آراء

فرصة سانحة لليسار الكوردستاني لا تعوض

عماد علياليسار الكوردستاني بجميع توجهاته مشتت لحد كبير في هذه المرحلة نتيجة لعوامل ذاتية كوردستانية وموضوعية تكلمنا عنها كثيرا من قبل وبالتفصيل الممل، لا يحتاج للتكرار لانها كما هي وبكمها وكيفها ومضمونها منذ مدة طويلة. تاملنا في الحلول المتوقعة واقترحنا كثيرا لنستهل الخطوة الاولى لاعادة المسار الى سكته الصحيحة باقل الاضرار الناتجة عن الفوضى التي تضرب اليسار في كوردستان بعد الاحساس باليتم وعدم توقع النجاح بعد انعدام الثقة بعد الانحدار الذي اصابه منذ عقود, ان لم نتكلم عن المتنفذين لانه موضوع اخر.

اليوم وبعد الانتخابات البرلمانية الكوردستانية الاخيرة وعدم تلهف الشعب لصناديق الاقتراع وانعكافهم  بهذا العدد الغفير والنسبة غير المسبوقة وا عدم توصلهم مع اي جهة بعدما ياسوا من الموجود والفشل الدائم والتراوح من قبل، هناك ارضية واسعة لهذه النسبة الكبيرة من المواطنين غير المشاركين  في الحياة السياسية من كافة الاطياف والمكونات والاكثرية غير المنتيمة حزبيا وهم من الطبقة المسحوقة التي تحتاج الى رعاية ودعم وتوجيه بعد امكانية الاستيعاب من قبل المخلصين البعيدين عن المصلحة الخاصة، من اجل تنظيم عصري غير تقليدي مناسب لما فيه كوردستان من النواحي الثقافية الاقتصادية الاجتماعية، وما يمكن ان تجتمع حوله او ضمنه المضربين عن الممارسة السياسية بشكل عفوي  نتيجة يأسهم من الجهات الفاشلة المسيطرة على زمام الامور منذ حوال ثلاثة عقود تقريبا،  وما اصابوا هذا الشعب المغدور على ايدي الطاغية من الحيف وكيف اذاقوهم مرارة الندم من تضحياتهم الكبيرة ابان الدكتاتورية السابقة.

اننا في مرحلة خاصة لكوردستان الجنوبية، لا يمكن الاعتماد على النصوص الفكرية الفلسفية  التقليدية البعيدة عن الواقع وما تحتاجه الطبقة المسحوقة دون ان تكون هناك تصنيف كلاسيكي معتمد من قبل، اي بعدما اختلطت الامور لم يبق امامنا ان نحدد الطبقية من خلال المهنة او المعيشة او المستوى الاقتصادي للفرد او العائلة بشكل عام. اي اننا امام واقع جديد بكل معنى الكلمة غير مسبوق شكلا وتركيبا  ومضمونا، بعد تقارب شكل ونوعية معيشة الافراد والاسر الى حد كبير بين  النسبة الاكثرية من ابناء الشعب الكوردستاني وخلط الامر ولا يمكن العمل على تمييز او تصنيف الطبقية والانتماءات المعتمدة من قبل، اي تغير الواقع جذرا ويحتاج لجديد غير مسبوق من كافة النواحي.

و عليه يمكن ان ينبثق من جراء المخاض الاقتصادي السياسي المعيشي العام للشعب الكوردستاني ما يمكن ان يناسب الحال الموجودة والظروف التي توصلنا لمرحلة المنتظر حدوث المراد فيها وتبرز خلاله قيادات ميدانية يمكن ان تنجح او يمكن ان تبرز طريقة او منهج لايجاد قيادة مناسبة مرحلية بعيدة عن الموجودة حاليا من المولودين من رحم الواقع الذي اوصلته القيادة الفاشلة في ادارة كوردستان الى اللاعودة، والسبب هو ما بدر من عمل ايدي الموجودين الان على الساحة وهذا ينطبق على الجميع السلطة المتنفذة والقوى الصغيرة التابعة والقيادات المصلحية التي اوصلت المحسوبين على اليسار الى حافة الاحتضار والكثير منهم يعيشون سكرة الموت المتواصل لهذه المدة الطويلة لما بعد الانتخابات العامة ونتوقع استمراره اكثر.

اي هناك مخاض وحركة يحس بها الجميع، الا ان التغييرات التي حصلت نتيجة هذه الانتخابات التي لم تشارك فيها الا نسبة قليلة جدا والبقية منتظرة لفرصة او ارضية تنتج بديل مناسب لما وصلنا اليه كي يهموا بدعمهم الجماهيري الكبير كما هو المنتظر والمتوقع. والسؤال هو متى وكيف واين البداية وممن يمكن ان تبدا الشرارة، فهذا بدون شك يمكن ان تفرزه التفاعلات المتوقعة في المرحلة المناسبة والوقت الملائم للتحركات المنتظرة التي يمكن ان تتسلسل ضمنها وفي وقت قصير جدا العمليات الجماهيرية اي النشاطات العامة  السياسية وحتى العسكرية على الارض.

بغض النظر عن الاسم او التركيب والكيفية، فان صح ان نسمي الذي يحصل تفاعل الطبقات وان لا نتوقع قيادة واقعية باسم اليسار او اي مصطلح او تسمية لمن يمثلون الطبقة الفقيرة المعدومة، فان عدم خلط المتناقضات الموجودة هو احد مقومات النجاح في تلك المرحلة.

اي  من يعتبر نفسه ممثلا لتلك الطبقات لا يمكن ان يتغربل من المنبوذين من السلطة في حينه ولابد ان يزيح الجماهير المحسوبين على اليساريين المتوائمين مع الغادرين طوال هذه المدة، ولابد ان تبدا سيطرة البديل المتوقع في وقت قصير ليتفاعل مع الموجود من الشعب المنتفض في لحظة تاريخية منتظرة، دون ان تتوقع السلطة هذا الاحتمال القوي في الوقت الذي يعتبر البعض منهم بانه يزداد جماهيرية وسيطرة وامكانية وقدرة على الدوام، غير آبهين بحال الاكثرية المسحوقة التي تظلمها الاقلية الطاغية من اكثر من جهة وتركيبة سياسية متماسكة باسم العوائل وكتل ومتنفذين ضمن الاحزاب المتنفذة والتابعين لهم، اي التنظيمات قاطبة بما فيهم اليسار الشكلي الموجود وبالقيادات المتسلطنة البراغماتية المصلحية. الافق بائن ويرى المتتبع بصيص نور وهو باتساع مستمر لحين ترسيخ الارضية التي يبدا التركيز والقاء الضوء على الواقع المتغير من اجل بدء التفاعلات من المخاض المستمر منذ مدة بعد الفوضى التي سيطرت على الحال منذ مدة طويلة.

وعليه، فان الطبقة المسحوقة هي صاحبة الارادة والمبادرة للخروج بثمرة ناضجة  ناتجة من عملية طويلة، على الرغم من احتمال التدخلات الخارجية من قبل الطبار المنتظرين لتلك اللحظات منذ مدة والتي يمكن ان تخرب الموجود وتزيح ما يخرج من المخاض المستمر.

الغريب في الامر ان المسيطرين لم يعتبروا من الدروس الماضية ولن يتحركوا ساكنين من المنتظر في الوقت المناسب والذي يمكن ان نعود خطوات كثيرة ايضا كاحتمال اخر عدا ما نتوقعه من التحركات الايجابية التي تفرض التغييرات ان توفرت الشروط المطلوبة في الوقت المناسب بعيدا عن المتدخلين الخارجيين والجشعين الداخليين من كوردستان الجنوبية. ننتظر ولم نعلم متى وكيف ولكن شي حاصل باحتمال كبير ان لم نقل التوقع بنسبة مطلقة.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم