قضايا وآراء

بعد أربعين عاما...تحية وفاء

 أسفل ـ صفحة الأحدـ التي كانت تصدر في تلك الفترة وكان عنوان تلك القطعة – دروب - .

 

عادت بي الذاكرة إلى تلك السنوات الخصبة التي بدأت فيها النشاط والنشر وهي سنوات كانت إرهاصا جميلا في جميع نواحي الثقافة من الشعر والقصّة إلى المسرح والرسم ومن الموسيقى إلى السينما فكانت تونس مزدهرة بحركات عديدة أفرزتها التحوّلات الجذريّة التي شهدها المجتمع التونسي منذ أواخر الستينات من القرن العشرين وقد كان يغذيها شباب بدأ يتخرّج من المعاهد والكلّيات التي أثمرت ذهنيّة تونسيّة صقلتها المناهج التربويّة بعد الاستقلال وأثّرت فيها الحركات الإيديولوجية المتنوعة التي لاحت بوضوح بعد حرب جوان 1967 فكان الشباب يحلم بتحرير الأراضي المحتلّة وفلسطين ويجد في حرب الفيتنام وفي ثورة الشباب بفرنسا وأمريكا بما فيها أمريكا اللاتينية روافد للنضال وشجونا للأحلام فكان يقرأ أشعار عنترة بن شداد والمتنبي والشابي وقصائد ماوتسيتونغ وكان يقرأ سيرة أبي ذرّ الغفاري وسيرة شيغيفارا في آن واحد ومثلما كان يطالع لناظم حكمت ولويس أراغون ونيرودا كان يقرأ كذلك تاريخ ابن خلدون وابن أبي الضياف فكان شبابا ممتلئ الوطاب معتزّا بأصالته ومتناغما مع العالم.

 

في سنة 1970 وقبلها وبعدها ظهرت في تونس حركة أدبية متوهّجة بدت خاصّة في الشعر والقصّة ولعلّ دواوين مثل – اللحمة الحيّة – لصالح القرمادي و- المجزوم بلم – لمحمد الحبيب الزناد و– قرط أمي – للميدان بن صالح و– نجوم على الطريق – لجعفر ماجد و– رحلة في العبير – لنورالدين صمّود و– الحصار – الطاهر الهمامي و– الإنسان الصفر – لعز الدين المدني

 

كانت تلك المتون تعتبر مرآة لتلك المرحلة وستليها بعد ذلك مرحلة أخرى هي مرحلة ظهور التكتّلات الأدبيّة التي سيكون لها دور كبير في تنشيط الحياة الثقافية ولكنها تكتلات مع الأسف تحوّلت إلى جماعات هي إلى العلاقات الشخصية والجهويّة والمصلحيّة أقرب منها إلى التكتلات الأدبية والفكرية الخالصة لذلك اندثرت ولم تتطور.

 

إنني عندما أعود بذاكرتي إلى تلك المرحلة لا بدّ أن أتذكّر بلمسة من الوفاء والشكر الذين فسحوا لي المجال في جريدة - الصباح - ثم في جريدة - الصدى – وهم خاصّة الأساتذة – سن حمادة – وصالح الحاجة – و– أحمد عامر – و– محمد بن رجب – وأتذكر بحنين أولائك الذين نشرنا على منبر تلك الصفحات الغرّاء منهم خاصّة – عبد الحميد خريّف – و– مختار اللغماني – و- محمد رضا الكافي – و– محمد أحمد القابسي – و- نوردين عزيزة – و– عبد السلام لصيلغ –

 

إنّها تحيّة وفاء لمنبر إعلامي عتيد أتمنى أن يواصل رسالته في الإشعاع لأن – الصباح – مرجع لذاكرتنا الثقافية والسياسية والاجتماعية ويمكنها أن تواصل الدرب وأن تكون منبرا للعرب جميعا في المشرق والمغرب والمهجر أيضا بفضل وسائل الاتصال الحديثة وليس ذلك بعزيز وقد أخذت منطلقا جديدا في ثوب جديد وبكوكبة من الأقلام ذات الخبرة والمصداقية لتكون- الصباح - ملتقى الكلمة الحرّة والمستقلّة من أجل القيم الإنسانية الخالدة فمثلما كانت صوت الحركة الوطنية في تونس وفي المغرب العربي يتسنّى لها أن تواصل المسيرة من أجل القيم الإنسانية الخالدة وما ذلك بعزيز على أولي العزم .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1311 الاثنين 08/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم