قضايا وآراء

الخطاب الأوبامي والحقل الايديولوجي الجديد

ما هو الحقل الايديولوجي؟

ارتبط مفهومالحقل الايديولوجي-حتى أواخرالتسعينات-في الغرب- ارتباطا وثيقا ببلدان الديموقراطيات الغربيةالتي تتميزثقافتها، ولأسباب تكنيكية وسياسية وعوامل أخرى– غير معلنة-، بتحويل المعارضات السياسية الىعرضSectacle، واتاحة الفرصة لمختلف الأطروحات للظهورعلى خشبة المشهد المسرح يعبرالمناقشات المتفلزة، وعبرالأثيروالأنترنيت، لتعويدالناخب المتفرجعلى تأمل هذا الحقل الرمزي لمختلف الاتجاهات الأيديولجية.(1)

 

 كما يتميزالحقل الايديولوجي في هذه البلدان-مبدئيا- بقيامه على قوانين مكتوبة وغير مكتوبة وأعراف متفق عليها usages تحدد قواعداللعبة، وتحول دون الخروج عليها، من حيث أنه حقل تنافسي، وهو الأمرالذي يتطلب ضرورة تقنين هذه المنافسة.

 واذا سلمنا جدلا بوجود هذا الحقل الايديولوجي في الولايات المتحدةـ فيبقى مع ذلك أنه يفتقد الى الضوابط والمعاييرالأخلاقية التي كان متعارفاعليها في أوربا الغربية –على الأقل من الناحية الشكلية- ..، ففي هذا البلد ذي التراث الليبرالي، والتعددية السياسيةالظاهرية والشكلية، لم يسمح فيها قط لأنواع اليسارالراديكاليةبالتعبيرأوالتحزبأوالظهورعلى المسرح السياسي الأمريكي، منذ أن ظهرت كقوة مؤثرة أفرزها الغبن الاجتماعي والتباين الطبقي والعنصرية المؤسسايةالمؤدي الى الأزمة الاقتصادية الكبرى لعام 1929، حيث تم القضاء عليها، أواستأصالها، أوقمعها، وزج بمنظريها في السجون في المرحلة المكارثيةالمعروفة،

 

 ولقد تقاسم السلطة السياسية -تاريخيا- كل من الجمهوريين والديمقراطيين، وظلا يحتكران حق انتاج وترويج الحاجات الرمزيةالتي تتكلفبصنعهاالمؤسسات، و(صناديق أوعلب التفكير) وشبكاتصناعات الرأي العام المكلفة بتوجيه الميول والأذواق(بكل أنواعها، من فرشاة الأسنان، الى شريكة أو شريك الحياة، وصولا الىأكثرالأشياء حميمية لدى الأمريكي) عبرالماكينة الهائلة لجبروت المالوأولوهيته–في الولايات المتحدة- التي تديرهاوول ستريتومؤسساتها المصرفية، وكبريات دورالصناعات الخاضعة للوبيات، وديكتاتوريةامبراطوريات الاعلام التي تمارس ما يسمى بالبغاء السياسي التي تتكلف بترويج الشخصيات السياسية والرياضية ونجوم السينما مثل السلع الاستهلاكية بالساليب الدعائية الرخيصة، وحسب قوانينالسوق، وحينية العرض والطلب، التي تدوردوما في فلك فانتازيا نموذج الحياة الأمريكيةعبرتلك الوسائل الجهنمية الكبرى، التي بيدها ناصية الأموركلها، تعزمن تشاء وتذل من تشاء

وان ظهورأي تيارلا يستجيب لهذهالاستثناءات الأمريكية-التي أتيت على ذكرها في مبحث سابق- أولا يتماشى وتنظيرات هذين الحزبين-الا ينظراليه كخطرداهم على نفوذمصالح الدولةوالقيم الأمريكية العلياالثابثة والمصيرالواضح للأمة الأمريكية – كما قعد لها المنظرون البراغماتيون في عشرينات القرن الماضي المستمدة منالعهدين الجديد والقديم والتقاليد (التوراتية-التلمودية) بالمنظور البروتستانتي

 

الخطاب السياسي الأوبامي الجديد ومنهج انتاج الرموز

ان الخطاب السياسي–أياكان- يعرف نفسه في مواجهة الخطاب السابق عليه أ واللاحق، يحدد موقفه منه تأييدا، أومعارضة، أواستحسانا، أواستهجانا. ودوره هواعادة بناء الحقيقية كما يتصورها في مواجهة الآخرين، من أجل استحواذ الثقة والمصداقية، ومن أجل بناء روابط قوية معالآخرينمن المقربين، أوالخصوم المبعدين، وهوبذلك مكره على الدخول في صراع وعنف رمزيين مع الخطاب السابق، وعليه بانتاج رموز جديدة، أواحياء الرموزالسابقة – مع اختلاف في الشكل و في الطرح-

 

 العرب والخطاب الأوبامي

 وقد نجح الخطاب الأوبامي-في السياسة الخارجية- الىمغنطسةالمحللين، والمثقفين، والنخب الأوربية واعلامها.(بسبب عوامل أهمها، نهاية الفروقات ما بين اليسارواليمين في الأهداف ونظرتهما الى المشاكل الاجتماعية وقضايا العالم الثالث منذ اندحارالمعسكرالاشتراكي وطغيان الأطروحات الجديدة لفهم العالم الجديد وخطابالنهايات والمابعد )..

 أماالنخب العربية، فقد جاءت معظم تحاليهلهم للظاهرة الأوباميةعبارة عنشوارد أدباتية ورومانسيات فارغة، وأنظاراهجينة لاناظم لها سوى الهجانة، واشتات قراءات لا راتق لها، واجتهادات جزئية لا جامع لها، و في معظمها للموضة تابعة، تميل مع كل ريح، وهم في أغلبهم يتبعون كل ناعق، ويميلون مع كل صائح، فتاهوا مع أوباما في المسارب، وتطوحوا معه في متاهات، وتتوهوا في مطاوح، وهاموا فيتعشقهذاالرجل عشق المريد الصوفي لشيخه ومربيه، منجرفين الى عنصراغواءوجاذبية الرجلSéduction الهوليودية، ومضللين بهرجة خطاباته المفوهة، محقرين عقولهم، ومعطلين ملكاتهم النقدية، ..، فسقطوا في شركالتعبئة السيكولوجية للخطاب الأوبامي، عوض التريث والتحليل والتبصر والعقلنة، مستبقين الأحداث وما تخفيه حوالك الأيامالأوباميةالمقبلة –والعبرة دائما بالخواتم كما ورد في الأثرالنبوي الشريف-

 ومن هنا، فانصانعيأوباما، حاولوا أن يرسموا حدودا معيينة–تاكتية- تميزه في مواجهة خصومه، سواء ابان الحملة الانتخابية، أومع خصومه السياسيين في مرحلة ممارسته للسلطة، بتطبيق منهجيةهدم الحدودالتي تحول بين الأعداءالمعارضين، أوالمحتملين، ووضع خطط للتفكيرفي احتمال التخلي عنالموالينأثناء بحثه عن حلفاء جددمحتملين ولهذا يعمد أوباما في خطابه السياسي الداخلي، والخارجي، الى توظيف لغته ومفاهيمه لخدمة هذين الهدفين، مما يعني-على المدى المتوسط- احتمال تخليه عن بعض حلفائه المعتدلي نفي المنطقة العربية وخارجها لكسبحلفاء جدد ممكنين، مثل ايران وسوريا وروسيا وكوريا والصين وفانزويللا وكوبا وكولومبيا، (وهذا تقليد أمريكي تاريخي معروف سنأتي على شواهد تاريخية له لاحقا)، والعمل على تطويق العصاة والمتمردين والمارقين بتحريك الاجماع الدولي، وهيئة الامم المتحدة ومحاكمها الجنائية (كما كان الشأن في قضية الرئيس السوداني عمر البشير) ومنظماته الحكومية وشبه الحكومية ضد هؤلاء العصاة المقاومين للمشروع (الاسرائيلو-غربي-أمريكي) في المنطقة، وعزلهم اقليميا ودوليا، وابعادهم عن مصادرقوتهم وتمويلهم، قصد كسر شوكتهم، وخاصة وأن مصادرالاستخبارات الأمريكيةFBI تؤكدعلى تزايد القدرة الضاربة الايرانية، وفاعلية جهوزيتها الحربية (مع استمرارتواجد تيارأحمدانجادي المتشدد ضد الغرب واسرائيل واستنفار غالبية الشعب الايراني وراء هذا المشروع مضحيا بالمكاسب الاقتصادية التي خيبت آمال تل أبيب ةالغواصم الاوربية وواشنطن، وكل المعتدلين العرب)،مع احتمال نهاية اسرائيل في غضون العشرين عاما القريبة المقبلة (2) مما جعل أوباما يحاول اقناع ناتنياهوبالكف عن التفكيرفي ضرب ايران، وأنه من حسن الفطن للحكومة العبرية قبول الحوارمع الفلسطينيين المعتدلين بدل العمل على السقوط القريب في العمى المبين، و ضرب آخراسفين في نعشها، ودفن جسدها المنخور الذي بدت عليه بوادرأعراض الموت الاكلينيكي- للذين لايعلمون- حيث حث الرئيس الأمريكي الحكومة الاسرائلية بالتخفيف من غلواء استفزازات ليبرمان وقعقعات تصريحاته الصلفة، وتهديدات وتبجحات ناتانياهوالمتغطرسة، اذ أن مسؤولية الولايات المتحدة – مبدئيا- هو الحفاظ على أمن اسرائيل ودوامها الى قيام الساعة، ولأن واشنطن لها مشاكلها الداخلية المستعصية المنذرة بقلاقل، ان قامت فلن تبقي ولن تذر، كما أن لهاأولياوتها في سياسيتها الخارجية التي هي السيطرة الكلية على افغانستان وباكستان لتطويق الدب الروسي والتنين الصيني والذئب الأغبر التركي للوصول الى الهيمنة الكلية على مصادرالطاقة وممراتها البرية والبحرية والجوية، وومراقبة النقط الحساسة الاستراتيجية الموصلة الى الأغراض الأمريكية تلبية لهذيانمصيرها المبينالممتد من القطب المتجمد الشمالي الى بلد العماء البدائيحسب تعبيرالمؤرخ الامريكي جون فيسك

 

ما هونظام المعرفة الأوبامية

يقصد بنظام المعرفة، جملة المفاهيم التي تشكل فيما بينها، رؤية حول المجتمع والانسان وترتبط هذه المفاهيم بعضها بالبعض بشكل متجانس وبطريقة منطقية. والايديولوجيا –بالمفهوم الغربي-هي في الأصل نظام مغلق للتفكيرمشوه (بكسرالشين) و(مشوه بنصبها) يمثل نظاما للمعرفة ونسق من التصورات، يحكم الفكر والممارسة، وقد كانت بمثابة واحة و مملكة الوهم العاجية التي بناها أنبياء الايديولوجيا الألمانية(ماركس، انغلز، برونو، فيورباخ.، وغيرهم....) ويعود هذا التشوه والزيف في الايديولوجيا، الى التطورالذي أدي الى تقسيم العمل الى يدوي وذهني، وأصبح هذا الأخيرحكراعلىالنخبة، وهم المفكرون والمنظرون والايديولوجيون والفلاسفة–حسب تعبير ماركس وانغلزنفسهما-

 وقد ساهم في تكوين رؤية أوباما الفكرية والسياسية أواديولوجيته عوامل متناقضة ومتداخلة ومتنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر:

 

 أولا :العامل السيكولوجي:

وهوما يتعلقبسيكولوجية أوباماالمعقدة بسبب طفولته المهزوزة، حين تخلي الأب عنه وهو ابن الثالثة، ذلك الأب الزنجي والمثقف الكيني (الذي لا يعرف سوي اللذات الابيقورية والايروتيكية مذهبا وجوني وولكرربا-حسب تعبيرTarpley) الذي خصص له أوباما كتابا أسماهحلم أبي( كعملية استطباب نفسي وحمام تركي، اغتسل اوباما عبره من أدران وأوصاب عقده النفسية العالقة /أب/ابن/ابن أب)

 

 ثانيا: العامل الثقافي والفكري

 ويتجلى في تاثره الفكري المبكربيسارية أمه والرومانسية المزيفة والمشوهة كمثقفة ثورية هامشية في ريعان شبابها التي سرعان ما تحولت الى النقيض كمستشارة – في مقتبل عمرها- للبنك الدولي الأكثراحتكارية ولصوصية للبشرية في بداية عملها، ثم خبيرة أنثروبولوجية كمستشارة لمؤسسة فورد في عمليات التحايلات الاستخباراتية والمعلوماتية (الانثيروبو-اثنو-ثقافية- لمنطقة جنوب شرق آسيا) لحساب هذه المؤسسة الأمريكية الأكثر نفوذا في رسم كل المسارات في الولايات المتحدة ما ظهر منها وما بطن

 

 ثالثا: العامل الاثني، أو الانتماء الطبقي

عقدة لونه ونشأته مع جدته البيضاءالعنصريةومعاناته المبكرة في الأوساط البورجوازية التي عايشها، سواء في مجتمع أمه وجدته، أو في أوساط علية القوم في المعاهد والمدارس التي درس بها (ولست أدري من أي مصادريستقي محللونا العربمعلوماتهم عن جذور اوباما الشعبية الفقيرة)أو نمط تعليمه الأرستقراطي في أكبرالجامعات شهرة وبهرجة وأعلاها سيطا، (كولومبيا وهارفارد)

 

رابعا: عامل القيم أو العبثياث الثلاثة

يرد البروفسورWebster Griffin Tarpley في بيبليوغرافتيه الأكاديمية حول اوباما، على ما أسماه بالعبثياث الثلاثةالتي رافقت أوباما في حملته وروجتها أقلام يسارية ويمنية ووسطية ولامنتمية-عن جهل أوعن عمد وهي كونه كان : مسلما، أو ماركسيا، أو تقدميا اشتراكيا

ولقد أجاب أوباما عن هذه العبثيات الثلاثة بنفسه أثناء حملته الانتخابية برفضه بكل صرامة تصنيفه كمسلم أو شيوعي أو اشتراكي، مرددا دائما للصحافة بابتسامة ماكرة أنا أمريكي وكفى!!! (اما كونه مسلما، فقد تم تعميده كنسيا في حفل رسمي عام، وصلاته بحائط المبكى بالطاقية اليهودية وتذكير الأمريكيين في كل مناسبة بعظمة هذا الشعب اليهوديالمختار وتميزه عن سائر البشرية غنية عن التعليق)

 

 واماأنماط القيم التي تأثربها في قراءاته المبكرة فهي كما أسلفت : قيم أمه اليسارية المزيفة واعجابه الكبير بالمنظر الثوري الزنجيالمارتينيكي-الفرنسي-فرانز فانون وغاندي وماتن لوثر كنغ التقائه ببريزينسكي(المنظر البولوني الصهيوني العتيد والاستاذ الروحي لناتنياهو عنما التطقته هذا الأخير وهو طالب بجامعة كولومبيا، ولقد ذكربعضا من هؤلاء في كتابيه وأخفي البعض الآخرفي سيرته الذاتية على غراركفاحيلأولوف هتلروهما كتابان أجمع كبارنقاد الكتابة الأدبية على فشل أوباما ككاتب، ونجاحه كرئيس-مع تشكيكهم في صحة كتابته لهما-

 

سادسا عامل الخبرة المهنية

 ان خبرته المهنية كمحامي لدى مجموعة بييزنسكي التجارية ومجموعة Trilateral-Bilderberg ذات النفوذ الأقوى في مجموعة نادي العولمة' ومجموعة روكفلرحيث أكسبته الكثير بتنمية ملكاته الخطابية وقدراته التحجيجية أكسبته تلقائية الدفاع عن القضايا المستعصية للاحتكارية واللصوصية الدولية لنادي العولمة الدولي حيث تواجهه اليوم أكثرالملفات استعصاء في تاريخ الولايات المتحدة، لحلها بالطرق اللولبية والتحايلات والابتزازات الدولية (بنصب أكثر وبحروب أقل) التي تدرب عليها ومارسها طيلة مساره كمحامي للشركات المتعددة الجنسيات، بنهج الحروب الذكية –حسب تعبيره-

 

سابعا: عامل شبكة العلاقات

من مواهب اوباما البراغماتية هي قدرته على نسج شبكات العلاقات معالنخبة الزنجية المتبرجزة المتعالية على بني جلدتها والمتنافسة –مهنيا وطبقيا- مع فصائل الووسب من البيض المحيطة به وقدراته على تنمية هذه العلاقات واستغلالها، وتوطيد علاقاته الطيبة مع كل الفئات الزنجية المتناحرة منذ عام 1994 عندما أوعز اليه با لاستعداد الى رسم طريقه وتعبيده للوصول الى البيت الأبيض (وتلك من أهم خصائص أوباما البراغماتية بمنظورها البشع)

واختصارا فان شخص هذا الرجلالملغوزتحتاج الى مجلدات، لا الى مقال في هذا الحجم( نظرا لأن مسارهذا الرجل، هو من اكثر مسارات رؤساء الولايات المتحدة تعقيدا، وأكثرهم لغزا)

ولقد لخص أحد ظرفاء النقاد الأمريكيينكيماوية- هذا الرجل بهذه العبارة الظريفة والجامعة بأنه رئيس لا أبيض، ولا أسود ولا أصفر، ولا أحمرولا ملون، وهو ليس بمسلم، ولا مسيحي، ولا كاثولويكي، أوانجيلي، أويسوعي، أوبروتستانتي، أو بوذي، أو براهماتي، أوغنوصي أوصوفي، أولا ديني (اشارة الى الأعراق والعقائد المكونة للأمة الأمريكية) انه الرئيس الفرد (بالاصطلاح الصوفي) ذاكالرجل الأخضرمثل ورقة البنكنوت الأمريكية، المؤمن بألوهية ووحدانية الشعارالمطبوع على كل دولارIn god we trust لنا ثقة في الله باعتبارأنه ابن الأمة الأقرب الى الله، وهي الممثلة له على الأرض، بالمميزات الالهية الكبرىالثلاث :

?العلم المطلق، والقوة المطلقة والايمان المطلق.

 

وماذا بعد؟

ان المشكلة ليست مشكلة أوباما، ولاالولايات المتحدة، ولا مصيرها المبين، فذاك شأن أوباما، وشأن الأمريكيين و المحلليين?المشتغلين بتسطيرقراطيس آيات المعانيالاستسراريةللشخوص السياسية الغربية والأمريكية، والعاكفين علىتسويد عشرات الصحائف تعشقا لاجلاء متاهات وغرائب السياسة الدولية، وآفاق الحكمةالأوبامية.

فلا مشاحة في أنه لوأوتي هذا الرجل حكمة سقراط، وفصاحةشيشرون، وعبقرية أنشتين، ودهاء تشرشل ودزرائلي وماكيافيللي، وصدق لوثر كنغ وسلمية غاندي، لما استطاع تغيير خطوط السياسة الأمريكية التي وضع أسسها الآباء الأولون الملهمون للدولة الأمريكية، وانما الأزمة تكمن في العقلية العربية التي يبدوأنها ستستمر في اجترارلوثة وطأة التاريخ الثقيل، والقدرية الاستسلامية السيزيفية التي لامرد لها وانتظارالمخلصين من خارج محيط بني جلتهم وثقافتهم وعقيدتهم وحضارتهم (وللغرابة أن الطثيرين منهم يستنجدون بالقوة الاسراءلية القاهرة لتخليصم من فصائل المقاومات الفلسطينية ومن الخطر الصفوي الفارسي الايراني)

ومن هذاالمنظور، فلا يمكن لأي عاقل يعيد قراءة تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية بكل موضوعية وتجرد، أن يستثمرفي شخص أي رئيس أمريكي كيفما كان طيفه السياسي أو خلفيته الحزبية ...فذاك هوالوهم الأكبر...، فللولايات المتحدة استثناءاتها التي يجب التعامل معها، لا تجاوزها بممارسات نط الأغنام كما يقول المثل الفرنسي-

وهذه الاستثناءات الأمريكية (كما ذكرتها في مقالات سابقة)هي جملة تناقضات معقدة وهي كمايمكن تلخيصها بمقاربة(بريزينسكي- كيسينغر) كما يلي :

الازدواجية ما بينالواقعية البراغماتيةوالمسيحانية-البروتيستانتية – الطهرانية،

 أو، بين العزلة الغنوصية، والهيمنة العالمية،

أو بين التجريب النفعي الواقعاني، والقدرية الاستسلامية،

او بين المثالية الروحانية البرتستانتيةوبينالقوة المهاجمة المصادمة العنيفة..

و لم يحدث قط، أن رئيسا أمريكيا خرج عن هذه الخطوط العريضة سوى مرتين

 الاولى : حين تجرأ ابراهام لنكولن على الخروج عن السياج باعلان ميثاق تحرير العبيد فتم اغتياله،

 والثانية حين تجرأ جون كينيدي بمحاولتهالجرئية للتقارب مع الأنظمة الاشتراكية وخاصة كوبا والاتحاج السوفياتي وصين ماوتسي –تونع، فتم اغتياله... للبحث صلة

 

..................

هوامش

(1) Asnart Pierre-Idéologies,conflit et pouvoir(الايديولجيات / والصراعات والسلطة

(2)نقلا عن الموقع الفرنسي المعروف

 www.planetenonviolence.org تحت عناون اسرائيل الدولة الرابعة الاكثر خطرا على السلم العالمي ...التي قد تختفي في غضون العشرين سنة المقبلة حسب المخابرات االامريكية

(3)-كما فصل فيها Webster Griffin Tarpley المؤرخ الامريكي والناقد والمحلل الصحفي والمحاضر في العلوم السياسية و المتخصص في القضايا المشبوهة في ستينات اوربا وحكومات الولايات المتحدة الامريكية آخرها اكبر عمل اكاديمي عن كل من بوش واوباما

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1079  الاثنين  15/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم