آراء

لم يبدد الديموقراطي الكوردستاني الشكوك حول ادعاءاته للاستفتاء

emad aliفجاة توجه البارزاني والديموقراطي الكوردستاني في لحظة نحو اجراء الاستفتاء لاستقلال كوردستان والاصرار عليها بقوة بعد سنين من خيبة امل جراء فشل السلطة الكوردستانية في حكم الاقليم نتيجة الصراعات الحزبية والمصالح المتعددة التي اصبحت عائقا امام تقدم اقليم كوردستان في كافة المجالات وفي واقع حال نشهد خلافات لم نجدها من قبل كما هي الان وفي وضع لم تتهايا فيه ولو ادنى نسبة من الضروريات والدواعم والارضية المناسبة لمثل هذه العملية المصيرية التاريخية .

يعلم الجميع بان هذا التوجه قبل ان يكون من اجل الهدف ذاته وهو تحقيق اماني الكورد في بناء كيانهم المستقل هو محاولة البارزاني وحزبه من انقاذ نفسهم من اغلال وقيود الفشل الذريع لسياساتهم الملتفة حول عنقهم، آملين القفز عن الاحداث من اجل عدم السقوط النهائي والبقاء على نفوذهم في التسلط على رقاب الشعب الكوردستاني دون وجه حق .

شكوك الشعب تكمن في ان البارتي لم يقدم يوما على خطوة دون ان تكون قد حسب ما يهمه ورئيسه والحلقة الضيقة في السلطة الحزبية لديه المتمثل بالعائلة وتوجهاتها ومصالحها، وعليه، فان الشعب له الحق في ان يشك حتى في مرام البارتي الصحيح الحق المفيد للشعب بشكل عام . وما يثبت الشكوك على حالها دون اي تحرك لتبدده هو عدم تحرك البارتي الجدي لتامين طريق الاستفتاء بشكل مطلوب وقانوني وباسلوب مطلوب وعدم ضمان الوسائل الضرورية لنجاح العملية برمتها . فان البارتي لازال يتكتك ويتعامل مع الاحزاب في هذا المجال ولكنه يصارعهم حول امور اخرى باسم الاستفتاء، والا كان من الواجب والأولى به ان يخطو بشكل وتوجه صحيح وملائم للعملية المصيرية الجبارة التي ينتظرها الشعب الكوردستاني في تاريخه والتي تتطلب الاجراءات والتضحيات المتعددة داخليا وخارجيا :

1- كان من المفروض ان ينزل السيد البارزاني من على كرسيه المثبت على الارجل الحديدية في قمة سري رش سائرا ومتوجها الى السليمانية كي يجتمع مع كافة القوى الرئيسية المعارضة له، من اجل تصفية النوايا بهدف الوحدة والتعاون والمشاركة في تسهيل مهام انجاز مثل هذه العملية الصعبة .

2- ان يثبت بارزاني عمليا نواياه الحسنة بعيدا عن التكتيك الحزبي باسم الاستراتيجية والمصير المشترك للشعب من خلال التنازلات السياسية المطلوبة منه لانها تقع لصالحه ولم تحتسب تنازعليه وعلى شخصه كما يعتقد وما يتصف به في سياساته المعروفة لدينا، لا بل تعتبر فخرا ان كان صادقا في تحقيق اماني الشعب قبل اي شيء يمس حزبه وشخصه .

3- الجدية في تشكيل مجموعة من اللجان المختلفة المهام لتوضيح الامر للقوى العراقية والاقليمية والعالمية واخرى لتبديد العراقيل الداخلية التي كان هو اي السيد البارزاني وحزبه السبب الرئيسي في تراكمها امام مسيرة التقدم الكوردستاني واوقع الشعب في مآزق وازمات سياسية واقتصادية لا داعي لذكرها تفصيلا هنا .

4- محاولة التجمع والتواصل للاحزاب من اجل تقسيم المهام والعمل المشترك ومن خلال الاتفاقات الضرورية حول الامور المصرة وما تتطلبها المرحلة والمهام الصعبة، ومحاولة بناء اجواء تدفع الى الاجماع في دعم عملية الاستفتاء والمشاركة فيها بكل ما يمكن شعبا وحزبا وقيادة .

ان ما نشك فيه في هذا الامر ان الديموقراطي الكوردستاني ورئيسه البارزاني لم يتحرك ساكنا خطوة واحدة بهذا الاتجاه عمليا’ مما يجعل في قلب كل متابع حريض غصة وحصرة من ان هذا الحزب يلعب باقدس الاهداف من اجل انقاذ نفسه وقياداته مما اوقعوا انفسهم فيه نتيجة تراكمات اخاطئهم المتلاحقة ويريد ان يخرج من الحالة دون ان يدفع ضريبة اخطائهم فقط، ولم يكن الاستقلال يوما يهمه اكثر من القيادة والحزب الذي اصبح هو الهدف وليس الوسيلة، مما يؤكده لنا التاريخ الطويل لممارساتهم المشينة في هذا المضمار .

و عليه يمكن ان يطمئن الكثيرون من الاعداء والمروجين لامور تدفع الى الوقوف ضد عملية الاستفتاء،و يمكنهم ان يستريحوا بعد ان نجد الخمول والتراخي من قبل من ادعى اجراء تلك العملية النوعية الصعبة مثل الاستفتاء تهربا كان ام قفزا على الاحداث عسى ولعل ان ينقذ بريشته من الوضع الذي اوقع نفسه فيه . وفي المقابل ليس جعبة الاحزاب الاخرى خالية من التهم التي يمكن ان توجه اليهم من جراء مواقفهم وتحركاتهم التي زادت من الخطوات المطلوبة اكثر صعوبة، اضافة الى مشاركتهم للبارتي في اخطائه وسياساته، اما اليوم نجد المواقف المتعجرفة والتعنت دون ان يتنازلوا ولو بشيء من اجل الهدف الاكبر ولم يضعوا المرحلة امام اعينهم، بل فتحت ابواقا نشزة للاراء والمواقف النظرية البحتة دون ان يتمكنوا من الخطوة العملية، وبالاخص ما نسمعه من الاراء والاقوال والتوجهات المراهقية السلوك والمكنون حول عملية الاستفتاء من قبل مريدي الاحزاب والمتملقين وبعض ما يصفوا انفسهم بالمثقفين سواء من الكوادر المحسوبة على الاحزاب المعارضة بجميع اشكالهم وبالخصوص بعض المحسوبين على المثقفين المعين بالاستقلالية من تحركاتهم ومواقفهم غير الوطنية والتي يكتبها التاريخ عليهم واصبحوا بوقا لهذا وذاك دون ان يكون وراء ادعاءاتهم اخلاص للقضية الاهم في تاريخ الامة الكوردية ودون ان يتخذوا موقفا يحتسبوا لاهمية الهدف وصعوبته ، ولم يسلكوا طريق غير ما تسلكه الاحزاب للاسف .

وعليه يمكن ان نصرح هنا، باننا لم نسترح بعد ولم تتبدد شكوكنا من حقيقة دعوات البارزاني وحزبه من جهة ومواقف الاخرين وتعاملهم مع القضية بعقلية تقدمية عالية وقارئة للواقع الذي نحن فيه من جهة اخرى . ولنا الحق ان نتخوف من ان الفشل سيقضي على الكثير من الامال للشعب الكوردستاني بشكل عام، ولم نلق فرصة مؤآتية لمثل هذه القضية مرة اخرى قريبا . وعليه فان التاريخ يلعن من يكون السبب في عرقلة عملية الاستفتاء والاستقلال المتصل به ولا يمكن فصله بحجة الوقت والتشاور لاكثر من مدة محددة .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم