قضايا وآراء

من الشعر الهندي .. جيوتسنا ميلان Jyotsna Milan

كان الجو العام في البيت مليئاً بالأنشطة الأدبية ، فكانت النصوص الهندية والانجليزية في متناول بدها، كما كانت تصلهم الى البيت مختلف المجلات الأدبية والثقافية. كانت مغرمةً منذ صغرها بقراءة الشعر والاستماع اليه رغم معارضة والدتها التي كانت ترى أنها فتاة وعليها أت تتعلم كيف تدير منزلاً، إلا أن الشاعرة كانت تستغل كل فرصة متاحة لتعلّم نفسها، كما أن والدها كان يشجعها على قراءة الشعر، فيقدم لها مجاميع شعرية لتطالعها. للطبيعة تأثير واضح في شعرها فهي القائلة كأنها والشعر والطبيعة ثالوث في حوار جرى بينها وبين الكاتبة والمترجمة لوسي روزنشتاين في ديسمبر عام 2000 وفي مدينة بهوبال (Bhopal) حيث تقيم الشاعرة. أكملت دراستها الجامعية متخصصة في الأدب الانجليزي. إصدارها الأدبي البكر هو رواية (آبني ساث Apne Saath) عام 1976 . ثم أعقبتها بمجموعتين قصصيتين ورواية ثانية ومجموعتين شعريتين. متأثرة في كتاباتها بظروف حياة المرأة في الهند. تعمل مديرة لتحرير مجلة (أناسويا Anasuya).

 

إمرأة:

في لحظات الحبّ

يبدو الرجلُ أحياناً

وكأنهُ إلهٌ

بالنسبة للمرأة

"إلهي ... إلهي!"

تهتف المرأة

وكلُّ كيانها

يشتعلُ

"أنظري"،

يقولُ،

"أنا إلهٌ"

تنظرُ اليهِ

تتألمُ

منْ أنْ تخسرَ الإله

تُديرُ

وجهها عنه بعيداً

 

دائماً:

فجأة

نظرتُ الى قدميَّ

وامتلأتُ قرفاً

كنتُ لا أزالُ واقفةً

حيثُ قد زُرعتُ

منذ سنين طويلةٍ مضتْ

جميعهم سويةً

تعلقوا بي

ماذا كانوا يريدون:

حقيبةً، قبعة، قفازاً

أم تعبَهم

مع ذلك من المعتقد

كما لو أني

طوال هذا الوقتِ

دائماً وأبداً

كنتُ في حركةٍ

 

بحث:

إنها تُشعلُ الطبّاخ

تحضّرُ شاياً

تكنس البيت

تُغيّرُ الشراشفَ

الناس الذين يأتون

يقولون

"في بيتك

يشعرُ المرءُ

وكأنه في بيته"

مندهشةً

تنظرُ حواليها

في بيتها

تتجول داخل الغرف،

تبحث عن بيت

تعثر على غرفة

كنبة، سرير، كراسي،

غرفة أخرى

أسرّة، سجاد، رفوف

كلّ هذه الأشياء مصفوفة

في كلّ غرفة

بينما روحها تائهةً

تهيم في الجوار

بحثاً عن بيت

لايعود لأحدٍ بعينه

 

أقدام:

توقفت الأقدام

حائرةً ـ

أعليها أن تمشي أم تقف ؟

تاهت في التفكير

قبل أنْ تتحرك،

اعتادت أن ترتفع

مرةً واحدةً

وتبدأ في المشي،

في طفولتها

لم تكن هناك دوافع مُقرِّرة

للمشي أو الوقوف،

لم  تكنْ الأقدامُ أبداً

تتخيّل

بأنها ستبدأ

في التفكير

يوماً ما

 

* سماء

سنةً بعد سنة

جلستْ

منغلقةً على نفسها

استمرتْ في النظر

من خلال النافذة

عالياً باتجاه السماء

في يومٍ دخلتْ عليها

في غرفتها

وقالتْ:طيري!

استدارتْ

واستمرتْ في النظر

الى السماء التي

كانت في الخارج

وفي الداخل

 

* كما لو أنها أبداً

تركتْ البيتَ

كما لو أنها

لنْ تعودَ أبداً

لم تعتنِ بنفسها

ربما

كان على البيت أنْ يُمسكَ بها،

يبتلعها أو

يتبعها زاحفاً

 

اسمحي له بالبقاء

ليفعل ما يريد

هي

كانت متقدمةً على نفسِها

الى حدٍّ بعيد

إلى حدٍّ بعيد

 

* خلفها

توقفتْ في منتصف الطريق

التفتتْ ناظرةً

الى الخلف

لم يكنْ هناك طريق، ولا حقول،

ولا مدينة،

ولا أماكن،

ولا ناس

من أيام ولادتها

ولا أيّة آثار على الاطلاق

كان يبدو وكأنّ أحداً

قد كنسَ تماماً

الحياة التي عاشتها

 

* ريح ـ أشجار

فجأةً

امتلأتْ الغرفةُ

بضحكة خضراء

على رؤوس أصابع قدميّ

نظرتُ خلسةً الى الخارج

دغدغتِ الريحُ الشجرةَ

والشجرةُ

ضحكت عالياً

 

بعد أنْ ركضتْ

دون توقف

استراحت الريحُ

واتكأتْ على الشجرةِ

والشجرة

وقفت ونظرت اليها

دون أنْ يرمشَ لها جفن

 

* بهذه الطريقة

من قبل

الشجرةُ وأنا

كنا معاً

لم نكنْ نفكر مطلقاً

بأننا معاً

بهذه الطريقة

كنا بهذه الطريقة

منذ البداية

لم يكنْ لنا دورٌ

في أنْ نكون بهذه الطريقة

لكننا منذ وقت قريب

أدركنا

بانْ نكون معاً

بهذه الطريقة

هو شرط لأنْ نكونَ

 

 

ترجمة عن السويدية والانجليزية: عبد الستار نورعلي

الخميس 15 ابريل 2010

 

...................

* لوسي روزنشتاين: ولدت في بلغاريا. حصلت على شهادتها الجامعية باللغة الهندية من جامعة صوفيا/ بلغاريا ، وحصلت على الدكتوراه في الأدب الهندي المقارن وعن قصائد براج بهاشا. وبراج بهاشا هي احدى لغات غرب الهند وامتازت بأنها لغة أدبية. اهتمت روزنشتاين في دراساتها وعملها منذ عام 1997 بالشعر المقارن الهندي. وقد انصبّ اهتمامها أكثر في السنوات الأخيرة على ترجمة شعر المرأة الهندي.    

  ........................

(المترجم)

* أخترت القصائد من انتالوجيا الشعر الهندي (Innan ganges flyter in i natten) (قبل أن يفيض غانغس ليلاً) لمجموعة من المترجمين السويديين، وقارنتها مع الترجمة الانجليزية لها. (المترجم)

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1378 الاحد 18/04/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم