آراء

الاكراد ومنهجهم في تدمير العراق

ali mohamadalyousifحين شن صدام حسين الحرب على ايران بتوريط خبيث من دول الخليج (1980-1988)، استثنى مشاركة الكرد في القتال الى جانب تشكيلات الجيش العراقي، استرضاءا لهم في عدم استغلالهم ظروف الحرب، واعلانهم تمردهم المعهود المتعاقب منذ تشكيل الدولة العراقية في اب 1920. حارب متمردي الكرد الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي مرورا بحكم الخالد عبد الكريم قاسم والى ما قبل الاطاحة بنظام صدام.

وفي الوقت الذي اكلت وطحنت تلك الحرب العبثية ارواح مئات الالوف من شباب الدولتين العراقية والايرانية، بقي الاكراد متفرجين ومغتبطين، كما امريكا واسرائيل بالضبط على المستنقع الذي دخله صدام وادخل الجارة ايران به ومعه.

وبعد اخراج صدام من الكويت على يد الامريكان ومساعدة جيوش ثلاثين دولة عربية واجنبية، وفرض الاميركان حصارا اقتصاديا وسياسيا جائرا، وصدور عقوبات دولية ظالمة بحق العراق وشعبه، وتغريمه مبالغ تعويضات خسارة حرب

لا زال الشعب العراقي ينوء بثقل تسديدها لدول وجهات ساهمت ولا تزال في تدمير العراق، رغم كل هذا وغيره اكثر، بقي الكرد لم يصبهم اي اذى وكأنهم ليسوا تكوينا عراقيا لهم ماللعراق وعليهم ما عليه، بل عمدوا الى الاحتماء بالحليف الامريكي- الصهيوني، في استحصالهم حماية فرض حظر طيران على شمال العراقي، ووضع حدود مرسومة على الارض لا يحق لصدام الاقتراب منها. وبدأ النفوذ الصهيوني

ينتشراكثر بالاقليم المستقل من ذلك الوقت، وبدأت الاستثمارات الاسرائيلية على قدم وساق في تعمير الاقليم، على انقاض خراب ومآسي بقية محافظات العراق. في وقت بقي العراقيون يعيشون على حصة غذاء تموينية تقيهم غائلة الجوع بما عرف باتفاقية (النفط مقابل الغذاء والدواء). وافق عليها صدام عام 1966(لا حظوا البصرة واوضاعها المأساوية التي تعيل كل محافظات العراق من ضمنهم مدن الاقليم وهي اليوم محرومة من ابسط الخدمات لينعم الاقليم باموال البصرة).

كما استغل الكرد الوضع الصعب للعراق، وضعف امكانات الحكومة العراقية العسكرية، وقاموا بالتمدد وقضم وضم (16) وحدة ادارية من محافظة نينوى وحدها، سكانها من العرب والمسيحيين والتركمان والشبك والايزيديين. ولا زال الكرد يعتبرون تلك المناطق المغتصبة هي اراض تابعة للاقليم، ومتنازع عليها. ويريدون ضمها للاقليم والسيطرة على ماتحويه من ثروات نفطية بكل وسيلة.

اما اذا اتينا الى استعراض وبشكل سريع جدا، الاسهام الكردي الخبيث في تمكين داعش من احتلال الموصل، والانبار وتكريت واجزاء من محافظة ديالى وكركوك

فدورهم التآمري القذر موّثق ومكتوب، وبخاصة تورطهم في سقوط الموصل وتسليمها لداعش في 10 حزيران 2014 مع بقية المتآمرين وهم:

- اميركا اوباما واسرائيل نتنياهو، وحملة ترامب الانتخابية وضعت النقاط على الحروف، بان داعش صنيعة امريكية بامتياز، وبتمويل خليجي، وافكار

سلفية تكفيرية طائفية وهابية.

- بقايا احزاب سياسية امثال الحزب الاسلامي، وتنظيمات بقايا النظام السابق.

- خيانة وتخاذل قادة وضباط عسكريين من الجيش والشرطة المحلية.

- خيانة بعض السياسيين المتنفذين في العملية السياسية من الطائفيين المسؤولين اداريا وعسكريا عن المحافظة.

- تخاذل وخيانة تنظيمات البيشمركة المسلحة الكردية، والانسحاب من العديد والمناطق التي كانت تحت سيطرة الاكراد في محيط الموصل وتسليمها لداعش على طبق من خيانة رخيصة قذرة. (لمعرفة تفاصيل اكثر يمكن الرجوع الى مقالتنا المنشورة على موقع المثقف : خفايا واسباب سقوط الموصل).

نعود الى مرحلة مابعد سقوط نظام صدام، فقد حصل الكرد على حصة الاسد من الكعكة الموروثة، وبتواطؤ انتهازي (شيعي- سني) في كتابة دستور يلبي مالم يكن يحلم به الكرد، ابتداءا من منصب رئيس الجمهورية العراقية للكرد، مع اربعة وزارات في الحكومة العراقية اثنتان منهما سياديتان. واكثر من عشرين نائبا كرديا في مجلس النواب العراقي، وحصة الاقليم في الموازنة المالية نسبة17 بالمئة، نقدا يستلمها الاقليم، هذا غير الدرجات الوظيفية التي يتوازعها الاكراد بموجب المحاصصة بالحكم من درجات خاصة ومدراء عامين وسفراء خارج العراق يمثلون الاقليم وليس حكومة بغداد .

كان اتفاق حكومة بغداد الهزيلة مع الكرد، ان الحكومة تدفع مانسبته 17 بالمئة من الموازنة المالية العامة في مقابل تحويل الاقليم قيمة مبيعات نفط خام عبر تركيا، (250) الف برميل من نفط الاقليم، لم يكتف الاقليم بعدم تسديد هذا المبلغ رغم تواضعه، واعتبر ما يتم تصديره من الاقليم عائدات له فقط، وانما قام بالسيطرة على نفط كركوك وبيعه بالتهريب الى تركيا وحكومة بغداد الوطنية تسترضيهم على هذا وغيره في سلسلة تنازلات معيبة جدا ومفرطة بابسط حقوق الشعب العراقي.

الآن يهدد الاقليم باجراء استفتاء انفصالي بعد سيطرتهم على كركوك وتغيير كل المقومات الديمغرافية الثابتة فيها عبر مئات السنين، بحق التركمان والمسيحيين والعرب سكان كركوك الاصليين وجعلها كردية كاملة ومحاولة

ضمها للاستفتاء المنوي اجراؤه واعتبار كركوك كردية!! وكأنما الاقليم غير منفصل ومستقل منذ التسعينيات كما ذكرنا، مثال ذلك هل يستطيع العبادي تحريك جندي عراقي في اراضي كردستان حتى المغتصبة منها، هل يستطيع العبادي ان يطلب من البيشمركة رفع العلم العراقي، هل يستطيع العبادي مطالبة الاقليم بمبالغ النفط العراقي المهرب عبر تركيا وبيعه؟

هل يستطيع العبادي اعفاء سفير كردي يتحكم بسفارة عراقية بنفس وتصرف شوفيني عنصري يحتقر به حكومة بغداد؟ اذن عن اي انفصال يعارض العبادي، وانه اجرى مباحثات معمّقة لحل المشاكل العالقة، بين الاقليم والمركز؟!

في ختام هذه المقالة لا امتلك انا وملايين من العراقيين سوى ان نطالب حكومة بغداد المتخاذلة المائعة ان تقف موقفا واحدا يحفظ لهم ماء وجههم وكرامتهم، ورغم معرفتنا جيدا تعقيدات الوضع العراقي على كافة الصعد، والذي يجعل رئيس الاقليم المنتهية ولايته يقول ان هذا الوقت نموذجيا لاعلان دولة الكرد، وهي فرصة ذهبية لا تتكرر، ورغم انشغال العراق بتنظيف الارض العراقية من بقايا داعش، الا ان الشعب العراقي يعرف جيدا افلاس كل هذه القوى السياسية الحاكمة المتنفذة، والامل الكبير امام العراقيين في تمكين القوى الوطنية الصاعدة، ممثلة بفصائل الحشد الشعبي البطل، فهم ذخر العراق وحماة مستقبله واجياله، وهم مطالبون بما يلي:

1- اجبار حكومة بغداد على عدم الاعتراف بكل نتائج الاستفتاء سواء تم ذلك ام لم يتم، واعتبار ما ينتج عنه تجاوزا على وحدة وسيادة العراق، وتحتفظ الحكومة بحق ازالة كل تلك التجاوزات بكل السبل المتاحة والوقت المناسب. وهذا ما يمنحه الدستور العراقي والقانون الدولي في حق العراق الحفاظ على وحدة وسلامة اراضيه من كل تجاوز او تهديد.

2- بعد تنظيف الارض العراقية من دنس الدواعش، تقوم القوات العراقية العسكرية بكل تشكيلاتها، تتقدمهم تشكيلات الحشد الشعبي الوطنية، بتحرير كافة المناطق المتجاوز عليها من قبل الاقليم واعادة الاوضاع على الارض كما كانت قبل نيسان 2003.

3- في حال اجراء استفتاء الانفصال، يتم اعفاء الكرد من جميع مناصب ووظائف الحكومة العراقية، بدءا من منصب رئيس الجمهورية، الى الوزراء، والى اعضاء مجلس النواب، وكذلك الدرجات الوظيفية من مدير عام، والسفراء والموظفين الكرد خارج العراق ممن يتقاضون رواتبهم من حكومة بغداد، وتسفيرهم لدولتهم.

4- اعادة كركوك محافظة عراقية بكل الطرق والوسائل، يتعايش بها التركمان والعرب والمسيحيين والكرد، بلا تمييز ولا تفريق كما كانوا عبر مئات السنين.

5- ان الحكومة العراقية غير مطلقة اليد بالتصرف بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب العراقي في اعطاء تنازلات اخرى لا معنى لها بحجة منع الاكراد عن الانفصال، وياتي يوم تحاسب رموز الحكومة الحالية حسابا عسيرا اذا استمرت في متوالية التنازلات المهينة للشعب العراقي، والعراق في كل الاحوال ليس بحاجة كرد ولاؤهم للصهيونية اكثر من ولائهم للعراق،

وليجرب الكرد الانفصال على حدود محافظاتهم الثلاث سليمانية واربيل ودهوك فقط، واغتصاب شبر واحد من اراضي المحافظات الاخرى تكون لغة القوة والدم فيصلا باعادة الحق لاهله.

نؤكد ان الحكومة الحالية بجميع احزابها وكتلها السياسية، لا تمتلك الحد الادنى من الوطنية في الحفاظ على العراق ووحدة اراضيه قدر اهتمامها التشبث بكراسي الحكم ونهب ثروات البلاد، وازدواج الجنسية لهم صمام امان هروبهم من العراق بلا محاسبة قضائية تضع سراق المال العام وراء القضبان، لكن الامل في القوة الوطنية الصاعدة تشكيلات الحشد الشعبي التي بامكانها وحدها فقط انقاذ العراق ووضع حد لمعاناته وتامين مستقبل اجياله.

 

علي محمد اليوسف

 

 

في المثقف اليوم