آراء

محاصصة الطائفة ومحاصصة الترضية

ali mohamadalyousifكانت سّبة الحكومة السابقة، حكومة السيد نوري المالكي الاولى انها حكومة محاصصة طائفية قومية بامتياز، الى ان تم الاعتراف رسميا بان المحاصصة الطائفية اودت الى خراب البلد واخرجت قطار الديمقراطية عن خطه المرسوم في التصاعد والتبلور. واعترفت جميع الاحزاب والكتل السياسية داخل وخارج الحكومة، ان المحاصصة الطائفية المقيتة فرضتها ظروف صعبة احاطت بالعملية الديمقراطية والسياسية، واستهدفت اسقاطها بمختلف الوسائل ابتداءا من تدخل دول جوار العراق بالشأن العراقي الداخلي وليس انتهاءا باعمال العنف والجريمة وعدم الاستقرار واستشراء الفساد المالي والاداري، وتفاقم سوء الخدمات والبطالة والفقر. لذا ارتضت حكومة المالكي الاولى والمساهمين بها وفي مجلس النواب القبول بأهون الشرين امام احتمال سقوط التجربة الديمقراطية الدستورية، واعتبرت دورة الاربع سنوات التي امضتها والتي اصبحت خمس سنوات فيما بعد هي دورة مرحلية انتقالية لنبذ المحاصصة والبدء بانشاء مشروع وطني عراقي في تشكيلة الحكومة القادمة.

قبل انتخابات اذار20140 لم تكن هناك فئة سياسية او حزب او شريحة اجتماعية، جمعتهم هوية سياسية انتفاعية واحدة ومحاصصة فئوية، لم تجتمع على هوية الصراع السياسي في اقتطاع حصتها من كعكة الديمقراطية التي نخرها الاحتراب السياسي الكتلوي المناطقي وتفشي الفساد المالي والاداري، وتغليب المصالح الفئوية الضيقة على حساب مصالح الوطن العليا في التسابق الى البرلمان وحجز كراسي الحكم والوزارات. إذ كاد يصل الامر الى ان يكون لرئيس الجمهورية ثلاث نواب محاصصة ترضية. وتم تشكيل حكومة العبادي  على اسس من ترضية ومحاصصة طائفية مناطقية قومية تحت غاية تحقيق جمع الشمل ووحدة الكلمة وعدم اقصاء وتهميش أي مكون عراقي ليبقى بناء المشروع الوطني العراقي مغيبا ومصالح الشعب الحيوية والسياسية منعدمة.

الشيء بالشيء يذكر انه في اول تشكيلة حكومة عراقية انتقالية ابان وصاية بول بريمر بعد تغيير 2003  جاء الاخضر الابراهيمي الى العراق مبعوثا من الامم المتحدة قبل تشكيله وزارة اياد علاوي الأولى، وقدم الابراهيمي مشورته ونقل مقترح المجتمع الدولي والجامعة العربية بضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط في العراق من المستقلين واصحاب القدرة والكفاءة المهنية والعلمية والنزاهة الوطنية وان يكون تمثيل الاحزاب فيها والقوى السياسية محصورا داخل البرلمان فقط كهيئة تشريعية رقابية على عمل الحكومة. وفي ذلك المقترح الذي  لم يعمل به في جميع التشكيلات الوزارية العراقية بعد التغيير غاب المشروع الوطني وتعثرت الديمقراطية والعملية السياسية، وازداد الاحتدام التنافسي على تبوؤ المناصب الحكومية خاصة في تشكيلة الحكومة الحالية.

ان حكومة التكنوقراط والكفاءات الوطنية النزيهة المستقلة تعني:

1- انه بامكان الكتل السياسية ممارسة الديمقراطية التشريعية والرقابية على مجلس الوزراء بكل يسر وسهولة ونزاهة وشفافية، بعيدا عن المحاسبة من اجل الانتقام والتسقيط وتصفية الحسابات بين الاحزاب والكتل السياسية المتناحرة على المناصب والامتيازات في البرلمان والحكومة.

2- انه لايمكن ان تكون حكومة كفاءات وطنية مستقلة بترهل وزاري كما حصل في تشكيلة الحكومة الثانية للمالكي من اجل الترضية، اذ بلغ عدد الوزارات ثلاث واربعين وزارة يتبعها عشرات بل مئات من ملاحق ومستشارين في حين ان مجلس الوزراء في الصين يتكون من سبعة عشر وزارة فقط وكذلك في الولايات المتحدة الامريكية.

3- لايمكن لوزارة بعيدة عن المحاصصة اياً كان نوعها وبعيدة عن الوصاية الطائفية ان لا تعترف بحق المرأة في الحقوق والواجبات الوطنية ومشروعية مشاركتها الفعالة في العملية الديمقراطية والسياسية عن كفاءة ومقدرة علمية.

4- عدم تخلص العملية السياسية من محاصصة الترضية يضرب العملية الديمقراطية في مقتل ممثلا باستنساخ وتجذير النموذج اللبناني في بناء الحكومة واقامة هيكلية الدولة العراقية لعقود قادمة في نفس الوجوه ونفس قيادات الكتل السياسية، وامامنا الان نتائج النموذج الديمقراطي اللبناني وتجاذباته السياسية التي جعلت من لبنان بركانا لا يعرف في أي لحظة يقذف حممه النارية.

 

علي محمد اليوسف

 .

 

في المثقف اليوم