آراء

لماذا تصر ایران علی منع الاستفتاء فی كوردستان قطعا؟

emad aliمن يتمعن في موقف ايران المتكرر الرافض قطعا لعملية الاستفتاء التي من المزمع اجراءها في اقليم كوردستان وهي تعيد موقفها يوميا، يتاكد المتابع ما يجري في المنطقة من الصراعات والمعادلات التي تضع كل طرف في موقع معين منها وبالتالي  يفرض ما يلمسه كل طرف من كل توجه جديد يبرز او عند مسار التحركات المتعددة التي تحدثها التغييرات المتتالية وما وراءها في هذه المرحلة . موقف تركيا من كوردستان الجنوبية اقل تشددا من ايران ظاهرا، في حال موقف ايران من كوردستان الغربية اقل تشددا من تركيا والعكس صحيح ايضا ولاسباب مشابهة يحملها كل طرف ازاء كل جزء من كوردستان  .

ثقل تركيا في بغداد يختلف عن ثقل ايران، وتعامل بغداد مع ايران يختلف مع تعاملها مع تركيا وهكذا لدمشق وانقرة لكل من الاجزاء المختلفة لكوردستان وهكذا  الدول الاقليمية ذات الشان .

هذا اقليميا، اما عالميا وما تفعله الاطراف المؤثرة على المعادلات في المنطقة وما تفرضه مصالحهم متشابك ومتشعب بشكل لا يمكن ان تتشابه في اية دولة او موضوع او مرحلة، وان الغرب ان كان تعامله مع هذه المنطقة قريب مع البعض الى حد كبير الا انه لا يمكن ان تكون مواقفهم قريبة من مواقف روسيا والصين وبعض الدول العربية ومنها الخليجية وتركيا حول المواضيع ذاتها .

فان قرانا هذه المواقف من منظور ثقل ومصلحة ودرجة نفوذ كل طرف في هذه الدول او مدى قوة الصداقة او التنسيق والتحالف بينهم في شؤون مختلفة تخص الدول التي يعيش فيها الكورد، سوف يتوضح لدينا شكل ونوع وجوهر كل خطوة يتخذونها ازاء المتغيرات او ما يجري يوميا في عموم منطقة الشرق الاوسط بشكل عام، ومنها ما برز اخيرا كعملية لها تداعياتها ومعطياتها على الجميع الا وهي عملية الاستفتاء في اقليم كوردستان وما تمس هذه العملية كل طرف وفي مقدمتهم ايران وتركيا بناءا على علاقات ومواقف الطرفين مع السلطة الكوردستانية من جهة ومدى نفوذ كل طرف في بغداد من جهة اخرى اضافة الى ما يمس دول العالم وستراتيجيتهم في المنطقة .

ايران تعتبر بقاء العراق الموحد بعيدا عن التشتت هو الاولوية لمصلحتها، وما يؤثر عليها من استقلال كوردستان اكثر تاثيرا على مصالحها الاستراتيجيةليس في العراق فقط وانما في المنطقة على حد سواء ، وهذا لاسباب كثيرة وفي مقدمتها نظرات وفق قواعد مذهبية وما تهدفه استراتيجا في المنطقة وكيف يمكنها من تثبيت اقدامها بشكل اكثر قوة ورسوخا  لما بعد هذه المرحلة وعند انتهاء داعش وبروز وتجسيد مرحلة جديدة مغايرة تماما لما بعد سقوط النام في العراق . وكذلك تدرس ايران علاقاتها مع اطراف اقليم كوردستان ودرجة نفوذ كل طرف حال استقلاله والعلاقات التي تربط كل طرف كوردي مع غريمها تركيا وامريكا وكيف يقع ثقل كل طرف وما تستفاد هي او الاخر من العملية في نهاية المطاف . تركيا ربما لا تصر على رفض الاستفتاء بشكل قطعي او بدرجة ايران كما هو المعلوم ظاهريا لاسباب عديدة ومنها؛ انها تعلم بان ايران لا يمكنها ان تسكت عن هذه العملية لما فيها من افرزات سلبية على استراتيجيتها وهي تنتظر موقفها النهائي وفعلتها في اي وقت كان، ومن ثم انها تتحفظ بشكل ما لتحين الفرصة التي تتدخل ان تيقنت بان حليفها الداخلي الكوردستاني لا يمكنها ان تحفظ على مصالحها في حال تنفيذ هذه العملية ووصولها الى النهاية، وانها تركز على كوردستان الغربية وتركت اقليم كوردستان شيئاما لمن يعمل على  ما تريده  وتهدف دون ان تتدخل هي وباكثر قوة وامكانية كما تعتقد .

اي قوة واصرار تركيا الخفي على رفض الاستفتاء لا تقل عما تحمله ايران من الرفض، الا ان ايران تعمل وتنفعل لانها اكثر الماما واهتماما ببغداد وهي معقلها السياسي ومحل نفوذها الاقليمي ان صح التعبير، وتريد ان تفرض خطوطها ورسوماتها، في حين ومن جانب اخر ربما يمكن ان تفكر تركيا بان تكون هذه الدولة المستحدثة في حضنها بشكل واخر وقاطعة بها جزء من قوة وثقل واهمية نفوذ غريمها في حال بناء دولة كوردستان, وهي ستكون في نهاية الامر مظطرة لتقبلها كما تقبلت الواقع الموجود في اقليم كوردستان بعد رفضها حتى التعامل معه بداية، او مفكرة بانها يمكن تتعامل معها كشمال القبرص وضمها بشكل واخر اليها او وضعها تحت تصرفها ووصيتها . 

اضافة الى الصراع المذهبي الخفي والعلني بين المذهبين السني والشيعي اللذان اصبحا عامل وارضية للخلاف وربما لنظرتهما الى الاستفتاء من جهة وعقيدة او فكر ووسيلة لبسط النفود من يعتبر نفسه راعي وصاحب كل مذهب، اي بين السعودية من جهة واران في اخرى . وما يخيف ايران بشكل اكبر انها ترى  بان ايدي السعودية ستصل الى حدودها وستكون خنجرا بتارا لقطع املها في بناء الهلال وتثبيت موقعها وتجسيد خريطتها في المدى القريب او البعيد في هذه المنطقة .

هذا ويمكن اضافة الى عوامل ذاتية مشتركة بين هذه الدول الاربعة التي ينقسم عليها الكورد شعبا وارضا وامكانية والتي تفرض عليهم  رفض الاستقلال الكوردستاني جملة وتفصيلا، خوفا من التاثيرات البعيدة المدى عليهم داخليا ايضا ، ويمكن ان تكون كوردستان الشرقية هي التي يمكن ان تتاثر اكثر بما يجري في كوردستان الجنوبية، عدا ما تتسرب من اخبار  التوائم والتلائم والتنسيق الخفي بين طرف كوردي ما وتركيا لضمان بقاء كوردستان الشمالية بعيدة عن افرازات الاستفتاء في كوردستان الجنوبية وربما باتفاقيات خفية، وهذا ما يخيف ايران اكثر من امور اخرى وما تفرضه المعادلات المغايرة التي تقراها انقرة جراء الاستفتاء في كوردستان الجنوبية ليست كما تقرها طهران شكلا ومضمونا وما تتطلبه من العوامل المساعدة ويفرز منها جانبيا والتداعيات التي تؤثر سلبا او ايجابا على كل طرف .

 

عماد علي     

 

 

في المثقف اليوم