قضايا وآراء

الشعر أفيون النساء

كالحماسة والغزل والهجاء والمدح والرثاء وغيرها. غير أن الغزل ظل الهاجس الشعري الأول عند العرب لاتصاله بالمرأة وصفاً وجمالاً، وتعلق الشعراء بمن أحبوا وكتبوا لهن في الوصل والنأي حتى أصبحت النساء قوارير الحب وزهور الكؤوس ونيل القبل.

الحقيقة .. إن واقع الشعر على غير ما يتمنى الشعراء، فهم أضحية البطش والإغراء معاً على مر العصور، وشواهد التأريخ كثيرة فيما لاقاه الحلاج وغيره على يد السلطة والأنظمة الجائرة وما تلا ذلك من أزمنة أيضا ..

وما يقال عن حظوة السعادة والسعد محض هراء، فأغلب الشعراء كانوا مناكيد مطاريد وتعساء، وما تركوه من شعر في جُلّه لا يماثل ما عانوه وقاسوه في حقيقة الأمر. وشاهدنا في ذلك من قال: (أعذب الشعر أكذبه)، أو أكذب الشعر أعذبه. لكنه (أي الشعر) ظل أشبه بالأفيون الساري في جسد المرأة، وما إن تقدم نفسك شاعراً حتى يخال لها أنك من (الصفوة) وما ستقوله بحقها شعراً يُعد من ندرة القول، وهنا مكمن الكذب في أغلب الأحيان حين يوصف من لا صفة له في الجمال والوفاء. وأتعس الشعراء من يصور الكاذب صدوقاً، والقرد غزالاً، والعمشاء زرقاء اليمامة. وهي نماذج لا تحصى ولا تعد، لذلك كذب الشعر في أحايين كثيرة وصدق في القليل، ولم يجنِ الشعراء في ظل هذا وذاك غير ما تركوه وتركهم من ويلات ومصائب وخذلان. فهل الشعر من يشبع غرور المرأة حصراً؟ وهل الغرور صفة متبادلة بين الشاعر والمرأة؟ أظن ذلك فيما خلده الشعراء من نساء على مر حياتنا العربية (كبثينة جميل، وليلى المجنون، وولاَّدة ابن زيدون، وقمر فائز وغير ذلك تمثيلاً لا إجمالاً. لذلك تحلم أي امرأة لو يدوّنها الشعراء ولو في بيت شعر واحد، هذا التدوين أحسبه قريباً من منظوم الشعر  وغنائيته وبعيداً جداً عن هاجس قصيدة النثر الحديثة ذات الأغراض المتعددة، وإن كانت المرأة هاجس الخصب فيها ،  وأحسب أن المرأة مجبولة على حب الشعر العمودي أكثر من غيرها.

وهنا لا بد من سؤال مهم: هل إن الشعر أفيون النساء في مديات الحب والوصل والجمال، أم أن النساء أفيون الشعراء؟ وحسب ما أرى أن العلاقة تبررها ثيمة الارتباط ومكوناتها وتداعياتها. لكن المرأة ستبقى العروة الوثقى ما بين الشاعر وعالمه حتى تصيح الساعة وينتحر الزمن!

فائز الحداد 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1314 الخميس 11/02/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم