قضايا وآراء

إجور الفنان العراقي تساوي 15% من زميله العربي !!

عن بصيص أمل للخرج من المأزق الذي حشرهم فيه ... المنتجون !

فإلى جانب الفنان د. عبد المطلب السنيد، تجد المخرج عادل طاهر والى يسار المخرجة عاتكة الخطيب تجد الممثلة ميس كمر .. وفي صف اخر تلاحظ الفنانون : إياد راضي، حسن هادي، خليل ابراهيم، مهدي الحسيني، علي ابو سيف، حسين عجاج .. الخ.

لقد، لقيت مبادرة "المنتدى الثقافي العراقي" في دمشق، الحاضن لهذه الندوة التي حملت عنوان (من إشكاليات الفن في العراق: الدراما التلفزيونية وهموم الممثل) صدى، وترحيبا كبيرين عند الفنانين ما دعاهم لتوجيه الشكرللمنتدى، في أحاديثهم للفضائيات التي تواجدت لتغطية الفعالية مثل: الشرقية، الجزيرة، البغدادية وغيرها .

الفنانان المبدعان، حسن حسني وجواد الشكرجي، حاورهم الحضور، وحاوروا الحضور، بلغة شفافة، سادها المنهج النقي، الجميل.. وكل رمى همومه في سلة الندوة المنعقدة يوم السبت الماضي، والتي إستغرقت ثلاث ساعات، والرغبة كانت تطالب بالمزيد، لولا وعد بأن الاسابيع اللاحقة، ستشهد إنعقاد ندوات ولقاءات مشابهة، بهدف رسم خارطة طريق، يفضي الى معالجة، تدني إجور الفنانين العراقيين، قياسا بأقرانهم العرب، والعلاقة بينهم وبين شركات الإنتاج وإدارات الفضائيات ...

ورغم، إنسحاب رئيس فرع نقابة الفنانين العراقيين في سوريا، الفنان طه علوان في بدايات الندوة، إلا إن ذلك لم يؤثر، في سيّر المناقشات التي شابها، حدّة حميمية بين أطراف "المشكلة" ... وكنا، نأمل أن يستمر حضور الفنان طه علوان، لمتابعة المناقشات، كونه يرأس منظمة مهنية ينبغي أن تكون الوعاء الجامع للفنانين وليس الإنسحاب... ربما كان الرجل يتوقع، أن ينصب الحديث عن موقف النقابة في هذا المجال، غير إن حقيقة الأمر، لم تكن كذلك، فالسجال بين الحضور (فنانين ومنتجين) جرى في إتجاه، بعيد عن آليات العمل النقابي وإنصب على تداعيات جرح الغبن والرؤيا المتعالية الى إبداعات الفنانين العراقيين من خلال التمييز في العملية الإنتاجية بين إجورهم وإجور أقرانهم العرب ....

 

 المنتجون أمام الممثلين ..

المنتج علي جعفر السعدي، أحد أضلاع العملية الإنتاجية في سوريا،تحدث

بأنسيابية عالية وبرؤية موضوعية للحالة، مؤكدا تجذّرها في الوسط الفني وأبدى رأيا للخروج من هذه الشرنقة، وهو أن يتحد الفنانون العراقيون ويعقدوا إتفاقنا ملزما لبعضهم، للوقوف بوجه الظاهرة، من خلال رفضهم للإجور المتدنية، وعند ذاك سيفكر المنتجون كثيرا قبل ان يحددوا سقف إلإجور، لافتا في الوقت نفسه، الى ان العملية الإنتاجية لا تخلوا من النفس التجاري ومن حقيقة العرض والطلب !!

ورغم موضوعية طرح السعدي، إلا إن الحاضرين تململوا ولسان حالهم يقول : إذا رفضنا الأعمال المعروضة، ذات المحددات والاجور المتدنية

فمن أين نتدبر امور معيشتنا في غربة قاتلة ومستلزمات معيشة قاسية رغم هواء الطمأنينة والرعاية التي يوفرها الاشقاء السوريون مشكورين في مختلف الجوانب ..

وشاطره في ذات الإتجاه، زميله المنتج " عمار علوان " .. ناقدا إزدواجية المعايير في النظرة الى الفنان العراقي والى النظرة الى زميله العربي وطالب بحل جذري، موضحا، إن الحل يتطلب فهما من الطرفين ( الممثل والمنتج ) لواقع الحال ... فالإنتاج مرهون بطلب الفضائيات وما تدفعه لشراء الاعمال الدرامية، فليس منطقيا ومعقولا أن يدفع المنتج آجرا لكادر العمل، أعلى مما يحصل عليه عند شراء هذه الفضائية او تلك للعمل المنتج!

ووسط الجدالات الموضوعية، طرح الفنان "مهدي الحسيني" رأيا، أضاف، فكاهة وإبتسامة في حومة النقاش في سياق الحديث عن وحدة الفنانين وعدم قبولهم بالإجور القليلة .. (عند ذاك سيضطر المنتجون الى إستيراد فنانين من تايلند لتمثيل الشخصيات العراقية)

 

 آثار نفسية..

بدأت الندوة، بحديث مسهب للفنان جواد الشكرجي، عن الأسباب التي دعت " المنتدى الثقافي العراقي" في دمشق لرعايه الندوة وعن دواعي مشاركة الفنانين في مناقشة قلة الاجور وعدم توفير مستلزمات الظروف الموضوعية للفنان العراقي و(سلق) العمل الدرامي، على حساب المبدعين، إرضاء للجهات الإنتاجية فقال إن هذا الموضوع خطير، ويصب في الخانة الجمعية لأحاسيس الفنانين، ويخدش عواطفهم ومشاعرهم ونفسياتهم امام أقرانهم الفنانين العرب ... فالعواطف التي يواجهها الممثل أثناء عمله الدرامي هي في جوهرها، عواطف فعالة لابد أن تنعكس في دواخل نفسيته، فتضعه أمام إختبار حر من الحكم لها او عليها... من الميل اليها او النفور منها ... من محاكاتها او نبذها .. الخ وبذلك يتأكد من حريته ومسؤوليته تجاه نفسه وتجاه الحياة !

وبكلام شديد الوضوح للمخرج حسن حسني قال : إن العمل الدرامي الناجح هو فن الإيحاء الذكي، الذي يتحرى الدقة في وصف تسلسل العمل وإحترام ذهنية المتلقي والتعامل معها بإحترام عال ... وفن التمثيل فيه خيوط من الآلق غيرالمرئي ... إنه يتحرك في محيط النفس، وهو محيط سري ومبهم وغامض بطبيعته، ويؤثر ويتأثر باية إهتزازات تواجهه...

إن القيمة الإعتبارية للفنان العراقي والمتمثلة بتقييمه من جهات الإنتاج وبما يستحق ويرغب وبالمقبول والمعقول، ستنعكس على أدائه .. وعند ذاك ستزداد نشوة المشاهد ويتمسك بما تعرضه الفضائيات وبالتالي ستزداد الفضائيات قوة ما يؤهلها لتكون (بيضة القبان) في مجال الكسب من خلال الاعلانات التي ستدر عليها الكثير ... فالمعلن تاجر ذكي، يعرف مدى جماهيرية كل فضائية بدقة، قد لايعرف بها حتى القائمون عليها..!

وأزيد بالقول: ابذخوا في الانتاج الدرامي الراقي وسترون النتائج المبهرة .

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1354 الاربعاء 24/03/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم