قضايا وآراء

نتائج الانتخابات..وسيكولوجيا العراقيين

وكيانات وطنية أخرى .. ولو بمقعد واحد!.ولا تدري أتحزن على هذا أم تشفق على ذاك..أم تلعن العملية السياسية بكاملها؟!.

قلنا، ونعيد، أن سيكولوجيا الناخب العراقي هي العامل الحاسم في اعطاء صوته، وانها مختلفة عن سيكولوجيا الشعوب الأخرى. فلو كانت الدعاية الانتخابية تؤثر- كما في امريكا– لأتت "أحرار" التي دفعت لفضائية العربية وحدها ثلاثة ملايين دولار وحشدت خبراء العالم في الدعاية..ولو بخمسة مقاعد!، فيما فازت مرشحة في محافظة النجف لم تعلّق لها صورة واحدة. ولو كان النضال والنزاهة والكفاءه تشفع لجاءت بشيوعي أو بمثقف واحد من قوائم أخرى.

لكنها سيكولوجيا أزمة التحول من فوضى التغيير الى تغيير يؤسس لاستقرار، وزعت الناس في فهمهم لحلّها على اربعة اصناف الأول، من "قفل" على اختيار قائمة بعينها مدفوعا بآليات الاحتماء بسلطة دولة من طائفته، والتماهي برموزها، والتحرر من اذلال خبر قسوته. و"العامه" هم هذا الصنف الذي حسم فوز الأربعة الكبار الذين تحكّم في اغلبهم العقل الانفعالي وحصرهم بزاوية المفاضلة بين من ينتمون لطائفتهم فقط حتى لو كان في القوائم الأخرى من هو أفضل من اغلبهم. وكما للسياسيين رذائلهم، فللشعوب رذائلها أيضا..وهذه واحدة منها أن " الشعب" ينتخب أبن طائفته المحدود الكفاءه ولا ينتخب عالما" أو مثقفا" كبيرا"!. وما يشفع لهذا الصنف ان ممارسة الديمقراطية بوعي لن تحصل الا بتوافر الثقة بالآخر، فكيف بهم وقد خرجوا للتو من " جمهورية رعب" اهدرت دماء عشرات الالآف ودفنت احبتهم احياء.ولن يتعافوا منها الا بعد أن يعمل البرلمان الجديد على اعادة بناء الثقة وايصال الناخب الى ادراك أن الديمقراطية مشروطة بـ "المسؤولية " التي تعني انتخاب الأكفأ والأصلح لخدمة من يتولى أمور البلاد والعباد بغض النظر عن طائفته وقوميته ودينه، ولن يحصل هذا بقفزة على القوانين الاجتماعية- النفسية.

والصنف الثاني، هم الذين تحكّمت بهم سيكولوجيا المصالح الشخصية، فاختاروا من تكون "اللقمة معه ادسم" و " المركز الوظيفي معه اضمن ". فيما الصنف الثالث هم الذين عزفوا عن المشاركة بالأنتخابات من الذين تحكّمت بهم سيكولوجيا الأحباط واليائسين من اصلاح الحال، فخدموا - من حيث لا يدركون- صنف العامة .

اما الصنف الرابع، فهم الذين انتخبوا بوعي من وجدوا فيه مواصفات البرلماني من قوائم فائزه وغير فائزه، غير أن كثيرين منهم اصيبوا بالخيبه ..حين لم يفز من بين الكتل الصغيرة أحد برغم أن بينهم حصل على أكثر من عشرة الآف صوت، وبينهم من هو بمواصفات عضو برلمان.والكارثه أن آخر من قائمة كبيرة سيدخل البرلمان بألف صوت!..وأن 61 مرشحة فزن بفعل الكوتا وأزحن عشرات المرشحين حصلوا على عشرات أضعاف ما حصلنّ عليه من أصوات!.

ومع كل السلبيات فثمة مفارقة أشارت لها صحيفة الواشنطن بوست بقولها : انها المرّة الأولى على صعيد دول العالم الثالث التي يشتكي فيها رئيس جمهورية ورئيس وزراء من وجود خروقات ويطالبان باعادة العد والفرز اليدوي، ويرفض طلبهما رئيس المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات!.

ونرى ان أهم ما يحسب للناخب العراقي أنه جاء ببرلمان فيه معارضه دستوريه قوية " تعقلن" الحكومة والبرلمان. وأنه وجه صفعه قوية لسياسيين يعدون أنفسهم (كبارا!) فايقضهم سقوطهم من وهم كبير، وفي هذا عبره للبرلمانيين الجدد، ولفت أنتباه أن حلوا – ياسياسيين – ازمة أنتم تعقدونها، وكافئوا شعبا انتخبكم والا سيرفضكم كما رفض من قبلكم سياسيين مصابين بمرض سطوة السلطة في زمن الديمقراطية!.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1375 الخميس 15/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم