قضايا وآراء

ثقافة نفسية: (6) اضطراب فقدان الذاكرة الانشطاري

 هذا يعني أن سبب هذا الاضطراب لا يعزى إلى خلل عضوي في الدماغ، أو ضرر أصابه، أو إلى تناول أدوية أو مخدرات، ولا إلى ما اعتدنا تسميته بالنسيان . فما يحدث للفرد المصاب به هو وجود فجوة أو سلسلة من الفجوات في ذاكرته بخصوص أحداث سابقة مزعجة أو مقلقة، وبين جوانب من حياته .

 ولهذا الاضطراب أربعة أنواع، كل واحد منها يرتبط بطبيعة الفقدان الذي يصيب الذاكرة . واكثر هذه الانواع شيوعا هو (فقدان الذاكرة الموضعي)، وفيه ينسى الفرد كل الاحداث التي حصلت له خلال فاصل زمني محدد، غالبا ما يكون هذا الفاصل بعد حدث ضاغط جدا ومباشر مثل التعرض الى حادث سيارة، أو حريق أو كارثة طبيعية او حوادث الحروب .

 والنوع الثاني هو: (فقدان الذاكرة الانتقائي) وفيه يفشل الفرد في تذكر بعض وليس كل التفاصيل المتعلقة بالاحداث التي وقعت خلال مدة زمنية معينة . فالذي نجا من حريق، قد يتذكر سيارة الاسعاف التي نقلته الى المستشفى، ولكنه لا يتذكر رجل الاطفاء الذي أنقذه .

 والنوع الثالث هو: (فقدان الذاكرة العام) وفيه لا يتذكر الفرد أي شيء بخصوص حياته .

 أما النوع الرابع فهو: (فقدان الذاكرة المستمر) وفيه لا يستطيع الفرد تذكر أحداث، بدءا من تاريخ أو زمن محدد الى اللحظة التي هو فيها الآن . فالجندي مثلا قد يتذكر طفولته وشبابه الى اللحظة التي دخل فيها الخدمة العسكرية ، ومنها ينسى كل شيء حدث له بعد اشتراكه بأول معركة حربية .

 وينبغي الانتباه الى أن بعض الأفراد قد يعمد الى التظاهر بانه مصاب بهذا الاضطراب ، سعيا منه للحصول على منفعة خاصة، أو التخلص من مسؤولية، لا سيما في مجال الجريمة . وقد يلتبس الأمر على المحكمة وحتى على الاخصائين النفسيين .

  و هنالك نوع آخر(فانتازي!) أسمه اضطراب الهيام الانشطاري  

  وفيه، يغادر الفرد بيته فجأة في سفر أو ترحال ليس له هدف، ولا يعود قادرا على تذكر هويته الشخصية وتاريخه الحياتي. وقد يتخذ لنفسه هوية جديدة . وفي هذه الحالة تكون الشخصية الجديدة (البديلة) اكثر حركة وانطلاقا من الشخصية الأصلية للفرد . ويقوم بابتكار أسم جديد له، وقد ينجح في الحصول على عمل جديد ومكان جديد للعيش، يتعامل فيه مع الآخرين بشكل طبيعي، ويبدو للذين لا يعرفون حقيقة أمره انسانا عاديا مثلهم.

 وهذا النوع من الاضطرابات يكون نادرا، وغالبا ما يحدث في أوقات أو ظروف معينة كالحرب أو كارثة طبيعية . غير أنه يحدث احيانا عندما يتعرض الفرد الى أزمات أو ضغوط حادة من قبيل مشكلة مالية كبيرة، أو الهرب من عقوبة، أو التعرض الى خبرة صادمة، فيحصل له أن يخرج من بيته في بغداد مثلا ويأخذه الطريق الى (كراج النهضة) فيركب أي سيارة من غير أن يسأل، فتذهب به الى مدينة الكوت، فينزل في المدينة ويتمشى في شوارعها ولا يعرف أين يذهب . وقد لا يكون حاملا هويته الشخصية، وحين يسألوه يصفن لحظات ليبتكر اسما لنفسه، وقد يقع بيد الشرطة ..وتعال يامن يخلصه!..مومثل واحد مثله يفتر بمدن السويد بلا هوية وماكو شرطي يلزمه من ازياكه ويلعن سلفه سلفاه!.

في المثقف اليوم