قضايا وآراء

هل مجتمعاتنا تتقبل الحداثة كما هي بشكلها الصحيح؟

مهمشة للسلبيات او العوائق التي رسختها المراحل التاريخية المتعاقبة، والتي ثبتت ما يمنع التقدم في كافة نواحي الحياة. اهم نقطة ارتكاز التي يمكن ان تسير عليها العملية السياسصية الثقافية الاقتصادية وتنجح، ويمكن ان تتجمع وتتركز في مساحة معلومة من حقوق الانسان والانسانية في التعامل كارقى فكر وعقلية حداثوية وهي الدافع الطبيعي للحداثة وما بعدها.

ان اي شكل اخر من الحياة العامة لا يشبه ما كان من قبل في اكثر جوانبه، وهذا لا يعي ان يكون الاصح مما قبل بل مغاير، ويختلف عن الماضي الا ما يخص الانسانية، وعلى العكس ما يمس الطبيعة وجمالها ومحتواها وما تتضرر منذ بدايتها.

الحداثة قضية معقدة كما نعرفها من التجربة الغربية، وهي اثرت بشكل كبير على العلاقات الاجتماعية والاخلاقية والتربوية، وليس بشرط ان تكون مؤثرة عليهم بالاتجاه الايجابي دائما، بل وضعت كافة الاشياء تحت تصرف ورحنة وخدمة الانسان وهذا يعود بالضرر من جوانب عدة على الانسان بذاته.

من ه9ذا المنطلق، عندما نقيٌم ما نحن فيه وما تتصف به منطقتنا من كافة النواحي، الحكم والاقتصاد والثقافة والوعي والتربية والتعليم والتقدم التكنولوجي، البنى التحتية والفوقية، لم نر ونلمس ما يقال هنا وهناك عن الحداثة الا سراب وخيال لم يحن الوقت للبدء في تصنيف الوضع العام بانه دخل الحداثة كما هو حال المناطق الاخرى التي قطعت اشواطا كبيرة.

مسيرة جريان العملية الحياتية بما فيها والاستناد على جوهر الحداثة فيها وليس المظهر وهو المطلب ويحتاج لدواعم وتغييرات جذرية، ويحتاج لعقلية وامكانيات متقدمة، ولهذا لا يمكن ان نعتبر الحداثة هنا بانها حقيقية، بل يمكن ان تنعت على انها صورية وخيالية من جميع النواحي النفسية والاقتصادية والسياسية، وحتى لدى الفكر والعقلية والاعتقادات الفرد، ونحن دخلنا هذا العالم من باب الخطا وخاصة في منطقتنا الشرقية لم نتنافس ونتصارع من الجاونب الفلسفية والفكرية لمضمون الحداثة وتداعياتها ومعطياتها من اجل تجسيدها بل نتجنب الانها وصعوباتها ولذلك لم ننتظر غير الفشل منذ بداياتها.

 والحداثة الحقيقية لابد ان تمس كافة الفئات والشرائح وابناء المجتمع والانسان بشكل عام، الا اننا نحس بان الطبقة الوسطى هي التي تهتم بهذا المفهوم وما يعنيه بالتحديد، ولهذا وفي اكثر الاحيان يمكن ان نغير القشرة فقط ولم ندخل الى اللب المطلوب من نجاح العملية التي يجب ان تشمل الجميع .

و هذا لا يعني ان ننكر وننفي ما كان الموجود بكل ما فيه ونمسحه بالكامل، لا بل في بداية الحداثةعاد المفكرون باهتماماتهم الى الافكار والاطروحات اليونانية والتوجهات واالطر الرومانية في الفكر والعمل ومن ثم تفكيكها واستنتاج الجديد او الحديث منها. وهذا ما يجبرنا ان نستفيد من التجربة الاوربية ونعيد بافكارنا الى عصور النهضة الاوربية وما حدث لمنطقتنا ان سميناها نهضة ولكن انقلبت لغير مسار، ولكن ما تقدم في الغرب حقق الهدف بدقة متناهية، وعبرت المراحل المتنورة الطبيعية التي تصحبها والانتقالات التي حدثت للحياة العامة هناك، وبالاحرى يمكن الاستناد على الحداثة الاوربية كجسر لعبورنا الى عالم الحداثة والتقدمية والنهضة قبل اي شيء اخر.

 وعليه يجب ان نتفهم واقع وتركيب ومحتوى وطبيعة مجتمعنا ونستفيد من تجارب الاخرين لربط العوامل المشتركة ان وجدناها لنجاحها في منطقتنا، وهذا من الصعوبة جدا ويحتاج لعقول وارادات وامكانيات ومؤسسات والاستقرار التام في الاوضاع للبلاد، لكي لا يعود علينا بالضرر وينعكس ويتضرر المجتمع بدلا من الانتقال الى مرحلة الحداثة والسير فيها وام بعدها، والفشل محتمل في كل الحالات.

لذا يجب ان يتعاون الجميع من المؤسسات والمنظمات والعقول والنخبة في تحديد البداية الصحيحة للبدء في تطبيق هذا المفهوم المصيري العصري الذي يجب على اي بلد ان يخوض في مضماره ان اراد التقدم والانتقال بشكل عام  في حياة مواطنيه.

ما يتسم به الشرق الاوسط والمشرق بشكل عام يصعب الموقف رغم ثراء تاريخه بالتجارب والعلماء الذي خاضوا في العملية الحداثوية ودخلوا المسار من باب العلم والمعرفة والاختراعات والنظريات التي تعتمد لحد اليوم من قبل الغرب.

اي اننا نملك المواد الاساسية، وربما التشويه الذي حصل في مدى التاريخ لمنطقتنا يصعب الموقف قليلا، الا انه المنطقة تتحمل السير نحو الحداثة بقوة، ولكن التخطيط والبرمجة والعقليات الملائمة لم يبدئوا المسيرة ولم تستهل لحد اليوم لانشغال المنطقة بالكوارث السياسية والعسكرية قبل اي شيء اخر.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1374 الاربعاء 14/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم