قضايا وآراء

سوق الشعر الشعبي

حين يشعر المهتمون بالثقافة والاداب عندنا بالنفور من الشعر الشعبي وانتشار (نماذجه) المخجله في الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى بشكل مفرط فلأن ما يُسَوّق من هذه النماذج في اعمها الاغلب هي نماذج خفاشية تمارس غريزة (التحليق) في عتمة الصراخ والنظم الفج الذي لا روح فيه

 

حين يرفض الكثير من النقاد (موجودية وشرعية) الشعر الشعبي في خريطتنا الثقافية  فلأننا صمتنا طويلا ونحن نشاهد مهرة الشعر الشعبي الاصيلة تنحر كل يوم بسكاكين سوقية متمترسة بالاسفاف مختالة بالعمق الديماغوجي المستند على ما اسسته هذه النماذج من خراب للذائقة الشعرية الشعبية في اوساط لايستهان بها من الجمهور

 

حين صرح البعض بان الشعر الشعبي العراقي قد كتب شهادة وفاته باقلام (الشعّارة) و ليس الشعراء الشعبيين فلأن النصوص الشعرية الشعبية الجميلة التي امتطت مهرة الابداع (الكحيلة) لتصوغ قلقا لذيذا في مفازات القراءة التي تتفجر من ماء الروح، فتنثر أسرار الجمال بين جنائن التلقي الواعي الباحث عن المغايرة بعيدا عن (الاسماء الرنانة) او ما يصطلح عليه بـ (نجوم الشعر الشعبي) .. اقول فلأن النصوص الجميلة محاصرة فلا تكاد تجد لنفسها كوة في هذا المنبر الاعلامي او ذاك لتتنفس قليلا وترسل اشعتها الخلابة كي تلامس شغاف القلوب قبل الاسماع

 

حين تنأى القصيدة الشعبية في (راهنها) المؤسف عن إشراقة البهاء الشعري الذي عُجن صلصاله الذهبي من الطين الحري العراقي  في ستينات وسبعينات القرن المنصرم فلأنها ركبت موجة (منصات السوء) لترسل ترهات ما انزل الشعر بها من سلطان تتلقفها اكف الباحثين عن الاثارة السطحية العابرة لتطبع على وجهها الدميم قبلات التصفيق والمزيد من التصفيق

 

حين تلاحظ خفافيش (الشعر الشعبي) وزبانيته , شاعرا تلمس فيه روحا ضاجة بالجمال الشعري فتهاجمه وتحاول ان (تسقطه) بشتى الوسائل ... بل وتضرب حوله جدار من حديد كي يبقى صوته الرصين المكتنز بالسحر والشعر بعيد مخنوق فلا يسمعه احد  فلأنها تخشى على بضاعتها البائرة  الخاسرة من شفيف وعمق إبداعه .. فالشعر الشعبي لديهم سوق  وهم يعتبرون انفسهم (قنطرجية) هذا السوق فالويل والثبور وشنائع الامور لكل من يحاول ان يهددهم في (بسطياتهم) الكبيرة !

 

.....................

أما الزبد فيذهب جفاء (وان بعد حين) واما ما ينفع الناس فيبقى في الارض ليملأ سواقيها بالشعر القراح وان كره الكارهون .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1395 الخميس 06/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم