قضايا وآراء

الحروف المتحدة

يستقبل المعرض السنوي للفنانين التونسيين الذي يشتمل على عشرات اللوحات المتنوعة والمختلفة الألوان والأشكال والتقنيات والمضامين والأبعاد بحيث يقف المتامل  فيها مشدودا إلى البراعات والإبداعات بما توحي به من وجدان عارم وإشارات تعبرعن توهج الفنان وهو يكابد أشواق الحياة

 

610-sufلست أدري كيف وجدت نفسي أقف أمام لوحة جعلت من الحروف المادة الأولى لها، إنها لوحة ـ الحروف المتحدة ـ التي تبدو على شكل يشبه المحارة أو الأخطبوط أو ورقة العنب أو التوت لكن بلون هو إلى الدكنة المائلة إلى الرمادي أو البني غير أن الأشعة فيها تنطلق من المركز الدائري ولكنها أشعة ترتسم مستقيمة من مختلف الحروف بهندسة بديعة وبألوان متماوجة مما يجعل اللوحة توحي بالألفة اللامحدودة وبالانسجام والتماهي سواء كان منطلق العين من الجوانب والأطراف إلى المركز أو بدأ النظر من المركز نحو الحافات في ثنائية الداخل والخارج او الظاهر والباطن

 

 

610-sufaأما لوحة ـ الكاف ـ وما أدراك ما الكاف فهي مرسومة بنفس الهيئة تقريبا ولكن على شكل الرقعة الجلدية التي تبدو أقرب منها إلى شكل  ورق العنب أو المحارة بينما الأشعة  المنطلقة من المركز تبدو متجلية حينا ومتخفية حينا آخر بما للضوء من انعكاس واضح على بعض المواقع منها وحرف الكاف المتكرر في السطور الثمانية يبدو وكأنه يحتوي  على بعض الحروف الاخرى مثل اللام أو الهمزة أو حتى النون إذا نحن أمعنا النظر وقلبنا البصر ... وما الحروف إلا هندسة الروح كما قيل قديما

و لعل لوحة ـ الكاف ـ تعني قولة ـ كن فيكون ـ أو إذا نحن قرأنا ما يمكن أن يكون فيها من حروف لقرأنا حروف ـ الله ـ فيها فمثل هذه الأعمال الإبداعية تلامس التصوف في أبعادها إن هي لم تنطلق من بعض تجاربه

 

 

610-sufbاللوحة الثالثة هي لوحة ـ الراء والزاي ـ وهما حرفان فقط مرسومان بأناقة وسط  ورقة عنب أو توت أو ما شابههما ولكن الخريف يبدو قد أخذ يدب إلى هذه الورقة بما يلوح فيها من تصلب وتمزق واهتراء وسواد غير أن الحرفين يلوحان في تمام النضارة والامتلاء بالحياة...أهي ثنائية الموت والحياة أو هي ثنائية الشيخوخة والشباب ؟

 

تلك هي بعض أعمال الفنانة ـ آمال بن صالح زعيم ـ في معرض الفنانين التشكليين التونسيين لسنة 2010

 

610-sufcوللفنانة عمل تشكيلي آخر في النحت أو التصميم   بعنوان ـ شيطان العصرـ وهوعبارة عن تشكيل أو نصب من حديد وصلب وسلاسل وقطع من آلات ميكانيكية وغيرها من الأشكال المخروطية والقذائف والقنابل وقطع الغيار وهذا التجسيم يعبر بوضوح وقوة عن صرخة احتجاج ضد ما آلت إليه الإنسانية من حروب وظلم ودمار وقهر حتى أمسى العصر عصر حديد وأزرار وسلاسل وقيود..ذلك هو الفن... إنه يدعو إلى استرجاع إنسانية الإنسان أو لا يكون

soufabid.com

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1352 الاثنين 22/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم