آراء

القضايا السياسية المصيرية للعراق لا تحلها وسائل الاعلام

ali mohamadalyousifدولة المواطنة، دولة القانون والمؤسسات، دولة الديمقراطية الحقة، دولة تنظيم حياة المجتمع وتأمين الحريات بمسؤولية والتزام، دولة العدالة والتكافؤ بالفرص، دولة تجاوز الطائفية، دولة الدستور الوطني الجامع، دولة الانتخابات النزيهة، دولة القضاء العادل في محاسبة الخونة وسراق المال العام، دولة.... دولة..... وهكذا.

كل هذه المفردات وغيرها اضعاف هو ما يحتاجه العراق لبناء دولته وتحقيق مجتمع الامان والحياة الكريمة للشعب العراقي. مفردات يلوكها السياسيون الفاسدون ليل نهارويتشدقون بها على الفضائيات ووسائل الاعلام، لتسويق انفسهم للانتخابات القادمة.ولا احدا منهم يجرؤ على الاقتراب منها، او التفكير حقيقة وجدّيا بمعالجتها.

هل لمثل هذه المفردات السياسية وغيرها، ومنظومة الافكار المتعالقة بها، وغياب وسائل تنفيذ ووضع معالجات لها، اية قيمة حقيقية في حياة الناس؟ حينما تكون فعاليات خطابية وشعارات استعراضية عبر شاشات الفضائيات التي تتاجر بآلام ومعاناة وهموم الناس؟شعارات نجدها تتردد على افواه البرلمانيين والسياسيين في المؤتمرات المشبوهة، وخطب وبيانات اجتماعات الكتل السياسية والاحزااب!!

وبعدها لاتجد غير تأسيس وتجذير المخطوء المتداول في حياة الناس، وفي التربة المجتمعية العراقية، وزيادة معاناة الناس.ما فائدة تشخيص المشاكل والانحرافات السياسية القاتلة في غياب رغبة، ووجوب وضع المعالجات، والامور في سياقها الصحيح السليم؟

من الجلي الواضح ان فاقد الشيء لا يعطيه، ويكون من العبث ان تطلب من الفاسد ان ينتصر لاجراء قانوني يضع السارق للمال العام خلف قضبان المحاكم، وان تطلب من العميل ان يكون وطنيا، وهكذا مع جميع مفردات التصحيح والاصلاح السياسي المطلوبة الواجبة التنفيذ.

ان العقبة الكأداء في العجز عن تحقيق الاصلاحات في مجمل الانحرافات السياسية القاتلة، هو ليس في عدم القدرة على تشخيص الاختلالات واجبة الاصلاح، بل في غياب الرغبة الجادة، والقدرة على وضع الحلول التطبيقية موضع التنفيذ، فلا حاجة للسياسي ان يتشدق في التحدث بانحرافات يعرفها ابسط الناس وهو جزء منها

ويتحمل وزرها، ولا يتحرك ويعمل على ايجاد الحلول لها.

توصيف المشاكل وتناولها في وسائل الاعلام لا يعني حلّها، بمجرد وضعها مادة في التحليلات، والشد والجذب عبر شاشات الفضائيات، فهذه وسيلة تمييع وامتصاص نقمة الناس لأمور لا تتحمل تأجيل البت في معالجاتها، وتهّرب الاحزاب والسياسيين من القيام بواجبهم الذي من اجله انتخبهم الناس واجلسوهم على كراسي الحكم.

الذي يرغب في الاصلاح عليه وضع آليات تنفيذية تطبيقية لكل مشكلة من مشاكل الحياة السياسية، ولا يكتفي اعتماد وسائل الاعلام في حل تلك المشاكل. وبذلك لا يبقى اي معنى من المزايدات في طرح اشكاليات بلا حل، خاصة من قبل اناس مفروض بهم ان يكونوا ادوات حل.

لذلك يتوجب على كل سياسي مسؤول اخذ كل مفردة من مفردات الاشكاليات السيايسية، من منطلق بسط المشكلة وطرح بدائل حل تطبيقي لمعالجتها، فعندما نقول ان الدستورمليء بالالغام والمطبّات القاتلة، وثغرات لعبت دورا تخريبيا وتدميريا في تعطيل انطلاق العملية السياسية، نظرا للاشتباك المتعمد في تفسير مواد الدستور على وفق انتقائية تأويلية، بما يحقق امتيازات فئوية ومكاسب عاى حساب مصالح الشعب العراقي، بمزاجية تدميرية لفهم النصوص الدستورية، فالواجب قبل الاحتكام للدستور في حل النزاعات حول الاختلافات في التفسير، تصحيح اللبس في المواد، خاصة عندما تقر كل الاحزاب السياسية وجود مواد دستورية توجب المعالجة السريعة لها، فمتى تتم معالجة وتعديل نصوص الدستور، ونتائج قراءاته المصلحية المتعددة تتوالى وتؤزم العملية السياسية اكثر.

وعندما يقر السادة السياسيين ان قانون الانتخابات غير عادل ولا منصف، وان تشكيلة مفوظية الانتخابات تحاصصيا، افرزت انتخابات مزورة بامتيازعلى مدى 14 عاما، وعندما تقر بعض الكتل وتعترف بان وصاية السياسيين عاى المفوظية هو سبب التزوير والتلاعب بالانتخابات، فهل من المنطق تصحيح هذا الخلل من قبل (خبراء حكمة تشكيلتهم محاصصة!!).لتعيين واختيار اعضاء مفوظية جديدة؟

هل يكفي ان ندين الطائفية، ونغّيب الاجراءات القانونية لتنفيذ ذلك؟ هل يجوز عدم محاسبة السياسيين الذين يعملون جهارا نهارا، في التستر عاى الارهاب وتسهيل مهمة الدول في التدخل بشؤون العراق الداخلية.؟ وما قيمة ان ندين الفساد والمفسدين ولا يجرؤ احد على احالة الرؤوس الكبيرة التي نهبت اموال الشعب العراقي بالمليارات وتركها حرة طليقة تسرح وتجول؟!

لايكفي استغفال الناس بحل مشاكل السياسة عبر طرحها في وسائل الاعلام فقط، البلد لا يحتاج تشخيص العلل، بل يحتاج مشارط اطباء تستأصل الاورام، يحتاج معالجات ميدانية واقعية، ولا يحتاج شعارات اعلامية ومزايدات كلامية فارغة بالفضائيات.

 

علي محمد اليوسف

 

في المثقف اليوم