آراء

هل تصلح الديموقراطية للمجتمع الكوردستاني؟

عماد عليمجتمع خاضع ومحتل لكل هذه الحقبات الطويلة ويتسم بخليط من السمات الاصيلة والمستوردة وصاحب ثقافة متاثرة بصفات المحتلين فكريا وفلسفيا، اي لم يعد كما كان ولا يمكن ان تثبت فيه قيم جلبتها الاقوام الاخرى سواء عن طريق الغزوات او الاحتكاكات والتماهي مع البعض بطرق شتى.

مجتمع اسلاموي زردشتي كاكائيي ئيزدي بهائي مسيحي يهودي، مجتمع تقدمي وتخلفي في ذات الوقت مؤمن بالمستقبل وعابد للماضي ومؤمن بالمستقبل في الوقت ذاته، مجتمع يمدح العدو ويكرهه وينتقد الصديق ويحبه، مجتمع خليط متمازج بمعنى الكلمة ليس له شبيه، ويحتاج لدراسات وابحاث علمية دقيقة كي يبان على حقيقته ويقيّم وضعه ويطرح دراسيا وعلميا من اجل العمل على تقويمه وتعديله واصلاحه.

مجتمع مرّ بما مرت به المجتمعات الاخرى عدا ما دام عليه بذاته من افرزات الاحتلالات ولا يشبهه غيره فيه، انه اكتسب المستورد وبقي على بعض الاصالة ورفض بعض المكتسب ودام على اجزاء رئيسية من الاصالة وما انبثق منه وفيه في الوقت ذاته. ان كنا صريحين مجتمع تثبت عليه الفاشية والشوفينية والعصبية وليست نابعة من جذورها من جهة ومتمتع بالروح الانسانية الليبرالية النابعة فيه من جهة اخرى. ومن  نافل القول بانه مجتمع يرفض الجديد لمدة قصيرة فقط بل يتقبله على مضض بعد حين وبما  يتجسد فيه وكانه ولد من رحمه في نهاية الامر. مجتمع لين الطبع وعسكري الطباع، مدني الكينونة وعسكري السلوك والتوجه في اكثر الاحيان. شعب ومجتمع متاسلم واسلاموي في تصرفاته ومسيرته الجديدة بعد كل ما ذاقه على ايدي الغازين، وهو يستغل الدين لامور شتى ومنها مصلحية حياتية باسم اليوتوبيا وعبادة الغيب دون ان يستفاد منه كما يفعله الاخرون من الاعراق الاخرى. تحدث فيه مختلف الحوادث الغريبة وان كانت شاذة وفيه ما يمتنع عن حدوث اخرى، محب لغيره وفي اكثر الاحيان وهو كاره لذاته بعيد عن حب الذات من جهة وينقلب الى نرجسي واناني في احيان كثيرة من جهة اخرى.

مجتمع بهذه الصفات والمميزات الخاصة، هل يمكن ان تصلح الديموقراطية فيه وهل تنطبق كما هي بجوهرها ام انه يحتاج ايضا لخصوصية وديموقرطاية خاصة به بحيث تختلف عن الاخرى الموجودة في اية منطقة اخرى من العالم. الديمقوراطية كمفهوم فكري او باليات معروفة لدى العالم لا يمكن ان تصلح للمجتمع الكوردستاني وهذا يمكن ان ينطبق على المجتمعات في هذه المنطقة وكل بنسبة وشكل معينين.

الانتخابات وصناديق الاقتراع كوسيلة عصرية لبيان الافضل للادارة الذاتية, لم تعد وسيلة مثالية نتيجة الفجوات الكبيرة فيها التي يمكن استغلالها للخروج من الخط الرئيسي العام لها او الخروج بنتيجة عكس المراد كما يحدث حاليا في العراق واقليم كوردستان من ممارسة المسماة بالديموقراطية التي هي براء منها اصلا. ان كان الادعاء شيء والموجود على الارض غير ذلك، فان الامر يخرج هكذا، يؤمن بالديموقراطية ولكن تنخر جسده البيروقراطية والتوجه الدكتاتوري البحت في الواقع، يؤمن بالسلم حسب الادعاء ولدى الحزب الجيش يستعمله في اي وقت شاء ولدى الفرد قوة وسلاح يؤمن به قبل ان يسلك طريق الحوار والايمان بحق الاخر في التعبير عن رايه، يؤمن بالنزاهة والوحدة وهو يعمل على نشر الفساد والتشتت والابتعاد عن وحدة الصف. فكيف بديموقطراية سليمة محتاجة لارضية مثالية ملائمة لتطبيقها ان تنجح بهذه السمات والروحية الفردية والمجتمعية العامة. اننا نحتاج لاكثر من الفترة التي احتاجتها المجتمعات الاخرى للوصول الى نصف ما وصلوا اليه خلال مدة طويلة كانت ايضا اي نحتاج لوقت اكثر مما احتاجه الاخرون بكثير.

وبهذا المعنى والمعوقات الموجودة هل يمكن ان تستورد الديموقراطية وتطبق كما تريدها الجهات المؤمنة بها او المستفيدة منها وتريد بها ان تزيد من تثبيت نفسها عالميا بهذه الطريقة والفلسفة السياسية. اننا كمجتمع كوردستاني وبهذه العوائق الموجودة فينا امام تنفيذ الديموقراطية لابد ان نستنتج هل تصلح الديمقورطاية لنا ام هل نصلح نحن للعمل  بما هو المعلوم عن مفهوم الديموقراطية والياتها وتطبيقاتها، وانا شخصيا اؤمن بالدكتاتورية العادلة في هذه المرحلة وبما نتسم به من الصفات التي تزكيها حياتنا وتمتنع عنها وهي تعرقل الديموقراطية الحقيقية على ارض الواقع.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم