قضايا وآراء

الناقد العراقي في فضاء التحدي !!

وفي ضوء تلك الصورة، ضاع اللب وتسيّدت القشور، وأصبحنا في حيرة من أمرنا، فأينما يممّنا شطرنا،إصطدمنا بما يؤذي ذائقتنا ويعمي أبصارنا ويهيل التراب علي ذاكرتنا، خصوصا في مجال الثقافة والفنون والنقد المترفع عن الضغائن..!

وحسنا فعل، الناقد المثابر د.حسين سرمك، الذي شمّر عن ساعديه وأسس أول صحيفة الكترونية عراقية تعني بالنقد العراقي... ولايخفي علي من عمل في الإعلام،إن الشروع بمثل هذه الخطوة يحتاج الي أدوات تنفيذية عديدة من فنيين متخصصين في البرامجيات وتصميم المواقع والي أموال كي يصمد المشروع بوجه فيضان الضحالة الذي أخذ ينهش في جسدنا باسم (النقد).

والناقد د. سرمك، كما نعرف يحمل أدوات الحرفية العالية في النقد، لكنه خالي الوفاض من الناحية المالية، غير إنه بادر وتوكل علي الله، معتمدا علي صيرورته ومدرسته النقدية ومهارات إبنه الفطرية في الامور الفنية الخاصة بعالم الانترنت والمواقع الالكترونية... فهيأ لنا موقعه " الناقد العراقي " ليكون مصدرا مهما في النقد.. وكأنني أسمعه، يقول (أقفلت باب بيتي وفتحت باب قلبي، فغص بيتي بالزائرين الطيبين).

في موقع (الناقد العراقي) تتجادل الأفكار في محيطها الواسع وتسمح لمتلقيها أخذ المفيد منها وترك الغث والإبتعاد عنه ضمن طروحات بعيدة عن التعصب، نائية عن ضيق الافق المريض، ويسعي الموقع لأن يكون شاهدا وتسجيلا لتأريخ فن نقدي عراقي جديد ويحاول أن يبين إن الناقد الواعي هو الجسر الذي تنعقد عليه تجربة أدب مقارن، مغن للأدب والأدباء وإنه البؤرة التي تتلاقي عندها أشعة الادباء من كل طرف لتضييّ كل منها بنور جديد، خصوصا بعد تزايد الأصوات التي تؤكد إن حالة النقد في العراق حاليا، ضعيفة بل هي في إشد حالات الضعف وإننا لم نجد نقادا مؤثرين ولم نجد كتابا مؤثرين، علي قاعدة، "إن ضعف النقد يجييّ من ضعف الأدب "!

وهنا، أقول ومن ملاحظاتي علي ماقرأت من نقود لمن يكتبون حاليا في الصحف المحلية وفي المواقع الاكترونية العراقية والعربية في مجالات الثقافة إن هؤلاء (البعض منهم طبعا) يستقون معاييرهم "النقدية " من مناهل عدة وليس لديهم برنامج ورؤية منهجية.. هم يعتمدون علي "إقتباس" مفاهيم غريبة عن واقعنا، في محاولة واضحة لإصطناع معاييرها، ناسين إن المذاهب النقدية اليوم،متعددة لكنها بالمجمل مفاهيم غلبت عليها الإسلوبية دون الغوص في المعاني والتأثير والموضوعية والي غير ذلك.

لقد نسي هؤلاء (البعض) ممن يسترزقون من كتابة ما يسمي بـ " النقد " إن أبشع أنواع الصيد هو صيد الملل وأبشع الصداقات (الادبية) هي التي تبدأ بالمنافع وتنتهي اليه وإن محاولة تحويل الجالسين فوق قش الحياة الي رموز ثقافية من خلال تسويقهم لنصوص، مقلّده ورديئة بإدعائهم إنها (بضاعة ادبية) أصيلة وأصلية، في حين إن الجميع يعرف إنها بضاعة هشة وهلامية... وشتان ما بين الاصيل والمقلّد.

إنني ورغم عملي الطويل في الصحافة، لازلت أحمل رهبة السطر الأول في الكتابة.. ومرات عديدة حاولت الهرب من الورقة البيضاء التي أمامي، لكني

أشعر بالغضب والعجب لأناس ولجوا عالم (الكتابة) منذ فترة قصيرة وإذا بهم يصرّون علي حمل لقب " ناقد " وأشير، هنا، الي طرفة، صادفتني قبل سنين، تدلل، علي خطورة الكتابة النقدية، حيث إتصل بيّ صديقي الزميل د. طه جزاع، مستوضحا بدعابته وتهكمه المعروف، هل إنني تركت الصحافة وإتجهت الي "النقد " في إشارة منه الي مادة نشرتها في "الزمان " قبل فترة، تضمنت قراءة نقدية لمجموعة قصصية جديدة لشابة ولجت عالم كتابة القصة، مع معرفته بتجربتي المهنية!!

إن النقد مركزه الضمير.. والضمير يرتكز علي الحرية والمعرفة والثقافة والوعي وإن كل من لايحمل القيم النبيلة، لايعتبر ناقدا مهما كانت أداة التعبير عنده راقية!

ومن متابعتي لموقع "الناقد العراقي" وجدت إن الضمير المعطي هو ينبوعه والضمير المتلقي هو التربة الصالحة التي يتفاعل فيها.. تحياتنا

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1374 الاربعاء 14/04/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم