آراء

رؤية: إجتثاث الفكر والاجندة الوطنية

nabil ahmadalamirعندما نتصارح مع أنفسنا في ساعات الصفاء والنقاء الفكري والبعيدة عن التأثيرات الدينية او السياسية، نجد أن كل التجارب العراقية والعربية والعالمية أثبتت أن أصعب الحروب هي حروب إجتثاث الأفكار والمناهج . . خصوصاً بعد ان يكون قد سيطر على تلافيف دماغ بعض البشر نتيجة الإيمان به، او الجهل المجتمعي .

لذا فشل نظام البعث في محاربة فكر الدعوة الاسلامية رغم كل المشانق والمذابح التي ارتكبها بحق العراقيين، وفشل النظام العالمي (لحد الآن) من إقتلاع المنهج والفكر النازي الذي روّع الاوربيين، وفشلت كل محاولات نزع فكر الكراهية بين المسلمين والأقباط في مصر .. وغيرها الكثير من الأمثلة العربية والعالمية .

واليوم يرتكب أصحاب القرار العراقي نفس الخطأ الستراتيجي عندما يبقى البعض منهم مُصِرْ على التوقع في محور ستراتيجية الإجتثاث، حيث يستغله لأغراضه ومصالحه الشخصية والسياسية بقصد او بصفاء نية، بدون استخدام الطرق العلمية الحديثة لمحاولة النجاح او السيطرة على الأقل في إجتثاث فكر معيّن سيطر على العراق والعراقيين لعقود طويلة، او سنين او شهور وحسب نوع الفكر ومتبنيه، والذي إستطاع خلال هذه الفترات من ترسيخ آيدلوجيته وفكره ومنهجه، وتجنيد مجاميع كانت ولازالت مؤمنة بهذا الفكر (بعثي كان او داعشي) .

لذلك نرى أن على الحكومة التنفيذية ومجلس النواب (الموقر) ولجانه المختصة، والنخب الثقافية العراقية في كل إتجاهاتها الأدبية والإعلامية والفنية ان ينتبهوا لهذا المفصل المهم في محاربة الإرهاب وفكره التدميري، والذي غاب عن الكثير، نتيجة الحماسة الوطنية، او العداء الفكري او السياسي لهذا المنهج او ذاك، خصوصاً ونحن اليوم نواجه أسوء فكر ارهابي متمثل بفكر داعش الذي هو بلا شك نتيجة لفكر وفتاوي إنطلقت من مئات السنين .. استقرت أخيراً في عقول الكثير من الشباب العراقي والعربي .

ونرى أيضاً ان على الجميع التعاون في إستحداث وإعداد مؤسسات خاصة يُديرها متخصصون بعيداً عن المحاصصات الحزبية والمزايدات والحماسات غير الممنهجة، تعنى بنشر وتدريس برامج تخصصية لإعادة تأهيل المجتمعات التي كانت ولازال البعض منها حواضن للبعث او لداعش الارهابي او أي فكر متطرف آخر، في محاولة جادة للسيطرة أولاً على هذه الأفكار والمناهج التي تم نشرها في فترة حكم البعث او الاحتلال الداعشي للمناطق والمدن العراقية ثم الإنطلاق بعدها لغسل العقول من هذه الشوائب وزجها في المجتمع لتكون فعالة في بنائه وتنميته .

كما ارى ان على مجلس النواب والوزاراة المختصة والاوقاف العراقية ان تستحدث لجان لمراجعة المناهج الدراسية والمنشورات الفكرية وخصوصاً الدينية، وخطب المنابر، والملتقيات والصالونات الفكرية والدينية والثقافية، لمنع الفوضى الثقافية والفكرية التي يعيشها المجتمع اليوم نتيجة لتصادم الثقافات والافكار والمرجعيات والاحزاب السياسية، بكل توجهاتها وأفكارها وفتاويها وإنتمائاتها وولائاتها الإقليمية والدولية .

والله من وراء القصد .

 

د. نبيل أحمد الأمير

في المثقف اليوم