قضايا وآراء

قراءة في رواية: "زهافار" لياسر عبد الباقي

وإنما بكتابة الرواية بتقنيات القص، لكي لا يتورط الكاتب في التحليل والتفسير، ويترك نفسه يعكس ظاهر الصور القصصية دون الغوص في باطنها، فتخال نفسك أنك أمام نص سطحي هادئ، لا يحيرك إلا آخر الرواية حين يجعل الكاتب عتبة النص مدعاة للحيرة . وعتبة النص مقترنة باسم الشخصية الأساسية "زهافار"، فالتساؤل عن معنى الإسم وتعليق فضاء النص عليه، هو دعوة لإعادة قراءة النص كمتن عل القارئ يجد في مضمونه ما يتعلق بالشخصية الأساسية، ثم إن تحوير الإسم العبري زهافا (الذهب) وزيادة الراء قد نفهم منه تلاعبا بالقارئ، ومحاولة طمس المعنى الأصلي للإسم . وبذلك تظل رواية "زهافار" نصا مخادعا يخفي أكثر مما يكشف، يعلق فيه الكاتب رؤيته على سؤال ما ... ومن ثمة، فعلى القارئ أن يعيد قراءة النص للعثور على المعنى الكامن الذي لم تضطلع الرواية ببلورته وتحليله وكشفه . ذلك أن إنتاج المعنى في الرواية خاضع إلى فعل البتر إن لم نقل التشويه المتعمد لمعالم الرواية، ولكن عبر استخدام الكاتب  للصور الفنية ينكشف المعنى المحتجب، وهي صور رمزية بالأساس . كتبت من خلال وعي الكاتب، ومن هنا يكمن غياب الجانب اللاواعي للراوي وحضوره عبر الصورالرمزية .

 

تبدأ الرواية من خلال رغبة الراوي الشاب في الرحيل من الجنوب إلى الشمال وهو يحزم حقيبة السفر، ونفهم من خلال حواره مع والديه أنه يعاني من البطالة والجوع  والتوق للانتقال للشمال الذي هو فضاء للحلم وتحقيق الرغبات بعيدا عن  الجنوب الذي يمثل الذاكرة الحربية، وعند الانتقال إلى محطة الحافلات وامتطاء سيارة أجرة ندرك من خلال المونولوج الداخلي للراوي أثناء وجوده في سيارة الأجرة التي يقودها سائق برجل مبتورة ويد مبتورة أن شطرا من أحلامه قد بتر، ولعل صورة السائق هي صورة للصراع بين طرفي الجسد الواحد في الوطن الذي قسمته الحرب فتشوه، وقد دارت رحاها بين " الإخوة الأعداء": "الحرب اللعينة مزقت كل شيء جميل، كل شيء عاقل . من منا عاقل في هذا البلد المحطم، أود أن أتركك يابلد .. أنا راحل بحثا عن بلد يعيش فيه ناس عقلاء، ربما مجانين لكنهم عقلاء". ومن ثمة ترتبط دلالة صورة السائق المبتورة من خلال تجريد الجسد من العقل في الجنوب، فأدت الدوافع العدوانية إلى شطر صورة جسد الإنسان وتشويهه، سيما وأن هذه الحرب لم تدر مع العدو بل بين الإخوة في البلد الواحد .

 

وعند استرجاع الراوي لصور هروبه من ساحة المعركة فقد كان يريد أن ينجو بنفسه من الموت " - أيها المجند .. آمرك بترك مكانك . صوته الهادئ لا يناسب هذا المكان العنيف . تركت مكاني على الفور فرحا بالحياة . وكان ينتظره الموت . رحت أركض .. أنا أركض وقلبي يركض . كل ما حولي يركض"، لأن الحرب لا تعبر عن الحياة إلا إذا عبرت عن عقيدة وطنية أو وجودية أو دينية  ، أما أن تكشف عن التمزق الداخلي فهي خالية من العقل والمنطق " أيتها الحرب ماذا فعلت بنا . لم جعلت منا قساة ووحوشا ؟ " . فقد قام الكاتب بالتنصيص على هذه الجوانب من خلال الاقتصاد في اللغة والإشارات الخاطفة، والصور الترميزية، دون اللجوء إلى تحليل الشخصية وطبيعة المعركة الحربية وأجواءها ومكانها الدقيق، هي حرب في الجنوب غاب فيها العقل، وبترت عقل الإنسان الذي فقد قيمته الحربية التي يتحول فيها عقل المحارب إلى آداة تضحية من أجل قيمة وطنية وأخلاقية . وهذا البتر  تعبير عن الازدواج و شطر الدلالة وغياب تحليل لاوعي الراوي .

 

والاستعاضة بالصور الرمزية لتصوير الكبت اللغوي في الكشف عن الجانب اللاواعي لشخصة الراوي وتعويضه بالرمز هو الذي يفسر أن ذات الراوي تعاني من سلطة الكبت في الحافلة التي امتطاها للرحيل نحو الشمال، فالتعبير عن الرغبة مكبل بالمحظورات، و"الرمزي هو تاريخ الرغبة" حسب تحليل فرويد، لذلك قام الراوي بالتعبير عن الرغبة بطريقة فاضحة . فالتحرش بالفتاة صاحبة النقاب ما جعله محل استهجان  وذلك ما يفسر توخي الخطاب الرمزي : " حدقت نحوها من ركن عيني . لا أدري إن كنت مصمما على شم رائحتها . لعلها الغريزة الذكورية . قبل لحظات كنت إنسانا بائسا محطما محبطا .. الآن أبدو فحلا . لم الرجال وسط كل ذلك من بؤس وقهر لا ينسون أبدا رجولتهم، وأيضا وقاحتهم ..... اعترتني رغبة قوية في نزع النقاب عنها، ورؤية وجهها، تلك الرغبة القوية التي كانت تلح علي في الهجرة إلى الخارج لا تساوي شيئا في رغبتي رؤية وجه المرأة . الرجل يبقى رجلا ..شهوانيا وفظا " .

 

وعند التوغل في تفاصيل الرواية نفهم أبعاد تلك الحركة داخل نسيج الرواية: الفتاة يهودية، قدمت من أمريكا لتبحث عن أمها التي انتزعت منها وهي طفلة لأن أمها تزوجت من رجل مسلم في إحدى قرى بلد الراوي، ليلتف الراوي بها لمساعدتها، وتنشأ بينهما علاقة حب رغم أن عقيدتها يهودية وصهيونية في آن . هذه الأحداث المتراكبة  تصدم القارئ : فكيف لمجند هرب من حروب "الإخوة الاعداء في الجنوب" ويلوذ للشمال حيث الشمال يرمز للأمن والحلم، والوحدة ويفهم منه التشبث بوحدة بلاده وعدم الانشطار عنها  أن ينغمس في هذه العلاقة ؟  كيف لهذا المجند الذي يرفض أن يحارب إخوته في البلد ويترك ساحة المعركة أن يحب فتاة اسرائيلية  تقوم عقيدتها على تهويد فلسطين، كيف للراوي الذي يبدو ضمنيا متشبثا بالقيمة الوطنية أن ينجرف إلى هذا الحب، ويشارك الفتاة البحث عن أمها؟

 

 وبما أن الكاتب تعود على بتر الجانب اللاواعي وتحليل دوافع الراوي في الرواية تاركا الفجوات معتمة، وحالا الصورة محل التعبير عن اللاوعي . فخاصية كتابته للرواية لا تعتمد على التحليل بل على التأشير، والخروج بالفكرة من خلال حصيلة هذه الأحداث مجتمعة . فالرحلة من دائرة مغلقة إلى فضاء الحلم، هي رحلة شاقة يسائل فيها الراوي علاقته بهذا الآخر، الآخر الذي دخل معه في دائرة حروب طويلة، لتتجاوز الحرب، معناها الضيق، وتتسع إلى العلاقة المتوترة بين العرب واليهود . فالفتاة في الرواية، وفي لاوعي الراوي هي صورة للعدو، العدو الحقيقي، والعداوة بين الإخوة لا تدعو للمواجهة، ولكن العلاقة مع العدو هي التي تدعو لاستثارة الدوافع التي هي عدوانية بالأساس، وتلك الحركة المتحرشة تعود به إلى صورته كجندي حقيقي، وقد حللها من خلال رغباته التي وصفها بالشهوانية والفظة في آن . ثم إن الراوي " الرجل المحارب هو الذكر، والمرأة هي الآخر العدو لأن الذكورة هي المعيار، والأنوثة تشكل خروجا عن المعيار . فالرجل هو الفرد المطلق، والمرأة هي الآخر" (2)، وفي الصفحات الأخيرة للرواية يعلن أن الفتاة عدوة بقوله " قاطعتها، وأبعدتها عني بطريقة عنيفة - لست حبيبك .. أنا عدوك، كان يجب أن لا أذهب معك " .

 

وتحرش الراوي بالفتاة ليس خيارا اجتماعيا، لأن المجتمع لا يقبل به، لذلك وقع إنزال الراوي من الحافلة بفظاظة إزاء السلوك الذي اقترفه . هو خيار نرجسي مما يدل على أن الراوي ليس لطيفا وناعما كما حاول أن يبرز لنا من خلال المواقف الرومنسية التي غذى بها الرواية، ولكن هذه المواجهة مع الآخر تبدأ  من لحظات الاكتشاف التدريجية، الأنا المذكر للآخر المؤنث،  وهو اكتشاف فسر على أنه علاقة انجذاب، يتكسر بعامل اكتشاف الوقائع  . اكتشاف يبدأ باللمس والرائحة والفتاة تلبس النقاب أثناء الرحلة، ثم تعرية الشعر وكشف الوجه، فرؤيتها في زي عادي، فلحظة التعري والمضاجعة التي انتهت بمحاولة الراوي التفصد من هذه العلاقة  ليشعر بالأمن . فالعلاقة هي صدامية في أساسها وانتهت ببذرة الخطيئة، خطيئة الفعل القائم على النقصان وعدم تقدير العواقب " لا أريد خطيئة أخرى، هكذا حدثت نفسي . إن كانت هناك خطايا فهي كثيرة، تعلقي بها كان خطيئة . رحيلي عن منزلي كان خطيئة . الحرب اللعينة كانت خطيئة أخرى . لترحل الآن ... هي وخطيئتها  " .

 

والصراع مع العدو باد وجلي، من خلال صراع الراوي مع خال الفتاة وإبنه . فهو يكيل لخالها العداء لأنه يعمل مع عصابات تهريب الآثار لتهريب الآثار من بلاده  " ووجدت الرجل الضخم وخال الفتاة وإبنه، يرتبان التماثيل والتحف بعناية بالغة في صناديق وحقائب ضخمة " . فكيف نعود لتفسير هذا الانشطار في شخصية الراوي بين الهوية الوطنية والتعلق بالآخر الذي هو عدو في نهاية الأمر؟

 

الأم هي نواة  المرأة التي ضحت بديانتها من أجل الحب، وماتت في الحج مسلمة . ويحاول الراوي استرجاع تلك اللحظة الأمومية العاطفية : رحم هذه العلاقة، هل ستؤدي لتحويل اليهودية إلى مسلمة تتبنى القضية العربية والهوية الإسلامية ؟ سيما وأنه برحيل الأم بقيت قلادتها عند ابنتها، واستردها الراوي من قطاع الطرق بما أنها تسرد قصة تواصل الماضي في الحاضر، وتقرن بين القصة ورمز الأم التي هي على الخلاف من رمزية الأب ترمز إلى السلام ولملمة الحروب والتوترات . إلا أن اكتشاف الفتاة يؤدي إلى سوء تقدير الراوي الذي خمن أن الفتاة اصطحبته للقرية لا للبحث عن أمها بل لجلب الآثار، ثم خمن أنها حاولت تهريب الآثار في حقيبتها ونفت علمها بالموضوع، وهي التي تعيش الانشطار بين التعلق بالأم التي استلت من حضنها وهي صغيرة، وما لقنه خالها من التمسك بدولة اسرائيل ومبادئها العنصرية .

 

المكان في الرواية

يتحدد المكان في زهافار من خلال الزمان، فالرحيل من المدينة الجنوبية تم إثر أحداث الحرب وما خلفته من فوضى وفقر .الانتقال من الجنوب كمكان أبوي حربي نحوالمدينة حيث الشمال يرمز للطمأنينة،   والذهاب إلى القرية كمكان أمومي بحثا عن أم الفتاة تم إثر الحرب أين انتشرت حالة تهريب اليهود للآثار " بعد الحرب الأخيرة في البلد حصل نهب وسلب للمتاحف الأثرية، أصبحت الآثار تباع بسرية وبثمن بخس ".

ولم يطنب الكاتب في وصف المكان إلا من خلال الذهاب إلى القرية للبحث عن أم الفتاة اليهودية - والمكان الأمومي هو في الرواية مكان عربي  لا يوجد فيه يهود، و أم الفتاة هي المرأة اليهودية الوحيدة التي كانت قد تزوجت من مسلم وأسلمت وماتت في الحج . فالقرية واقترانها بالدار التي كانت تعيش فيها الأم أكبر دار في القرية، هي مكان الأمان، تعبر عن الحنين للجذور والأصل "البيت القديم" حسب وصف باشلار، وهو بالنسبة للراوي صورة من صورة القرى المتشابهة في البلد، فهي لا تختلف ملامحها عن ملامح قريته فهي عودة رمزية إلى المكان - الأصل - الذي رحل  عنه : "حدقت في شارعنا وباب بيتنا، كأني أودعهما لآخر مرة . في صميم قلبي لا رغبة بي في العودة إلى هذا الشارع، هذا البيت .." . وكل هذه المكونات تحدد هوية المكان، وعلاقته بالذات، فعند ذهابه للقرية فهو يسترجع صورة البيت والشارع والمكان الأليف الذي سلب منه.

 

والمكان في الجبل المؤدي للقرية الأثرية على درجة كبيرة من البساطة، لم يقم الكاتب بوصفه بدقة وإنما حاول أن يبرز مكوناته الهندسية البسيطة، حيث السير فيه عبر السيارة يتسم بالمشقة لوعورة الطريق "كانت السيارة تتأرجح بسبب وعورة الطريق . الغبار يملأ المكان"، وهو مكون من من البيوت والقرى المتناثرة، أما أطفال القرى فهم يتسمون بملامح ثابتة  " اعتاد أطفال القرى الركض خلفنا كلما ممرنا أمامهم، أجسادهم هزيلة، وثيابهم رثة، راقبت أحدهم وهو يتسلق السيارة من الخلف وأشار إلي بيده مبتسما، فابتسمت له "، فالوصف هو وصف للمكان المسطح الذي جرت عليه الأحداث، ويبرز ملامح المكان بموضوعية العين التي تنقل المشاهد، عبر تجميع تفاصيل المكان وفق رؤية فكرية للكاتب الذي اعتمد على تقنية كتابة الصورة السينمائية . ووجه الوصف لرصد صورة القرية، ولكنه أضاف عبارة واحدة لإبداء وجهة الراوي حول المكان " الجبال شامخة في كبرياء "، وعند التوقف على تل مرتفع يطل على القرية، يمر إلى سرد الحدث، حيث يعرض البعض القطع الحجرية للبيع، ويناشدون القادمين أن لديهم الكثير من الكنوز للبيع، فالغرباء عن المكان يأتون إليه للبحث عن الكنوز والسكان متواطؤون معهم عبر عرضها للبيع .

 

و المكان من السهل اختراقه، فالشاب الاسرائيلي ابن خال زهافار كان يصور الأماكن التاريخية، ويلتقط الأحجار، يرمي بعضها ويضع أحدها في جيبه . وإثر وصف المشهد العام، يمر الكاتب إلى الحدث الأساسي وهو البحث عن أم الفتاة في أكبر دار في القرية، القرية التي لم يصلها الكهرباء بعد . يستجمع تفاصيل المكان وملامحه دون العثور على الأم التي تبين أنها أسلمت وماتت في الحج، وبذلك غابت الأم لكن رحم الحكاية وجذورها ظلت مدفونة، تعيد سردها إحدى نساء القرية، كما ظلت القرية رحم للذاكرة والتاريخ رغم نهب كنوزها من طرف الأعداء خاصة بعد حرب "الأخوة الأعداء" . فللقرية تاريخ، وللقرية ذاكرة، وللقرية حكاية متواصلة في الحاضر، وبالتالي تعلق القرية حلمها على حكايا الماضي وكنوزه، رغبة من الكاتب في استشراف المستقبل من خلال ترسيخ الحكاية عبر تحويلها إلى حدث وقع الرجوع إليه، وكانت قلادة الفتاة التي تركتها لها أمها، وانتزعت من قبل قطاع الطرق وعمل الراوي على إرجاعها، هي ربط حلقة الحكاية بين الماضي والحاضر لتستمر باستمرار المجموعة فهي كالقصة الأسطورية التي تستمر من الماضي وتتغلغل في الحاضر وتستشرف المستقبل .

 

المكان هو توليفة من الصور للقرية البسيطة، يراها من خلال ذاته شامخة في كبرياء، فلم يعد المكان يشير إلى الحرب أو الغربة بل الذات المتشبثة بأصلها، ومن ثمة يسترجع الراوي الصورة القديمة للمكان في صورته البدئية في هذه القرية التي لم تعرف مظاهر المسخ والتغيير . هي صورة عن مركز الذات في عريها وبساطتها، ومن ثمة كانت الصورة التي رسمها الراوي للقرية تعكس روحه بالأساس .

 

و المكان في القرية يشير إلى الانفتاح والاتساع، فالدار كبيرة والقرية منفتحة على التلة ليتحول إلى فضاء يشير إلى الانغلاق عبر تصرفات اليهود العنصرية حيث سرقة الآثار وتهريبها، و معارضة أسلمة اليهود والزواج من عرب، وحيث يوجد قطاع الطرق الذين يعيشون على قراع الطبول وافتكاك أملاك القادمين . فالمكان يتلازم فيه العنف، مع حماية الذات، حتى صاحب الدار الذي اشتراها من والدة الفتاة فقد أحضر بندقية حين عرف أن السائلين من اليهود، فتصوير المكان يتلازم مع الظرف الزمني الذي يتسم بالتوتر والعنف والحرب، لتعبر القرية عن الطمأنينة في نهاية المطاف لأنها تمثل الصورة الأصلية المنشودة   "القرية كما تشاهدين صغيرة وبها مسجدان" .

 

ويتحول المكان المجهول خارج القرية إلى قيد حين تحبس العصابة الشاب في دار مجهولة، ويتلازم القيد مع الخوف من الأذى حين يعلق مصير الراوي على توقع مبهم " أنا خائف .. أود الخروج حيا من هذا المكان"،  ثم ينفتح المكان على المجهول حين يغادر أفرادها الدار ويلوذون باللجوء إلى السفارة الأمريكية : " كان الوقت متأخرا عندما تركني الرجلان ورحلا . وجدت نفسي وحيدا في مكان مجهول . مشيت طويلا حتى وصلت الرصيف، ونقلتني سيارة شحن إلى المدينة "

***************

 

لم يحلل ياسر عبد الباقي في رواية زهافار الشخصيات بل سرد أحداثا، مع تقطيعات وومضات ورائية بسيطة للراوي الذي أبدى عدم رغبته  في المشاركة في الحرب، وفشل في الحب لأن الحب دون مال يجهض العلاقة، فالومضات تتعلق بحلمه الذي أجهض  عند اقتتال الإخوة . وقامت الرواية على استرجاع صورة الحرب مقترنة  بالبحث عن أسباب هذه الحرب ومخلفاتها، مبينة أن الخطر الذي يتهدد بلد الراوي خارجي، وأن جوهر الصراع هو صراع بين الذات والآخر، وأن هذه الذات بالإمكان إعادة كتابتها عبر استرجاع صورة المكان في طبيعته الأليفة، وعبر حكاية الذاكرة التي من شأنها خلق مكان أمومي يسود فيه الاستقرار .

 

.............................

 (1) زهافار، رواية لياسر عبد الباقي، صادرة عن مركز عبادي للدراسات والنشر، في 144ص، 2007، ط1

 (2)  اليزابيث ستشوسلير فايورنزا في ذكراها، إعادة بناء نسوية لا هوتية للأصول المسيحية، نيويورك، كروسرود، 1983، ص42

 

 

 

 

 

 

 

في المثقف اليوم