آراء

الحج المختطف

khadom almosawiارسل لي صديق من المغرب مقالا للاطلاع، بعنوان: الحج المختطف، بقلم الاستاذ محمد خير موسى، والذي وضعته بدوري عنوانا لهذا المقال، للتأكيد على ما ورد فيه، وتوسيع الاطلاع ايضا، واستكمالا بما انتهت إليه الأمور عموما من خلال الوقائع والأحداث وغياب الآفاق المشجعة على الامل والتغيير بحدودها القائمة، رغم انتصارات تاريخية مشهودة، وروح التفاؤل الدائمة.

جاء في المقال: عندما يجتمع قرابة ثلاثة ملايين حاج من اصقاع الدنيا ولا تكون خطبة عرفات عن همومهم الكبرى، وجراحهم النازفة، وقضاياهم الساخنة، ومشكلاتهم المتفجرة، فهذا يعني أن الحج مختطف. ويشير الكاتب إلى الهموم والمشكلات وخلو الخطبة منها وينهي كل فقرة بالعنوان، ليختم بالفقرة الأخيرة: وعندما يطالب خطيب عرفات الأمة الإسلامية جمعاء أن تبتهل الى الله ليحفظ سلمان وابنه محمد، ويفسح لهما باسميهما وصفتيهما تبجيلا وتفخيما حيزا من اعظم خطبة في العام؛ فهذا يعني أن الحج مختطف.

كما وصلتني من صديق اخر تغريدة لرجل من الجزيرة، د. عائض بن عبد الله القرني يقول فيها: لو أن التجار الذين سبق لهم أن حجوا ويزاحمون الحجاج بمخيماتهم صرفوا ثمن حجتهم على البطون الجائعة والأجساد العارية لكان اعظم لاجلهم عند الله.

ورد عليه المغرد من فلسطين نضال صيام كاتبا له: لو انك نصحت ولي امرك سلمان الذي صرف 100 مليون دولار خلال عطلته الصيفية في المغرب، أن يصرفها على البطون الجائعة والأجساد العارية لكان اعظم لك وله عند الله، ولو نصحته أن ينفقها على عاصفة حزم تتحرك نحو فلسطين لتحريرها لكان اعظم لك وله عند الله.

اما وكالة الأنباء الفرنسية فقد نشرت خبرا، وضعت له الصحفية الروسية ناديجدا  انيوتينا في موقع RT عنوانا يقول: بالأرقام...كم يدر الحج على الخزينة السعودية سنويا؟. ففي ظل ما تشهده السعودية من تراجع في إيراداتها النفطية الناجمة عن انخفاض أسعاره، يعتبر الحج من أهم الإيرادات البديلة للنفط لما يدره من مليارات الدولارات على الميزانية. وبلغ عدد حجاج هذا العام 2.350 مليون حاج منهم 1.750 مليون حاج من 168 جنسية قدموا من خارج المملكة. وينفق كل حاج عدة آلاف من الدولارات على السكن والتغذية والهدايا، هذا عدا عن مصاريف النقل الجوي.

قال ماهر جمال، رئيس الغرفة التجارية والصناعية بمكة المكرمة، إن "نفقات الحجاج (من الداخل والخارج) خلال هذا العام يمكن أن تبلغ 20 - 26 مليار ريال سعودي (5.33 إلى 6.67 مليارات دولار) مقابل 14 مليار ريال ( 3.73 مليارات دولار) العام الماضي". وعزا جمال هذه الزيادة "إلى ارتفاع عدد الحجاج بنسبة 20% هذا العام مقارنة بالعام الماضي".

ذكر المؤرخ لوك شانتر، المتخصص في الحج أثناء الحقبة الاستعمارية أنه "حتى اكتشاف النفط كان الحج يمثل المصدر الأول لمداخيل السعودية". وأضاف: "حتى قبل الإسلام كانت مكة موقعا تجاريا. كانت مكانا للتبادل التجاري الدولي اختلط فيه باستمرار الجانبان الديني والتجاري".

فهل خطف الحج؟! ولمن يحج المسلمون اذا كان حجهم مخطوفا ولمصلحة امثال المذكورين في الخطب والتغريدات؟! والى اين تنتهي القصة؟ ولمن المشتكى من بعد ومن قبل؟!. الحج مختطف هذا العام وكل عام، وخطيب عرفة ومكة، واي خطيب آخر،هو جهاز المذياع المختطف عقلا ووعيا وارادة. والحج مختطف اساسا لان الصمت متفشي، والخوف مترجل، والسيف فوق الرقاب مع الدولار والريال والدرهم. فالحج هو المليارات التي تدر على الميزانية، التي تفتح أبوابها لمن لا يستحقها وتغلق أمام المحرومين والمستضعفين والذين يتهدم بيتهم عند اول قطرات مطر شتائي.  هذا ليس حجا كما أريد له أن يكون ركنا وواجبا ومصداقا، باي معنى او دلالة او تقييم.

 الحج هذا مورد لمن اراده لخزينته وحمايته ولاسياده، ومؤشر لأوسع منه. ومن هنا .. ويل لأمة المليار والنصف مليار انسان اذا لم تحذر لنفسها ولم تتعظ من بلواها ولم تجدّ في دنياها وتعمل لخيرها وصالح الاعمال لها والإنسانية جمعاء. فاذا كانت في ركنها هذا لم تراع دينها ودنياها، ولن تدعو لها ولاجيالها أن يسترشدوا في الحكم وان يعدلوا في الثروات وان يعمروا ما خربته الصراعات والإستبداد والدكتاتوريات، ولم ينصحوا لحقن الدماء، وحفظ ارواح الابرياء، ووقف الحروب الفتاكة لخدمة الاعداء، وتحرير الارض المغتصبة والأوطان المحتلة والسهر على أمنها وامانها، والعمل من أجل يومها وغدها، فهي هنا قد ترسم طامتها بيدها، ويكون انحدارها واسعا، وخيبة الامال مؤلمة فيها. وليس الحج وحده مخطوفا، بل إن رؤوس ألامة مخطوفةً. واصحاب القرار فيها لا يرعوون وفي غيهم سادرون وفي تعميق المحنة مترعون وهدر الاحلام قائمون. ويل للأمة.. ترى خطفها والغرور بها ولا ترى الرد عليه، واعلاء شأن الحج والدين والايمان، قبل فوات الاوان.

 

كاظم الموسوي

 

 

في المثقف اليوم