آراء

محاولة إفشال أرضية مؤتمر الصومام انطلقت من تونس

eljya ayshكادت الانشقاقات بين  بين جماعة بن بلة  محساس، وجماعة عبان بن مهيدي، أن تؤدي إلى الانفجار عندما أمر بن بلة محساس بنشر دعاية مضادة لمؤتمر الصومام انطلاقا من تونس في المنطقة الشرقية وفي الولاية الأولى والقاعدة الشرقية، وطالبه بأن يوهم المجاهدين بأن الثورة أصبحت بأيدي "القبائل"، ومن هنا يتضح الأمر أن الصراع بين قادة الثورة لم يكن سياسيا ولا عسكريا، أو بين مثقف وغير مثقف، وإنما كان الصراع "جهويا" وتفضيل منطقة إلى أخرى

بدأت علاقة عبن رمضان بأحمد محساس عندما أرسل ياسف سعدي إلى باريس للقاء أحمد محساس قصد معرفة أسباب عجز الوفد الخارجي عن إيصال التمويل، خاصة وأن محساس كان مصاليا وحاول أن يوجه أنصار مصالي الحاج نحو الجبهة ويقطع الطريق أمامه، بعدما بسط نفوذه على المهاجرين الجزائريين، وبدأت مرحلة الاقتتال بين الجناحين ، واصدر فيلالي حكما باغتيال محساس وقربوش، كما أن محساس كان يرتاب من عبان رمضان من منطلق أنه "مثقف" ومن هنا أصدر الباءات الثلاثة أحكاما قاسية على عبان خوفا من أن يصبح عبان زعيم الثورة، وقد اشارت  الكثير من الكتابات  إلى أن محساس كان لا يتحرك إلا بإذن من بن بلة، وكانت رسالة بعث بها محساس إلى مجاهدي الولاية الأولى عن طريق شيهاني بشير كشفت نوايا الثنائي محساس وبن بلة في الاستياء على قيادة الثورة ، كان محساس وبشهادة رفقائه يتقن أساليب المناورات من اجل ضرب عبان وجماعة الداخل، في ظل هذه الانقسامات التي أكلت الوفد الخارجي ،  فضل بن مهيدي الالتحاق بعبان وكريم بلقاسم، لأنه رأى أن وجهات النظر بينه وبين عبان كانت متقاربة، فكلاهما مثقف، وكانت لهما رؤية واحدة تجاه الثورة، ، حيث أراد الاثنان أن تكون للثورة أبعادها الإيديولوجية، وإخضاع العمل العسكري للتصورات السياسية، خاصة وأن بن مهيدي من جهة  كان المنشط الرئيسي لمؤتمر الصومام،  ومن جهة أخرى الاتفاق على أولوية الداخل على الخارج، وأولوية السياسي على العسكري، واستقلالية الثورة، أي عدم تبعيتها لأي جهة كانت، كانت هذه أسباب رفض محساس نتائج مؤتمر الصومام، الشيء الذي أكده الكثير من صانعي الثورة ومفجريها أن أرضية مؤتمر الصومام لم تنحرف عن خط بيان أول نوفمبر 54، كونها ركزت على شروط المفاوضات مع فرنسا، إذ جاء فيها أن وقف إطلاق النار مرتبط بشرك الاعتراف باستقلال الجزائر.

الانشقاقات بين جماعة عبان ومحساس  بلغت تونس،  عندما  تحالف محساس مع المناهضين لمؤتمر الصومام لتركيع عبان رمضان وفي وقت لم يكن الرئيس الحبيب بورقيبة راضٍ عما يحدث فوق تراب بلده من فوضى، وكان يوما قد صرح بالقول: (أشنو هذا دولة في قلب دولة؟؟)، وكان على عبان رمضان إلا أن يتدخل ليوقف محساس عند حده لكي يكف عن زرع الفتن بين المجاهدين، وحتى لما فشلت المعركة وقرر عبان مغادرة الجزائر نحو تونس، لم يكن يعلم أن محساس الذي كان الذراع اليمن لأحمد بن بلة، كان في انتظاره بأمر من بن بلة للانتقام منه، لكن إبراهيم مزهودي تدخل وقرر أن يرسل محمود الشريف إلى تونس للقضاء على الفتنة التي زرعها محساس ، في هذا الوقت بالذات خرج العقيد  أوعمران إلى تونس مكلفا بمهمة القضاء على سلطة بن بلة وجماعته من المناهضين لقرارات الصومام ، وتقدم أوعمران إلى الرئيس الحبيب بورقيبة لتقديم له اعتذارا رسميا، بعدما أمر بالقبض على محساس ووضعه تحت الإقامة الجبرية، في حين بارك بن بلة فكرة اغتيال عبان رمضان، وبعد اغتيال عبان عرفت الثورة فوضى عارمة وفقدت مركزا سياسيا قويا بإمكانه أن يجمع القيادات العسكرية.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم