت قد اقتنعت به الخارجية الامريكية وهل كانت خان شيخون ذريعة فقط لاستغلال إعادة احتواء المحور الامريكي واستعادة تركيا المحايدة من حضن الروس الذين سيطروا عليها في غضون الأشهر الاخيرة أم أن التخابر والاستخبارات الامريكية هي من وجهت دفة هذا الفعل المروع  للإنسانية "ذريعة مفتعلة" لإحداث التغيير المحمود الذي من خلاله تستطيع استعادة مكانتها ومن غير الممكن لأي جهة أن تعارضها وهي تقف مدافعة عن الانسانية في وجه الإبادة المخزية التي حملتها الأسد ونظامه .

لا أحد من المتابعين للسياسة الامريكية تخيب قراءته لما أقدمت عليه أمريكا "فيتنام ,العراق ,امريكا اللاتينية ,احداث 11سبتمبر مثلا للذرائع التي تمكن أمريكا من بسط خارطتها التي كانت مخبئة وتظهرها في الوقت المناسب .

عرفت أمريكا أنها لا تكترث لأمر الضحايا التي تكون خارج دائرة مصالحها الضيقة  أو أن تدخلاتها تأتي انتصار للإنسانية على حساب سياستها وقضية مصالحها وأمنها وأن كل ما تقوم به لا يصب في مساق توجيه ضربة موجعة لأعدائها وتقدم ما يبل ريق حلفائها الذين عطشو كثيرا لروية ما يضر بالنظام السوري خاصة بعد أن تمكن من  محاصرة منابع البور التي تعمل على تقويض حكمة وعملت روسيا على استخدام ضغوطاتها لتحجيم الداعمين لهذه الجماعات المناهضة للأسد .

موقف تركيا التي يتأرجح دوما وتمكنت الضربات الامريكية من استعادته لصفها بعدما ذهب بعيدا عنها في فلك التوجهات الروسية التي وقفت قاب قوسين أو أدنى من إخراج الأسد من محنته وكادت أن تحصل على استقطاب نصف المعارضة السورية وتكسب تركيا وتثبط حلفاء أمريكا وأمريكا نفسها من الاستمرار في وضع نظام الأسد كهدف استراتيجي يجب ازالته .

روسيا تعتبر ما أقدمت عليه أمريكا اعتداء سافر عليها وليس على الأسد إلا أنها لم تظهر قيضا بحجم ما تعرضت له من صدمة واعتبارها صفر في ميزان السياسة الأمريكية التي لم تنظر أليها وربما أن ترتيبات سوف تعمل لإعدادها لاحقا لمجابهة ثورة ترامب الجامحة التي لم تحسب حسابها إطلاقا وكان مطار الشعيرات من خفف هذه الثورة .

 

بسّـــــام فاضل 

 

في المثقف اليوم