قضايا وآراء

رسالة من نيتشه إلى المغاربة بصدد التعليم*

لهاته الغاية ليس كمجرد موظف فقط، فهذا ما نسيه المسؤولون عندكم.

 ما ينقصكم هم مسؤولون ومربون ذوي تربية حقيقية، عقول متفوقة ومتميزة، تثبت قيمتها وإمكاناتها في كل الظروف بكلمتها وبصمتها، عقول تكون ثقافات حقيقية وحية، ناضجة ومفعمة، وليس التقنوي والبروقراطي الأفظاظ الذين تعج بهم وزاراتكم.

المربون منعدمون عندكم، وشروط وجودهم واشتغالهم منعدمة، إلا إذا ما استثنينا المتميزين من بين المتميزين. إن الشرط الأول لكل تربية ناجحة هو الذي ينعدم إذن، لهذا انحطّت المؤسسات التعليمية ومعها الثقافة المغربية إلى المستويات التي تعيشونها اليوم.

في الواقع، إن ما يقوم به التعليم عندكم هو ترويض عنيف "لكحل الراس"، لكي يكونوا صالحين للاستغلال في خدمة الدولة... وحتى أظل وفيا لمزاجي، الذي هو إيجابي في الأساس، ولكي لا يساء فهمي عندكم، فإنني سأسارع في عرض المهمات الثلاث التي لا بد لها من مربين جيدين:

-     يجب أن نتعلم أن نرى.

-     يجب أن نتعلم أن نفكر.

-     يجب أن نتعلم أن نتكلم ونكتب.

إن الهدف من هذه الواجبات العلمية الثلاث هو أن تكتسبوا ثقافة قوية وعلمية ورقيقة في نفس الوقت. فأن تتعلموا أن تروا يجعلكم تعوّدوا العين على الهدوء، على الصبر، على ترك الأشياء تأتي إليها، على تعليق الحكم، أن تتعلموا الإحاطة بالجزء وتفهموه في إطاره الكلي. هذه هي مدرسة النجاح الحقيقية، المدرسة التمهيدية الأولية لحياة العقل: ألا تستجيبوا فورا لأي إغراء، بل أن تعرفوا كيف تستغلوا غرائزكم التي تكبح وتعزل من طرف قوى العدمية.

أن تتعلموا أن تروا، بالمعنى الذي أفهمه، هو أن تمتلكوا تقريبا ما تسميه اللغة غير الفلسفية "قوة الإرادة" starken willen ... أن تعرفوا كيف تقرروا ومتى تعلقوا قراراتكم.

أيها المغاربة أن تتعلموا كيف تفكروا؟ هذا ليست لمدارسكم وجامعاتكم أدنى فكرة عما يعنيه.

 

الحسين أخدوش.

 

......................

*أنظر كتاب نيتشه (بتصرف): أفول الأصنام. ترجمة حسان بورقية ومحمد الناجي. ص 60.59.58.57 –أفريقيا الشرق 2008

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1399 الاثنين 10/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم