قضايا وآراء

قراءات في المنجز السردي اللافت للروائي: مرتضى كزار (2) لوحات مكتوبلي أو ما تقوله الاشارات (حلاق البحارة)

إحدى الشخصيات، حلاقا للبحارة، رأيته في الرواية يبيع الكرزات، يفقد إبنه القتيل، رأيت معه، موسيقى حلاق اشبيلية و مؤيد البدري واهداف كرة القدم وسأتذكر إفتتاح ملعب الشعب الدولي في ستينات القرن العشرين وخسارة العراق امام نادي بنفيكا البرتغالي صفر _ 1، وارى (اوزبيو) يصول في ملعب الشعب، كان اوزبيو لاعب بنفيكا البرتغالي اسود البشرة ولم يكن ابو صلاح كذلك،

 

 لكن (ابو صلاح) في رواية مرتضى الثانية (مكنسة الجنة) سيكون اسود ايضا، سيعمل حلاقا ويحمل اسم (ابوغالي الحلاق) وسيفقد ابنه غالي / غويلي المترجم، قتيلا في الممرات السرية لحمام زكية / بيت القنصلية البرتغالية سابقا / سيفقد ابنه غويلي (في رواية مكنسة الجنة) كما فقد-ابوصلاح- ابنه عقيل في الرواية الاولى _ صفر واحد _ وكلاهما سيقدس،عقيل ستنصب له جدارية بعد سقوط جداريات الرئيس،وسيقدس غويلي في بناء ضريح له مكان القنصلية البرتغالية وسيسمى ضريح الشيخ شوفان ويزار ..

كلاهما الان لاوجود له على جغرافيا الواقع، لكن مرتضى أحياهما بروايتيه (صفر واحد و مكنسة الجنة) ..

من هنا يرى القارئ وبوضوح حبل الاتصال السردي والمموه بين الروايتين،ثمة صلة واضحة في البناء الايدولوجي تفرضها وتفضحها امام القارىء الاشارات الخفية الملتقطة تردداتها، أول خيوط الاتصال هذه، الحلاقة، الحلاق ابو صلاح من(صفر واحد)والحلاق ابو غالي من(مكنسة الجنة) .وكلاهما بشكل من الاشكال حلاقا للبحارة.

 

قص الرؤوس، ازاحة الشعر او الاغطية او الاقنعة، تجميل الوجوه او تعريتها وعرضها كما هي، كل هذا ما يعني للقارىء؟، عقاب  ام زينة ؟تمويه وتقنع ام كشف وفضح؟ لايدري، إعدامات ربما او تمثيل مشاهد؟  ما يفعله الحلاق قد يكون تمثيلا موحيا لعمليات اعدام او  تفريغ أدمغة..اسئلة واشارات، يتذكر حديث الحلاق الثرثار لزبائنه في القراءة الابتدائية عن معركة بورت ارثر ورسمه لخارطة المعركة على رأس الزبون الذي سيهرب وهو يلعن السياسة والسياسس والروس واليابانيين والناس اجمعين...

 

ويرى القارئ خيط تواصل اشد برما  بين روايتي مرتضى، يرى هندسة الطين، ماالمقصود؟ صناعة الانسان أم هندسة النفط وصناعة الثروات ؟، هندسة الطين اتصال وتواصل اخر بين صفر واحد ومكنسة الجنة، صلاح المهندس في صفر واحد، مهندس حفر آبار النفط او المهندس الجيولوجي  ويقرأ البئر رقم Wq 334  بالخط الاحمر قرب القرنة في رواية مكنسة الجنة.

 

القتلى في الروايتين يجاوران النفط، القارئ يتوقف هنا طويلا، نقمة البترول او نعمته . المقولة التقليدية، يتوقف عندها، لايفترض تعسفا ان المؤلف قصد ذلك، لا يؤمن القارئ بهذا، يدرك جيدا ان للماورائيات تحكم بالفن، حتى قالوا: ان الفن يحدث، لايخطط له، كما الحلم تماما ..

 

وهل يخطط احد لاحلامه، ما خطط له بدقة ليس فنا، علم ربما، نظرية لكنه ليس فنا ولا إبداعا، لذا يرى القارئ ان عقيل قتيل رواية صفر واحد مجاور للنفط لانه شقيق صلاح مهندس النفط وان قتلى رواية مكنسة الجنة جاوروا بئر النفط 334 غرب القربة ورسموا معا علامة الصليب . رسمت جثثهم علامة الصليب دفنت افقية وعمودية . صلب المسيح شهادة ومقتل عقيل في انتفاضة 17 / 3 / 1999 شهادة ايضا .(من غرائب الاشارات ان الحلقة الاولى من القراءات ارسلت لغرض النشر الالكتروني يوم 17-3!)

 

ثمة جداريات نصبت في (صفر واحد) وجداريات هدمت في (مكنسة الجنة) خيط اخر موصل بين الروايتين، هل يمكن للمؤلف بعد متعة الاكتشافات هذه _ ان ينسى روايته الاولى كما يرغب!

 

لنمض مع القارئ وهو يقص اثر الخيوط والانفاق السردية  بين الروايتين- رمزية ام صلاح وعقيل في رواية صفر واحد، ما صلتها بـ رمزي مكتوبلي في رواية مكنسة الجنة؟ هل جاءت التسمية اعتباطا ؟،اكيدا لا ..

 

رمزية التي عرفت وشخصت ابنها القتيل من بين ثلاث هويات ورمزي المفتقد والمتواجد بين ارقام الحسابات، ما الصلة بينهما؟الغياب في الحالتين هو الذي يربط،، اشاراته تمتد مخفية من صفر واحد 2005 الى مكنسة الجنة2009،ليس الحروف فقط او المعنى او الارقام او الاشارات،وانما الاسم ايضا رمزية-رمزي، ودلالات الاسم..بل ينسرب حرف الزاي ليرتبط ب رمزي- زكية-مكنزي!

 

 ويبقى سر الاتصال الرئيس، مشيمة الارتباط الاهم والاكثر إخفاء عن عين القارىء بين الروايتين وكاتبهما مرتضى، هو تحولات فايروس أمية ومراوغاته،آثار الفايروس المنسلة بنعومة قاتلة، كما لو انه يذبح بقطنة، هل كان سيد ايوب في رواية (صفر واحد) حين واجه الفايروس بجدرانه النارية هو ذاته وداد في رواية (مكنسة الجنة) بعد سقوط جداريات الرئيس؟

 

وما الذي يمنع القارئ  او يحول دون اتساع خياله ليرى ان سيد ايوب ليس الا حالة ما او طور متغير من اطوار الفايروس ذاته الذي عمل على القضاء عليه !

 

سيد ايوب الذي حارب الفايروس، كان طورا مخادعا من اطوار الفايروس ذاته، اشكالية او متاهة، خُدِعَ بها صلاح وعمار في (صفر واحد) وهكذا رأى القارئ سيد ايوب أو فايروس امية يعيش في رواية (مكنسة الجنة) باسم وداد أو ...

من فضح _ وداد _ومزق اقنعته، لنراه بقذارته المقرفة وشذوذه ؟

من فضحه رمزي ام نورست ؟ ام من هو اوسع افقا وسيطرة على الرواية ولوحاتها ؟

 

تقول الدوال، دوال القراءة، ان ممزق الاقنعة والفاضح الكاشف هو طور اكثر خداعا من اطوار الفايروس  ..

سيد ايوب لم يقض على الفايروس _ هكذا يرى القارئ _ ولا عمار في (صفر واحد) ولا حتى مرتضى علي عايد او مرتضى كزار، وربما كانو جميعا _ من دون وعي _ من ضحايا موقع (قطوف الشمائل) جنود العسل او ......

 

يرى القارئ، نسغا اخر، حي وصاعد من (صفر واحد) الى (مكنسة الجنة) يرى الاندلس، طليطلة، معارك كوفادونكا / كهف السيدة،ومملكة استورياس وبواتييه، حروب الاسترداد، وحملات صيد الاندلسيين ويرى غرناطة عام 1492، وفي نفس العام يرى كولومبوس وهو يبحر عبر الاطلسي !

 

الفايروس، فايروس أمية، كان هناك، ومن هناك ايضا ابحر البرتغاليون تجاه الخليج، داروا حول افريقيا، احتلوا عمان والهند والخليج بساحليه، واقامو قنصليتهم الاولى في البصرة، حيث ضريح شوفان او حمام زكية .

طريق الارمادا البرتغالي نفسه هو طريق ناقلات النفط في رواية (صفر واحد)

 

هل يمكن الربط بين Oil اسم النفط بالانكليزية وبين اسم الرواية (صفر واحد) المفردة الاساس للغة الحاسوب..

 

ثمة اتصال واضح،حرف او الانكليزي ورقم صفر الانكليزي او العربي  وكذاك حرف إل ورقم واحد ..حين يقف القارىء عند رأس البئر  334_ غرب القرنة ويتمعن حديد الالات والادوات على فوهته والمسماة اصطلاحا في عالم الصناعة النفطية بشجرة الميلاد!

 

ثمة ما يربط بين السيد المسيح الزاهد وبين الاحتفال بانبثاق البترول من الارض ..هنا تتسع القراءة الى آفاق قصية فنتوقف .

 

ايحق للمؤلف، بعد الان، ان يكون مؤلفا  أوحد  للنص، النص متكثر بتكثر قرائه،وتكاثر قراءاته ودواله، وكما تقول نظريات التلقي عند الالمان القارئ هو المؤلف الحقيقي للنص .

 

الاشارات تربط بخفاء بين روايتي مرتضى وتجعل الاولى صفر واحد متنا اساسا يمكن من خلاله حل الغاز ومتاهات روايته الثانية مكنسة الجنة او لوحات مكتوبلي...هذا ما تقوله الاشارات.

                                                                                                          -البصرة2010آذار-

[email protected]

جابر خليفة جابر

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1350 السبت 20/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم