قضايا وآراء

رواية "إمرَهْ كرْتيس" وترجمة ثائر صالح ...

وهي لاتهادن لو عبّرت حقا وفعلا عن حالة الموت النفسي الذي يكابده شاب صحفي في زمن مأزوم كاذب لا حقيقة فيه الى درجة جنونية يغدو فيها الكذب كالصدق والعكس صحيح ولا امل من الكارثة الا بالتحولات الدولية الكبيرة الناقذة لتدهور تام بل لهاوية . استطاع الاستاذ ثائر صالح ان ينقلنا الى أجواء الأزمة الوطنية بترجمة مبدعة لكاتب مرموق حاصل على جائزة نوبل  للآداب.. وقد احتوى الكتاب الصادر عن دار المدى على عنوانين  "الراية الانجليزية " و "المحضر" وفي الرواية الأخيرة تنشد الانفاس الى متابعة احداث رجل في قطار يتعرض الى طلب  بالتصريح بالعملة التي يحملها . انك لتجد نفسك امام اسلوب سلس مترابط كما لو تكون لغتك العربية صافية وانيقة خالية من العثرات . روعة الكاتب هنا قد تميّزت بالقدرة على التشويق الذي ليس هو افراط بالتزويق اللفظي بقدر ما هو تصوير لحالة قد سقط فيها بطله فبدا للقارئ حجم الورطة التي تلتصق به بخيوط العنكبوت حتى ليبدو ثمن تجنبها مهما غلا لهو اهون من الاكتواء برعبها . انه عالم المافيا المختبيء للمرء في كل لحظة . قصة المحضر من الإثارة والخوف مالا تتمنى لأعدى اعدائك ان يكون بطلها ... ياللاختناق !! ويالروعة الكاتب ويا لإمكانيات المترجم الباهرة .

 كتب المترجم مقدمتين للروايتين لاغنى عن قراءتهما لما فيهما من الاحاطة الضرورية بظروف المجر السياسية ودور الكاتب امره كرتيس الذي اشار ـ المترجم ـ الى سيرته الذاتية قائلا :

ـ " ولد في بودابست 1929 اعتقل في 1944 عمل في الصحافة وكتب روايته الاولى عام 1975 وهي عن تجربته في المعتقل . نشر رواية لامصير عام 1975 وهي بداية ثلاثيته الروائية، مع "الفشل" عام 1988، ثم قديش . صدرت رواياته الاخرى تباعا : مقتفي الأثر 1977 ـ الراية الانجليزية 1991 ـ الفشل 1988 ـ المحضر 1993 ـ شخص آخر 1997 ـ لحظة صمت ... 1998 ـ يوميات العبودية 1992، وكانت أعماله تترجم الى الألمانية والفرنسية والانجليزية، ثم الى عدد كبير من اللغات الأجنبية بعد فوزه بجائزة نوبل عام 2002 " .

 ومن اجواء المقدمة التي كتبها المترجم: [ ..."، انه مفكر وفيلسوف وليس روائيا بالمعنى الدقيق للكلمة، لغته ثقيلة، معقدة، صعبة، بعيدة عن الصياغة الأدبية السلسة وحتى متكلفة في بعض المواقع، لكنها في المقابل واعية، يختار كلماته بعناية فائقة، يبني جمله بعناية أكبر، ولا استطيع الجزم هل اللغة عنده غاية بحد ذاتها أم وسيلة لإيصال افكاره . نجد في اعماله وفي العمل الواحد كذلك تفاوتا في اللغة، وهذا يعتمد على الرسالة التي يعتمدها المقطع المعني، واللغة هنا هي انعكاس للحالة النفسية التي يمر الشخوص في هذا المقطع . فيعكس قصر الجمل وتسارع ايقاعها وخلوها من الأفعال ذروة التوتر، في حين تشير الجمل الطويلة المملة المليئة بالجمل الاعتراضية المتداخلة الى بعض الارتخاء، حيث يسنح لبطل القصة وهو كرتيس ذاته وقت كاف للتفكير . واللغة التي يستعمل غير معتادة في محيط التعبير الأدبي المجري، الذي يموج برهافة الصياغة وجمال الموسيقى .،،،]

 نشد على يد مترجمنا ونحيي دأبه في ايصال نتاجات عالمية الطابع الى منطقتنا العربية التي هي احوج من سواها اليها وذلك لأهمية التثاقف الحضاري والاستفادة من التجارب التاريخية الكبرى .

باقة ورد للاديب ثائر صالح والى المزيد من الاعمال المبدعة . 

 

24/2/2010

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1327 الاربعاء 24/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم