قضايا وآراء

دفاعا عن نصي (سوبر سريالي..)

.. فلقد أشرت الدكتورة حالة مرضية شائعة في ما يسمى بقصيدة النثر حيث يختلط أحيانا الحابل بالنابل فلا تميز بين الشعر والمقالة.. وفتحت الأبواب مشرعة لكل من يرى في نفسه المقدرة على نيل لقب شاعر.. ذلك اللقب الذي كان عصيا على شعراء كبار أخرجهم النقاد عنوة من بلاط الشعر بحق وبغير وجه حق..لكني اليوم أمثل  بين يدي الدكتورة والقراء لكي أدافع عن  نص  أتيحت له فرصة النشر والانتشار بفضل ما وفرته التكنولوجيا الامبريالية من آفاق.

النص لا ينتمي للشعر.. ولم يدعِ صاحبه انه كتب قصيدة.. بل ربما سيجد المتابع المدقق الصبور لكتاباتي أني لم أدّع يوما أني اكتب قصيدة نثر أو شعر.. ولي  اعتراضات كثيرة على نعت قصيدة النثر بالشعر.. بل أفضل مصطلح النثر المركز..ولي عناوين طريفة كثيرة لنصوصي .. يعرفها القراء وتعرف قسما منها الدكتورة حرير وذهب.. منها .. أشباه قصائد.. أنصاف قصائد.. قصائد نيمبرشت..بورتريت لامرأة من حرير.. أي اني أخشى إطلاق مصطلح قصيدة على كل نصوصي.. وفي الكثير من هوامشي وهي مكملة للنص أشير إلى مفردة السارد..وفي نصي هذا إشارة لافتة.. رأى السارد فيما يراه النائم.. وتعرف الدكتورة اني تعودت أن أبث رؤى نقدية في نثري المركز.. وما إشارتي في المقدمة (نص عالمي حلم به كابوسيا سلام) إلا إمعانا في السخرية..وتعميقا لحالة الإحباط التي يعيشها السارد..

والكتابة متاحة للجميع لكن تجنيسها مهم..  على الكاتب ان يبادر قبل النقاد  فهم مشغولون عنه بهمومهم.. بتوضيح جنس نصه. وهذا ما أفعله هنا.. من خلال ترجمة الدكتورة إنعام الهاشمي لنصوص مختارة من الشعر الأميركي تعرفت على نصوص تحمل سخرية سياسية مرة.. وقد أتهمت تلك النصوص بالمباشرة وبإنها ليست شعرا وقد دافعت الدكتورة عنها. ما زال النص الذي يسخر من بعض أعضاء الكونجرس الأميركي في ثمانينات القرن التاسع عشر في ذاكرتي.. وقرأت مقالة قبل عام عن شيوع الشعر الساخر.. في قصائد الشعراء الانكليز المعاصرين.. وأعرف ان هنالك ما يسمى بتناول المهمل اليومي.. واعرف ان الشاعر الأميركي "أودن" قد ثار على جزالة الشعراء وكتب باللغة المحكية التي تتناول اليومي والمفردات اللاشعرية... وثمة محاولات للثورة على كل ما هو سائد..ومن الشعراء من أدخل المفردة البذيئة والخادشة للذوق. إمعانا في إظهار القرف من السائد الراهن.. لكن نصي لم يدّعِ كل هذا الشرف!!..

أما مبررات النص.. لقد أخبرت الشاعر الصديق سعد الحجي ذات مداخلة.. وسجل براءة الاختراع بأسمي!!( أذا فكرت ان تكتب نصا سرياليا صرفا فأكتب بأعلى درجات الواقعية لأنك في العراق.). ولقد أمعنت في الواقعية إلى درجة القرف لأصل إلى أعلى درجات السريالية (سوبر!). وبدأت السخرية من كاتب النص نفسه . فنعت نصه بالعالمي. بالله هل ثمة مجنون يقول عن نصه (هذا نص عالمي!) لولا ان القرف قد وصل مداه وأن البوصلات مضطربة كلها.. هنا نجد الاستهانة بكل شيء.. حتى بسمعة السارد وقواه العقلية ورأي النقاد فيه.. نص عالمي....ثم ينحرف صوب أخطر مفردة  تخطر على البال (الكرامة ) فيجدها.. حبل مشنقة.. وبيضة ديك..وبيضة في جوف دجاجة متعسرة ولادتها..وثمة نقد لاذع يوجهه السارد لنصه العصي على التجنيس لأصدقاءه اليساريين.. الذين ينظرون (من التنظير) من المنافي برؤية تفتقد  لأدنى أدراك لموازين القوى واولويات الداخل العراقي....يراها اليساري دانية!! فاليساري من هولندا.. والعراقي من أميركا  لا يمكن ان  يتخيل صورة عراقيي الداخل مهما كانت المشاركة الوجدانية.. والطفلة زنوبة ..تحتاج إلى صرخة من هذا النوع.. لأن كل القصائد الجزلة لن توصل صورتها كما توصلها  هكذا صرخة.. وبعض العراقيين من رفاه منافيهم يتلفنون لنا .. قاوموا.. نقاوم من وكيف؟؟ ونحن لا نعرف من سرب الطلقة والرشاشة لابن الجنية الذي يحلم بحوريات الجنة على حساب جلسة صفا يسرقها شهوبي من الزمن الغادر.. صورة كاريكاتيرية.. لوضع بائس.. لم تكن مقالة.. لم تكن قصيدة.. لم تكن قصة قصيرة.. لم تكن بيان سياسي..كانت نصا انتحر به السارد سلام كاظم ذات ليلة صيفية اعتمد فيها ضياء (اللايت) المشحون بالبطارية.. أحيانا يفكر المرء في الانتحار بسيكارة.. منعها الطبيب.. أو بالخروج   إلى شارع عراقي موبوء بالمفخخات. أو بنص يمارس فيه أعلى درجات الحرية التي أتاحها الرب ومنعها ابن الإنسان!!

ويبقى لأستاذتنا الدكتورة حرير وذهب إنعام الهاشمي. فضل كتابة هذه المداخلة الطويلة ..

 

........................

نص: سوبر سريالي...

http://www.almothaqaf.com/new/index.php?option=com_content&view=article&id=14433:2010-05-21-13-14-43&catid=35:2009-05-21-01-46-04&Itemid=55

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1413 الاثنين 24/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم