آراء

الدجل السياسي في العراق أمر واقع سواء تم الإعلان عنه ام لا

akeel alabodالدجل السياسي معروف منذ القدم، وهو 'تكتيك' تُمارس الطبقة السياسية من خلاله أنماطا مختلفة من الاكاذيب، لعلها تفلح بتعميم النموذج الأكثر تضليلا منها، لتحقيق حالة إذعان الشعب اورضوخه للواقع.

وهنالك أمثلة لا حصر لها في هذا الباب، حيث تسمع في التلفاز بان الحكومة قامت ببناء مشروع سكني، اشرف عليه المسؤول الفلاني، وهو من التيار الفلاني، ويذهب الاعلام بدعاياته وفقا لمساحات عريضة من هذا التضليل، وبالنتيجة ترى ان المشروع برمته لا يساوي  هذه البهرجة الإعلامية اوتلك، كونه أنما تم العمل عليه، ليكون من نصاب أعضاء مهمين في الحكومة، وهكذا كذبا تستمر لعبة السلطة مع الجماهير.

علما ان ممارسة هذه الاكاذيب، تعد ضرورة من ضرورات استمرار السلطة في احتكار المناصب لكتلها وتياراتها السياسية وتمرير مخططاتها من خلال إيهام العامة بذلك.

 ان طريقة تشريع القوانين الخاصة بالدستور العراقي هي  التي فوضت ذاك، وهذا من زعماء الكتل والأحزاب، لإدارة المشاريع الكبيرة لهم ولحواشيهم من الحمايات والأقرباء، حتى ارتفعت دخولهم الى درجة توهموا انهم أصلا يعودون الى طبقات ثرية، وصارت المقابلات تترى، وهي تحكي عن بطولات البعض منهم في أسواق ( ...) طبعا تبريرا منهم لحجم الأموال التي تم الاستيلاء عليها بطريقة السرقات المنظورة وغير المنظورة. 

لذلك وبغية اخفاء الوجه القبيح لها، عمدت السلطة  لالهاء الجماهير باتخاذ قرارات معينة منها حقوق اللاجئين  والمهاجرين، والصحفيين، والاعلاميين بطريقة تزامنت معها هذه القرارات مع الحملة الدعائية الخاصة بالانتخابات قبل توزيع 'السادة' على المناصب انداك. 

المعنى ان القرار الذي يبدو انسانيا للعامة، هو بحقيقته ينتمي الى وصفة سياسية بعيدة عن اي طابع انساني.

لذلك معظم القرارات المتخذة من قبل السلطة السياسية في العراق، وبضمنها حقوق الساسة جميعا، خاصة تلك التي تمت فيها 'عمليات التجميل والديكورات الصحية لمنتسبي البرلمان'  تكاد ان تكون 'رجس من عمل الشيطان' في اصلها، اي في حقيقتها الجوهرية،

حيث تجد انه بموجب هذه القرارات يتم تجاهل وتجاوز حقوق النسبة الأكبر من الشعب، بل التهامها من قبل الجهات المتنفذة في السلطة.  

والذي زاد في الطين بلة انه وبلا مبالاة، شمر الكرد عن سواعدهم واتخذوا قرارا فرض بموجبه على الأطراف الاخرى مساومات جديدة، ومن ضمنها المطالبة بتخصيص نسبة اكبر من الموارد النفطية  لصالح العائدات العامة لما يسمى ميزانية الإقليم.

وهذه المساومة هي من حصة هذا الشعب الذي انتخب حكومة ضعيفة، ليتغاضى بالنتيجة عن حقوقه المسلوبة وقوته المسروق.

وبهذه الطريقة، وتلك أجهضت حقوق الكثير من المواطنين، بما فيها حقوق الارامل، ومعوقي الحروب منذ حرب الخليج الأولى، وحتى حرب التغيير الاخيرة.

لقد عمدت السلطة الى اتخاذ قرارات فرق تسد، فالقرارات التي يتم اتخاذها لصالح فئة معينة من الناس، تجد فيها اغتصاب لحقوق جهة اخرى قد تكاد ان تكون اكثر استحقاقا من غيرها.

فالقرارات الخاصة  'بالدمج'  مثلا، منحت بجانب هذا القرار، رتبا عسكرية عالية لبعض المنتسبين من المراتب، وترتب على ذلك منحهم حقوق إضافية، حتى تسافل المعنى الحقيقي للرتبة، وانتفخت جيوب أناس لا يستحقون حتى رتبة نائب عريف على حساب المستحقين الأصليين من هذا الشعب. 

وايضاً تم توسيع  رقعة الحمايات الخاصة بالسياسيين، وقرار تكريم العشائر، حتى ترتب على ذلك منح حقوق مالية إضافية، اجهضت الميزانية الخاصة بالدولة، واسقط بموجب ذلك حقوق ناس أولى بهذه الأموال. 

ان ما يختبئ خلف استار القرارات الخاصة بحقوق هذه الجهة، اوتلك أمور تدعو الى التفكر، باعتبار ان هذه القرارات هي نوع من المراضاة؛ يعني امضاء بعض الفئات على غض النظر عن تقصير الحكومة.

وهذا ما حصل حيث لعب الاعلام الحكومي دورا لتجاهل  سرقات كثيرة، من ضمنها مثلا بنك الزوية، وسرقات وزارة التجارة، والدفاع، والمشاريع الوهمية، والصفقات الخاصة بما يسمى كاشفات الألغام الكاذبة، وغير ذلك.

ان استعراض فن السرقات ليس بموضوع واحد، إنما هو مجموعة موضوعات، وكل واحد من هذه الموضوعات له صورة ومشهد تميزه عن غيره، مثله مثل دروب الساسة، والبرلمانيين والبرلمانيات. 

لقد أنتجت السلطة طبقة جديدة من الاثرياء والمتخمين، وذلك بفعل التسيب السياسي والاخلاقي للقانون الحكومي الذي أتاح المجال لنمو هذه الطبقة وتلك. 

ان فضح وتحليل  الدجل السياسي امر شرعي وأخلاقي تفرضه صرخات شعب يستغيث، حيث الخريج الذي يعمل عتالا في الشورجة، والجائع الذي يبحث عن نسبة  ولو١٠٪‏‏ من بقايا مخلفات الأطعمة المرمية في حاويات القمامة، والأرملة التي دفن ابنها تحت الانقاض، وضحايا الطبقة السياسية الذين تم اختطاف ابناءهم، اوتصفيتهم،

 وضحايا سبايكر، وضحايا التفجيرات من المعوقين الذين لا حول لهم ولا قوة لإدارة شؤون حياتهم، والبطالين، والفقراء، وكبار السن.

 

عقيل العبود/ ساندياكو

 

 

في المثقف اليوم