آراء

ضياع الشعب الكوردي بين التطبيل والتضليل

emad aliلو نُخرج السلطة الكوردستانية  ودورها من دائرة حياة الشعب الكوردستاني منذ انتفاضة اذار 1991 ولحد اليوم لربما كانت حياة الشعب الكوردي هكذا او افضل، ان لم نحسب ما كان تفرضه الاعداء من استغلالهم للمكانة المعنوية لوجود السلطة وما لها في حينه . الا ان الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية لكانت كما هي اليوم او حتى افضل في جوانب عديدة منها .

لنجزء ما نقوله الى ما نقصده بتفصيلاته . بعد الانتفاضة مباشرة وقعت كوردستان تحت رحمة الحصار الاقتصادي المباشر للسلطة الدكتاتورية في بغداد وانقطعت عن الشعب الكوردي تقريبا كل الاتصالات الخارجية وما تمسها، وتحمّل الشعب المغلوب على امره نتيجة ايمانه بما ناضل دوما من اجله، الى ان توضح له ما يحدث وراء الستار من قبل الاحزاب الكوردستانية، وتيقن بان ما يسير عليه هؤلاء ليس المامول ولحين اوصلوالاوضاع لحد الحرب الداخلية او ما يمكن ان نسميها بالحرب الاهلية الطاحنة في ظرف لم يكن يتوقعه العقل وفكر الانسان السوي .  انت الشعب الذي خرجت من تحت نير الاعداء الغادرين والمجحفين بقضيتك، وان كان الياس من الحال بشكل غير نهائي، وانت شعب لم تبني لك كيانا او اعتبارا بشكل رسمي  ومعترف، وتعيش تحت رحمة الظروف الدولية التي تطلبت الواقع ومتطلبات قرار مجلس الامن  المرقم 688 من الحفاظ على المنطقة المحددة وفق مقررات الامم المتحدة، بعد التشريد والتهجير الذي حصل بعد حرب الكويت والانتفاضة الاذارية .

هل يعقل ان تكون انت في وسط الطريق او في بدايته، وتبدا في خطوات التراجع بفعلك ويدك وانت ضحيت بالالاف من الشهداء من اجل هذا اليوم الذي تمنيته . انه جنون بعينها ولا يمكن ان يحدث لدى اي شعب يكون له قيادة واعية عقلانية حكيمة ومحنكة وله الخبرة على الاستشراف والاستقراء لمستقبل المنطقة وما يمكن ان يحصل للشعب بهذه الخطوات . صراع الاحزاب وصل الى قمته ولم يتدخل احد في وقف ما يودي بالشعب الى الحضيض داخليا او خارجيا الا في الوقت الضائع، وما فرضت اطالة الحرب هي مصالح العديد من الجهات، وبعدما وصلت الحال الى احتمال الوصول الى تهلكة النفس والذات،  بالاخص القادة المتنفذين المتحاربين والمتصارعين لعقود من اجل مصالح ضيقة التي لم تصل الى ما يهم الشعب بذرة، جلسوا وعضوا اصابعهم وندموا على ما فعلوه بعد خراب البصرة .

لقد تكالب العديدون على الكورد في تاريخه ولكن اذى الذات اصبحت هي المهلكة ووصلت الى حال كادت ان تؤدي الى الانهيار المماثل لما حدث في انتكاسة ثورة ايلول ، لولا مصلحة الجهات العالمية  التي تعمل وفق الاستراتيجية المدروسة لديها لهذه المنطقة بما فيها ما يسم الكورد وموقعهم وتاثيرهم على مخططاتهم الاستراتيجية وخططهم العلنية والسرية  .

ما نقصده هنا نحن اليوم وما يبدر من القادة المتنفذين والسلطة الكوردستانية المتمثلة بالحزب الديموقراطي الكوردستاني بشكل خاص قبل الاتحاد الوطني وحركة التغيير، لكونه يحتكر اكثر مواقع السلطة التنفيذية ومنها المالية والعسكرية والعلاقات الخارجية والثروات والاليات، وبيده المنافذ الرئيسية للخروج من الواقع المزري الذي اوصل الشعب بيده اليه نتيجة سلوكه وعقليته وتعامله مع الواقع الكوردستاني من منظور ما يهمه بشكل خاص فقط دون اي بعد نظر لما يهم الشعب الكوردي ومستقبله .

ان السطلة الكوردستانية وقعت في اخطاء كبيرة واثرت بدورها على سبل الوصول الى الهدف وتحقيق ما يهم مصير الشعب،  ولكنها انزلت بما فعلت وسارت عليه  الشعب الى الحضيض . وعلى الرغم من توسع فرصة التقدم بخطوات ثابتة لنيل المطلوب استراتيجيا الا ان هذه الاحزاب الكبيرة من حيث الحجم والقزمة من حيث  الفكر والعقلية والاداء والحفاظ على كيان الامة الكوردية،  لم تنتهز الفرص بشكل ايجابي وفوتتها دون ان تضع مصلحة الشعب ومستقبله بعين الاعتبار . وهي تحركت وفق تكتيكات حزبية مبنية على اهداف ومصالح شخصية وحزبية ضيقة لم تخرج من اطر شعاراتهم اللفظية البالية التي لم تكن عند مستوى تحقيق المبادي العامة والهدف العام وهو تحقيق حق تقرير المصير الذي راح ضحيته الدماء الغزيرة . وبعد ان ادركوا بانهم هم المسببين لما وصلنا اليه وان ندموا لكن كان بعد فوات الاوان وخارج الوقت والمرحلة التي كانت عليهم استغلالها، وعليه وصلوا الى حال لا يمكنهم ان يفعلوا شيئا الا ضمن التكتيكات والاهداف القصيرة الامد، وعليه بدءوا بالتضليل لتغطية اخطائهم ونتائج ما اقدموا عليه من الخطوات الفاشلة غير العقلانية واستهلوا المراحل ما بعد الادراك بخداع الشعب بوسائل مشبوهة وبطرق مكشوفة، ومنها محاولتهم كسب عاطفة الناس من خلال التزمير والتطبيل بلحن الاستقلال الذي اصبح شعار الربيع السنوي للقيادة الكوردية، اي وصلت حالهم الى ضياع  وخرج الامر من تحت ايديهم، وضيعوا الشعب بين التطبيل والتضليل بادعاءات مختلفة وفي مقدمتها الاستفتاء والاستقلال رغم ما اضاعوا هم الفرص والوقت لبناء المقومات الرصينة  لبناء الكيان الخاص بالشعب الكوردي، نتيجة خلافاتهم واخطائهم وعدم ادراكهم لما تتطلبه المراحل المتلاحقة واهتماهم الضيق بما كان تتطلبه وتفرضه الامور الصغيرة والجزئية لكل مرحلة دون النظر الى الهدف الاسمى وما يمكن العمل من اجله . وعليه امضوا هذه الفترة الذهبية بين التطبيل والتزمير والتضليل . ولم يبق الا الوقت الضائع ولا يمكن استغلاله بهذه العقول التي اضاعت اكثر الاوقات الملائمة، فكيف بها ان تستغل الوقت الاقل الباقي والمسموح للعب الاقوى والظروف الصعبة التي تواجههم اليوم بعدما افلت المرحلة الملائمة، وليس عليهم الا مواجهة المرحلة الاصعب . انهم قضوا على الكثير من الامال بعدم ادراكهم لما جرى ومشوا بما افرزته نوازعهم الخطرة وبها اثروا على مصير الشعب الكوردي او الى حدما ضيعوه، والغريب انهم لم يدركوا ما فعلوا وواصلوا على التضليل بعد كل خطوة خاطئة من اجل التغطية ومحاولة دفن افرزات نتائج اخطائهم الكبيرة . وعليه لم تظل الثقة المطلوبة  التي يمكن ان يوليها الشعب بهم من اجل تحقيق امالهم . فلا يعلم الشعب اليوم الى اين سائر بهذه العقول المتخلفة المبتذلة التي تحكمه اليوم وهي ليست بمستوى حتى المراحل الغابرة لحكم اية بقعة كانت . اذن ضعنا بين الخطا والتضليل والتزمير والتطبيل ودفنت الامال بتكتيكات مرحلية ساقطة في مكانها . ويمكن ان ننتظر الابخسمما نعتقد لو سرنا على ما سرنا عليه من قبل، وما نراه هو هو دون اي  تغيير من اي جانب يمكن ان نحسه .     

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم