قضايا وآراء

برلمان ديمقراطي.. لم ينتخبه الشعب!

كلا المقالين يشخصّان خللين كبيرين رافقا العملية الانتخابية التي جاءت ببرلمان (2010)، الأول: أن (310) من اعضاء البرلمان الجديد لم ينتخبهم الشعب لعدم حصولهم على الاصوات التي تجعلهم نوابا"، بل صاروا كذلك بأضافة عدد من اصوات الكيانات السياسية التي ينتمون اليها، وان (15) شخصية فقط حصلت على القاسم الانتخابي والعتبه الانتخابية من الاصوات، توزعوا على: (5 للعراقية، 4 الائتلاف الوطني، 3 دولة القانون، و3 للتحالف الكردستاني والاسلامي) دخلوا البرلمان بأصواتهم هم لابأصوات كياناتهم، كما الحال مع الـ (310) نائبا" الذين فازوا بما (تصدّقت) عليهم اصوات كياناتهم!.

ويضرب الصحفي والمحلل السياسي (الشبوط)على ذلك مثلا" أن الـ (11) نائبا" في واسط يمثلون، واقعيا "وفعليا، عددا" محدودا" من المواطنين يقدر بـ (12) الف ناخب لكل نائب فاز في مقابل النص الدستوري الذي يقول ان لكل 100 ألف مواطن نائب واحد.

وبموجب هذه الحقائق الواقعية والدستورية، فأن البرلمان الجديد لم ينتخبه الشعب برغم اعتماد آليات ديمقراطية، فأين الخلل: في نوعية المرشحين؟ في نوعية الناخبين؟ ام في العملية الانتخابية؟. ان تحليلنا السيكولوجي لهذه النتائج يفضي بنا الى القول بأن الناخب العراقي غير مطمئن للعملية السياسية وان هنالك أزمة ثقة بين المرشحين والناخبين نجمت عن طائفية وشيوع فساد وتلكوء حكومة وخبرة سيئة لبرلمان (قضى نحبه)، وأن ثقة الناخبين استقطبت (15) شخصية فقط من بين أكثر من ستة آلاف توزعت بين أربعة أهواء:اعتدال لطائفية، احياء لعروبية، ترويج لعلمانية، وحماية لقومية.. وأن هذه الاستقطابات ستحدد مسار العملية السياسية في عمر البرلمان الجديد.

والخلل الثاني، أن معظم اللواتي فزن بعضوية البرلمان سلبن حق رجال ودخلن البرلمان بأقل من ألف صوت بكثير!. ولسنا هنا ضد المرأة ولكن مع مبدأين: المساواة بين الرجل والمرأة، والحق بعضوية البرلمان للحاصل على أصوات أكثر.

والواقع أن "الكوتا" النسوية في البرلمان.. حالة معيبة.. اعتباريا وسياسيا ونفسيا!. فهي فيها "تصدّق" من الرجل على المرأة، ونيل من اعتبارها، واستحياء وخجل حين تكون بين برلمانيين قد تتمادى بهم ذكوريتهم "فيعيرونهن" مزاحا بلازمة "كوتا"!. وسياسيا فان أكثر من 60عضوة من اصل 81 لسنّ بمستوى كفاية وفاعلية مرشحين سلبن حقهم وبينهم من أثبت أنه أجدر. وخطر آخر هو أن البرلمانيات الحاليات سيأخذن البرلمان (سرّقفلية) ويغلقن الباب بوجه طاقات وثقافات نسوية جديدة بعد ان يعملن على تقوية علاقاتهن بكياناتهن السياسية، وستنعدم روح المنافسة السياسية بين الرجل والمرأة فيما نريد لها أن تكون ندا ايجابيا للرجل حتى في الميدان السياسي، فقد حصلت نساء على أصوات لم يحصل عليها رجال بشوارب ولحى وعمائم.. وفازت بامتياز سيدة نجفيه لم تعلق صورة واحدة لها!.

تلك حقائق يجب أن لا تغيب عن البرلمانيين الجدد.. وعزاؤهم في ذلك أن يتصرفوا كما لو كان الشعب انتخبهم، ويؤسسوا لعلاقة ثقة بين السياسيين وناخبيهم، والا سيرفضهم كما رفض سابقيهم.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1395 الخميس 06/05/2010)

 

في المثقف اليوم