آراء

انعكاسات الاستفتاء الكردي

ali adabakالاستفتاء على الانفصال في كردستان يعكس الشعور القومي الكردي المخزون والمكبوت منذ عقود والذي حرم الكرد من العيش في كيان سياسي يمثل تطلعاتهم في دولة خاصة بهم بينما دولة مثل شرق الأردن حصلت على كيان مستقل، وهو حلمٌ مشروع للكرد لا يمكن نكرانه.

أما الإصرار على المضي بالاستفتاء رغم كل النصائح المخلصة من أصدقاء وحلفاء اقليم كردستان ورئيسه السيد مسعود بارزاني والتهديد والوعيد الإقليمي فانه يعكس شخصية البارزاني العنيدة والقوية، ومن يعرف شخصية السيد مسعود فانه يدرك لماذا مضى البارزاني عكس هذا التيار؟.

اما انعكاسات هذا الاستفتاء وما حدث من إجراءات اتخذتها الحكومة الاتحادية منفردة او بالتعاون مع تركيا وإيران الذين اعتبرا خطوة مسعود بأنها مهددة لأمنهما القومي حيث يعيش في كل منهما أكراد بأضعاف ما يعيش في العراق، هذه الإجراءات والتي تُوجت بالسيطرة الاتحادية على كل كركوك في هندسة محكمة من قبل ايران وجنرالها القوي قاسم سليماني (في صفعة قوية لمسعود ورسائل إقليمية وللولايات المتحدة التي تقف عاجزة في اي فعل في العراق على المستوى السياسي والتي تخلت عن الوقوف مع حليفها الذي توهم او أوهمه زلماي خليل زاد والاسرائيليين بأنهم سيفككوا ويغيروا الموقف الامريكي الذي يخيب آمال مسعود وهوشيار زيباري الذي سخر كل جهده منذ تسلمه لوزارة الخارجية في جهد كردي يوازي الجهد المكلف به كوزير في بغداد)، وستنعكس خطوة الاستفتاء سلبا في وضع السيد مسعود البارزاني والشعبية الكاسحة التي حصل عليها قبل الاستفتاء باعتباره زعيما للأمة الكردية التي تخلو من زعامات قوية بل ستنعكس على وضعه كرئيس للإقليم بعد تاريخ حافل بالخلافات مع السليمانية وحزب الاتحاد الوطني، ومن المتوقع ان تبتعد السليمانية أكثر عن أربيل وربما تعلن نفسها كإقليم منفصل عن أربيل في مخزون من الخلافات بدأ يظهر للعلن إن لم يعاد تصحيح الأوضاع بينهما التي تميل لصالح أربيل.  

لا شك ان هناك تفاهما تركيا ايرانيا على خلخلة وضع مسعود وسحب كل البساط من تحته بحيث تتولى تركيا جهدها في أربيل وما جاورها وتتولى ايران السليمانية التي لها نفوذ محكم فيها ولم تثرثر كثيرا كما فعل السلطان التركي اوردوغان الذي يفوق حديثه فعله.

 وستنعكس عمليات السيطرة على كركوك في تشجيع الحكومة الاتحادية بفرض سيطرتها الغائبة والتي تخلت عنها طوعا او كرها لأسباب مختلفة وعديدة.

ايضا ستنعكس السيطرة الاتحادية على المناطق المتنازع عليها في ترسيخ صورة رئيس الوزراء حيدر العبادي والذي ادار الازمة مع مسعود بهدوء وحكمة وستضيف لرصيده الذي حققه في الحرب على داعش وسيحقق انفتاحا اقليميا واسعا وهذا سيثير حفيظة غريمه نوري المالكي الذي لا يسعده نجاح العبادي.

من المفارقات الغريبة في الوضع الكردي ان افضل واكبر حقوق وحريات نالها الأكراد كانت ولا تزال بالعراق وأكبر سحق وعمليات إبادة جماعية كانت ضدهم في العراق بينما تعدادهم يفوق باضعاف في تركيا وإيران.

لابد لمسعود ومن يناصره ان يتذكروا كيف سحقت جمهورية مهاباد في إيران وكيف تخلى عنهم شاه ايران بعد اتفاقية الجزائر في سلسلة عذابات للأبرياء الكرد نتيجة خطأ في الحسابات والرهان على من لا عهد له مثل اسرائيل وان الوضع الإقليمي يعاكس التطلعات المشروعة لحلمهم القومي وقطعا ستعيد تركيا وإيران حساباتهما في اي حقوق اضافية تمنح للكرد لانها قد تؤدي بالنهاية لما حدث بالعراق.

يحتاج الكرد وبغداد للدخول في حوار يؤسس لمعادلة قبول يحكمها الدستور والقانون النافذ او الطلاق بمعروف وليس من الصحيح ان يستمر الوضع كما كان طيلة العقد الماضي.

 

علي الدباغ

 

 

في المثقف اليوم