آراء

انحراف القيادة وسلبية النتائج

abdulkalil alfalahالاختلافات بين الأطراف والأحزاب السياسيّة في كل المجتمعات امر طبيعي وإلا لماذا تشكلت هذه الاحزاب اوالتشكلات وباتت واضحة للعيان ولا تخفى على أحد أنّ النشاط السياسيّ هو بطبيعته جزء من نشاط المجتمعّ الذي يعني بأنهم: أفراد يجتمعون معاً، ويعيشون في مكان معين، وتربط بينهم مجموعة من الأفكار، التي تتعلّق بالعديد من مجالات الحياة السياسيّة، والاقتصاديّة، وغيرها،

من الممكن تعريف المجتمع بأنه: جزءٌ من الواقع المرتبط بمجموعة من الأفراد، في العائلة الواحدة، أو مكان العمل، أو المؤسسة التعليميّة، وغيرها، ويوجد بينهم قاسمٌ مشتركٌ يعتمد على المكان أي المجتمع المصغّر الذي يعيشون فيه. أي اجتماع الناس على شكل جماعة، ويُعرف اصطلاحاً، بأنه: مجموعة من الناس، يرتبطون معاً بالعادات، والتقاليد، والأحكام الأخلاقيّة، ويحترمون بعضهم البعض، ويشكّلون في الحي، أو القرية، أو المدينة التي يعيشون فيها جزءاً من أجزاء الحياة الاجتماعيّة . ربطت وجود المجتمع بوجود دولة تحيط به، وأنّ الأفراد داخل المجتمع الواحد يهتمون بمصالحهم الشخصيّة، وأن علاقتهم معاً مبنيّة على العمل، من أجل تحقيق الحاجات الماديّة، وتلعب وسائل الإعلام اليوم دورا لا يستهان به في تكوين الاتجاهات والأفكار والتطرف فهي تؤثر بما تقدمه من برامج وأفلام وأخبار عن الأشخاص والأحداث.وتنمي بعض وسائل الإعلام مشاعر الكراهية والعدوانية التي تولد بدورها أفكاراً تبرر العنف وتكفر الآخر وتحرض على الانتقام،

اذاً فلابدّ أن تؤثّر السياسة في العلاقات الاجتماعيّة سلباً أو إيجاباً، فما مدى تأثير الاختلافات السياسيّة على العلاقات الاجتماعيّة والإنسان يمكن أن يكون مختلِفاً سياسيّاً مع جاره أو حتّى مع أخيه، فهل يؤثّر الاختلاف السياسيّ على علاقات الإنسان مع المختلِفين معه نعم ان الزعماء غير الواعية وبعض الرموز الفكرية المنحرفة تضلل وتخدع صغار السن والجهلاء من العامة وتغرر بهم باستعمال اللغة الانفعالية في التأثير عليهم وتغييرهم ويحرصون ان يربونهم ويعلمونهم من صغرهم على خلق الاقتناع في نفوسهم بأن ما يقوله هذا الشيخ أو هذا الزعيم من المسلمات وغير قابل للنقاش . وخلال الدراسات النفسية والتحقيقات لبعض المغرر لهم وباعترافاتهم الشخصية اتضح أنهم تربوا على أن يطيعوا هذا القائد كرموز بدون التأكد من صحة المعلومات وتعلموا أن ما يقوله من الأفكار كأوامر وأهداف لا نقاش فيه ابداً

وبلاشكّ مثل هذه الحالات لعبت دوراً سلبيّاً في المجتمع، خاصّة في الواقع السياسيّ الحالي في العراق وبسبب عدم الاستقرار السياسي بعد سقوط نظام البعث الحاكم، كثرت الصراعات السياسية، والطائفية فظهرت هناك موائد الذبح وحمامات الدم وجز الأعناق وتفخيخ المركبات. وأصبحت هذه البيئة مهيأة لكل انحراف في الفكر والسلوك فأخذت كل جماعة وطائفة وتنظيم يصدر الفتاوى والبيانات، والمنشورات المكفرة والمهددة للأطراف الأخرى، لان السياسة قد شكّلت تصدّعاً بين الشعب نفسه وكذلك تصدّعاً في الحالة الاجتماعيّة ولم يعد أحد يهتمّ بأحد بل كلّ شخص يتبع أفكاره وتوجّهاتِه، أمّا المختلِف في الفكر والإيديولوجيا فيتمّ النظر إليه كعدوّ، وهذه مسألة خاطئة انعكست سلبياً على المجتمع كله،لان الكتل والاحزاب الجديدة لم تكن مهيئة لهذه المرحلة لضعف الممارسة السياسية واعتمادها على شخوص قليلة التجربة كان لها تأثير سلبي على عمل الشباب والدراسة وفرّق المجتمع عن بعضه أكثر من تقريبه،، فعندما يكون العضو منتسِباً إلى حزب معيّن سيتعرف على أشخاص قد يكونون بعيدين عنّه وهذا يخلق حالة اجتماعيّة منفصِلة عن المجتمع ومنفصِلة عن الثقافة وعن العمل، وكذلك هناك جهل كبير من ناحية ممارَسَة السياسة في مجال المجتمع وعلاقاته .”ومن هنا لا يمكن تجاهل التأثير السلبي للسياسة على العلاقات الاجتماعيّة، فكثيراً ما يخلط الناس بين السياسة والعلاقات الاجتماعيّة، فيقومون بالتعامل مع بعضهم البعض على أساس العلاقات السياسيّة، وكل ذلك نابع من الجهل والسطحيّة لأنّ العلاقات الاجتماعيّة لابدّ أن تكون أعمق من العلاقات السياسيّة، فالسياسيّة تتحوّل وتتغيّر بين ليلة وضحاها أمّا الاجتماعيّة فثابتة وراسخة لا تتغيّر بسرعة هذه التيّارات السياسيّة التي تعمل حاليّاً في الساحة العراقية تفرض أيديولوجيّاتِها سواء بالمال أو عن طريق الإعلام ولم تدع مجالاً للنقاش، وتربية مجتمعنا السياسيّة تربية لاتجدي نفعاً والمواطن يتقبّل أفكار الإعلام بسرعة كبيرة دون تمحص مع الاسف ومن هنا ترى الارتباك السياسي في المجتمع، وبنفس أفكار الإعلام يتعامل المواطن مع جيرانه ومع المحيط الاجتماعي، أيضاً هذه الحركات التي تملك وتدير المال السياسيّ وتستغلّ الحالة المادّية الضعيفة للمواطن تجعل المواطن يمارس السياسة حسب التمويل وليس عن قناعة، وهذا المواطن يحاول جاهداً فرض أفكاره على الآخر للمحافَظة على هذا التمويل السياسيّ. وقد تعتمد على وجود اختلاف بين طبقات المجتمع، قبل أن تجمعهم دولة واحدة، وتقسم المجتمع بالاعتماد على الأفكار السياسيّة، والاقتصاديّة، بصفتها مؤثرة في الحياة الاجتماعيّة داخل المجتمع الواحد لذلك يجب أن تتم متابعة المجتمع بشكل دائم بتوعية وتعزيز الثقافة الصحيحة من قبل مراكز القرار، للمحافظة على المجتمع من الانحراف .

 

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

 

في المثقف اليوم