قضايا وآراء

طنطـــا !

على مدى ثلاثين سنة، وتحديدا" من عام 1980 بداية مسلسل الحروب الكارثية، عاصرت ما حدث بالمجتمع العراقي من ظواهر، واجريت عددا من الدراسات الميدانية سواء في ميدان جرائم القتل البشعة، البغاء، المخدرات، العنف، أو المثلية .... وتوصلت الى الحقيقة الأتية :

حين يمر المجتمع في ازمة حادة،

لابد ان ينتج عن هذه الازمة ظاهرة سلبية

يكون الشباب اكثر الفئات الاجتماعية شيوعا فيها .

 

واللافت للانتباه ان الظاهرة السلبية التي تحدث في المجتمع لها علاقة بطبيعة أو نوعية الأزمة . ففي زمن الحصار مثلا" شاعت في المجتمع ظاهرة سرقة السيارات المصحوبة بقتل اصحابها . وكنت التقيت بالعصابات التي القي القبض عليها وقمت بتحليل شخصياتهم .

وفي زمن الحرب العراقية الايرانية ازدادت حالات البغاء، واجرينا دراسة ميدانية شملت اكثر من ثلاثمائة بغيا" وسمسيرا" القي القبض عليهن، لمعرفة اسباب ووسائل البغاء وتحليل لشخصية البغي، نشرت في حينها بمطبوع محدود التداول.

وتظهر الآن الى العلن حالات اصطلح على تسميتها شعبيا" (طنطا) .. وتعني الشباب المتميعين الذين يستخدمون (المكياج) لتجميل وجوههم، وزرق الهرمونات لتكبير الصدر .. والتشبه بالنساء في تصرفاتهم فيصفهم الناس بــ (المخنثين) أو (المثليين) أو (الشاذين جنسيا")، وهي حالات موجودة في كل المجتمعات وليست بجديدة على مجتمعنا .

ولهذه الحالات ثلاثة اسباب جوهرية .

اولها :

اسباب اسرية تتعلق باساليب تنشئة خاطئة في الطفولة، مصحوبة بانعدام التوجيه والارشاد بمرحلة المراهقة، والشعور بالضياع بمرحلة الشباب .

وثانيها :

اسباب تتعلق بالتحولات الديمقراطية واشاعة الحرية، وظهور منظمات المجتمع المدني التي تطالب باحترام حقوق الانسان. واعتقد ان حالات (المثلية) هذه صار بين افرادها ما يشبه التنظيم الذي يهدف الى انتزاع الاعتراف بحقوقهم كما هو الحال في عدد من المجتمعات الغربية، دون اخذهم باعتبار ان المجتمع العراقي مجتمع اسلامي له قيمه التي تختلف عن قيم المجتمعات الغربية .وسبب آخر اعتقد انه الارجح والاذكى، هو ان هؤلاء (المثليين) يريدون ان يعلنوا عن انفسهم ليكشفوا للعالم الغربي كم هم مضطهدون ومستهدفون بالقتل لعلهم يحصلون على لجوء في دولة اوربية .

وثالثها:

هو ان الكثير من حالات المثلية هذه نضعها في الطب النفسي تحت مصطلح (اضطراب الهوية الجنسية) .. وتعني تحديدا" ان الفرد " المثلي " يشعر انه ولّد في الجسم الخطأ . فالولد يشعر نفسيا" انه انثى ولكنه مولود في جسم ذكر، وهنا يحصل اضطراب بين هويته النفسية ومشاعره الانثوية وبين هويته البايولوجية وما مطلوب منه التصرف كرجل، وهذا ما نريد ان ننبه اجهزة الدولة المعنية والناس بشكل عام، الى ان هؤلاء المثليين من هذا الصنف جاءوا بتركيبة نفسية وبايولوجية خاطئة، وانهم كالمرضى الذين لا يكونوا مسؤولين عن مرضهم، وليس لسلوكهم هذا علاقة بالتفسخ الاخلاقي او التحلل الاجتماعي، فالنظرة العلمية الحالية لظاهرة المثلية ترى انها ناجمة عن خلل تكويني في الدماغ يبدا بالمرحلة الجنينية ويستمر في مراحل الحياة اللاحقة . وعليه فان اساليب التعامل مع هذا الصنف تحديدا" يجب ان تختلف . فاذا كان الارشاد الديني والاخلاقي ينفع مع الذين (تخنثوا) لأسباب اسرية واقتصادية وشعور بالضياع، فانه لايجدي نفعا" مع المصابين بــ (اضطراب الهوية الجنسية). وعلينا ان نكف، شرطة واجهزة امنية ومتشددون، عن استخدام العنف مع هؤلاء أو استهدافهم بالقتل .. فهذا يزيد المشكلة تعقيدا" .. انما التعامل معهم يكون على مسارين : تربوي وديني واقتصادي " للمخنثين " وعلاجي يخص الاطباء النفسيين للمثليين المصابين باضطراب الهوية الجنسية.

لقد أبلغناكم بما يقوله العلم، فان اصررتم على جهالتكم ..كنتم من الآثمين.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1382 الخميس 22/04/2010)

 

في المثقف اليوم