آراء

عين ترامب على الجغرافية العربية.. نيرون روما الجديد

altayb baytalalwiتشرشل: "الدمية السياسية، هو ذلك السياسي الغبي الذي يطعم تمساحاً، آملا أن يكون آخر من يُؤكل".

دونالد ترامب: ذلكم الجسم الغريب " الفضائي" الذي سقط من النيازك العليا على عوالم السياسة الأمريكية والدولية في صبيحة يوم من أيام أوخر عام 2015، .فكان منذ بداياته أثناء حملته الإنتخابية ذلك الرجل الإنفعالي الهائج الجامح، والجانح عن السياسة الأمريكية التقليدية، المتزأبق عن التصنيف والخارج عن السيطرة:

حفيد المهاجر الألماني الكاره للمهاجرين-

ترامب هو ذلك الرجل الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب بفضل " النظام الأمريكي القائم" والمسوق لنفسه كمتمرد على هذا" النظام" و" إستقلاليته عن " تعفنات البيت الأبيض التاريخية"-حسب زعمه- وإبن " فريد ترامب" المستفيد من لصوصية وشجع النظام الأمريكي، ليبني ثروة خيالية في ظروف قصيرة ومشبوهة .

فجرترامب السياسة الأمريكية من الداخل وشظظ نخبها، وحطم كل معطيات تقنيات الإعلام والتواصل والبروباغاندا التي أوجدها في عشرينات القرن الماضي"-حفيد العلامة فرويد-" إدوارد بيرنيس "وحطم قواعد " علم نفس الأعماق" وحيثيات علم النفس السياسي، وأرعب سياسي العالم وحقر مفكريه وأذل ساساته .

زار منطقة الشرق الأوسط لأسبوع واحد، فأحدث فيها شرخاعميقا، وأثارالتشانحات ما بين الأخوة العرب الأشقاء في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وأحدث من الفرقة والبغضاء في المنطقة ما لم يستطعه الإستعماران الفرنسي والإنجليزي لقرن كامل.ووضع عينه على الشرق الأوسط ليضمه إلى إمبراطوريته على هدي "ألكسندرالأكبر" بعد أن سلم له حكام الخليج مفاتيح بلدانهم، بقبول أدوار التبعية والاستخذاء التي أنيطت بهم من طرف "الأسياد"

ترامب، يدلي بإعجابه ببوتين في كل مرة يرد فيها على الصحفيين بشأن" التدخل الروسي في الإنتخابات الأمريكية" ويدعو إلى التقارب الروسي الأمريكي والتنسيق في المجالات الحيوية العلمية ومكافحة الإرهاب، لكنه يضرب دمشق ويهدد بقتل بشار الأسد -الحليف الصفي والوفي لبوتين –

توعد غيرما مرة بإحتمال بإحتلال إستعماري ثالث ونهائي لمنطقة الشرق الأوسط -بعد الإستعمارين: الفرنسي والبريطاني- من أجل الإستحواذ على أموال"العرب البدو"الأثرياء، وإستإصال الإسلام "الأصولي–الحركي التطرف الديني" ليضمن"أمن إسرائي "بصفة قطعية- حيث إقترن" أمن إسرائيل–منذ حملته الإنتخابية- بإعادة العظمة إلى أمريكا"

ترامب صرح بأن " الإسلام لا يحبنا "كما صرح مستشاره الأمني السابق " الجنيرال فلين "–المفصول لاحقا- بأن " الإسلام هو سرطان البشرية"، وبالتناقض صنف ترامب نفسه الحليف الأكبروالضامن لحماية النظام السعودي" الديموقراطي حتى النخاع"ومعقل"السلفية التيمية التكفيرية والوهابية المنظرة للغلو، والمغذية للحركات الجهادية .حيث تنقلب الحقائق في عقلية ترامب فتصبح إيران هي " المفرخة "للإرهاب والحركات المتطرفة، حيث دعا ترامب في خطابه التاريخي بالديار السعودية إلى توحيد العالم الإسلامي ضد الإرهاب، ومناهضة إيران" العدو التقليدي للعرب والمسلمين" .ومعقل الإرهاب والمفرخ للداعشية-فتأمل-

دعا في حملته الإنتخابية الى " الإنعزالية الويلسونية" ووعد بسحب كل القوات الأمريكية من كل البؤر الساخنة، كما   دعا إلى السلام الدولي في حملته ، إلا أنه صدم العالم في أول مناسبة له بالأمم المتحدة في سيبتمبر من عام 2017- ب"مسح " كوريا الشمالية من الخريطة، وإبادة حوالي 24 مليون نسمة، وهددبالتدخل العسكري بفينزويللا -لحماية المضطهدين في بلد " شافيز"- وإلى ضرب إيران العدو اللذوذ لإسرائيل والنظام السعودي –بتنفيذ أجندة ناتانياهو –بنفقة وتمويل " إثرياء الخليج الكسالي"- كما سماهم ترامب- الذين هم في أمس الحاجة إلى الحماية التي لن تقدمها أمريكا مجانا –كما الماضي- حسب تصريحه.

في شهر إبريل هذا من عام 2018، يجيش الجيوش الأمريكية والأطلسية- لضرب ضربة ساحقة لدمشق ومتوعدا بحرب عالمية ثالثة، متحديا بوتين فيما جابهت قوات الروس قواته على الأرض السورية،، بعدما وعد لأسبوع مضى وفي نفس الشهر بالإنسحاب من سوريا –إذا لم تدفع دول الخليج للبقاء – فحول بذلك الجيش الأمريكي إلى مجرد " مرتزقة" مما أغصب الإعلام المناوئ له – ثم إرتفعت شعبيته من جديد لإعلانه ضرب دمشق، ونعته بشار ب"الحيوان" ثم تراجع في طرف يومين ليجدد ضرب دمشق ويؤدب " الحيوان" بشار كما وصفه ترامب "برشاقة إسلوبه الديبلوماسي"

ترامب بكل هذا، قد تجاوز بنزعته الحربية المعلنة همجية بوش في حروبه العنيفة، كما تجاوزثعلبية أوباما في حروبه الناعمة والذكية، عبر" التدخل العسكري الإنساني الجديد بمعية فرنسا وبريطانيا" في سوريا، بتكرار ذات سيناريوهات "كوسوفو"و العراق وليبيا، ويعيد ذاكرتنا إلى العدوان الثلاثي على مصرعبد الناصر-مع غياب إسرائيل –صوريا- غير أنها طبخت العدوان ووزعت الأدوار على الكومبارس الثلاثي "المقدس" أمريكا –فرنسا إنجلترا-

سيواجه العالم العربي في مشروعه الجديد العدواني على سوريا: زبدة نظريات " البروباغاندات" الأمريكية مجتمعة لما بعد الحرب العالمية الثانية " المشرعنة للحروب الأمريكية القذرة منذ فظاعات نكازاكي وهيروشيما و الحروب التقسيمية لدولة كوريا في الخمسينات وحروب الفيتنام المخزية والهمجية الفاشلة في الفيتنامية، ولنشهد في خاتمة المطاف بأن" الإمبراطورية"لا تهمها الديموقراطية أوحقوق الإنسان، بل همها الوحيد والأوحد هو الإبادة المقدسة " التوراتية المزيفة للأغيار بالمنظور" "الأنجيكاليني- اليهودي "، والرغبة " الغريبة " في الإصرارعلى " تدمير الشرق الأوسط " والقضاء على ديانتيه " النصرانية والإسلام" عبرنشر الفوضى وتطبيق " النهاية" –بمعناها التلمودي- بإسلوب " ترامبي":بنكهة المقامر " و البييزنسمان" وتبجحات رجل المافيا ورعونة راعي البقر.

ترامب الذي وصف بشار"بالحيوان" يتصرف مثل "حيوان "هائج، يتخبط ويصارع الزمن، ويجري ضد عقارب الساعة لصرف الأنظار عن "مغامراته الجنسية القذرة "وعجزه عن تنفيذ "هذائاته" حول"إعادة العظمة الأمريكية" – التي لم تكن عظيمة قط في يوم ما، "وفشله في إنعاش الإقتصاد الأمريكي، وفشله في حل المعضلات الإجمتاعية –التي هي بمثابة القنابل الموقوتة في الداخل والتي ستكون البذرة الأساسية لإشعال"ثورات ملونة أوعنيفة، أو حروب أهلية "حيث سيكون الخطاب " الترامبي- الأصولي" الجديد، المبني على"الأصولية الماسيحانية العنصرية الصليبية" هو الفتيلة التي ستخرب –على المدى المتوسط- أمريكا من الداخل.

وأخيرأوليس آخرا : لماذا أجمعت كل الأطراف السياسية / الحزبان الديموقراطي، والجمهوري، والأحزاب الليبريالية/ وكل وسائل الإعلام الكبرى على دفع ترامب للعدوان على سوريا؟ حيث إرتفعت شعبية ترامب فجأة صبيحة يوم التالي للعدوان؟وهذا التساؤل يجبرنا- أنثروبولوجيا– لطرح هذا التساؤل: لماذا يعشق الشعبان " الأمريكي والإسرائيلي " الحروب"؟

 

د. الطيب بيتي

 

في المثقف اليوم