قضايا وآراء

ومن الأنترنات ما فتن

وقد انعقدت الجلسة الأولى يوم الجمعة  28 ماي 2010 برئاسة  الأستاذ عبد الرحمان الكبلوطي  الذي أحسن  التنسيق بين المتدخلين  و المتحاورين في أسلوب ظريف  طريف خاصة بعد إلقاء المحاضرتين  وهما  محاضرة  الدكتور  منذر العافي  و التي عنوانها : "الأنترنات جسر  من المحلية إلى العالمية" ومحاضرة المهندس  محمد علي عماري التي اهتمت " بكيفية  إحداث موقع أدبي خاص" .وقد تمحور الحوار أساسا  حول فضائل الأنترنات وإسهامها  في التعريف  بالأدب التونسي  وكذلك  الأخطار المحتملة  التي قد تواجه الأديب  أثناء  نشر إبداعه في تعريج على حقوق التأليف وطرق حماية الأعمال الإبداعية  من القرصنة ...إلى جانب استفسارات تقنية تهم طرق  حماية  المواقع المحدثة

 

أما الجلسة الثانية فقد كانت يوم السبت 29 ماي 2010  برئاسة  الأستاذ و الشاعر سوف عبيد الذي تميز  بحفاوته  ولطفه  في تقديم المتدخلين  إلى جانب  ما اكتشفه الحاضرون فيه أثناء النقاش من سعيه الدؤوب لتشجيع الأدباء على نشر أعمالهم على الانترنات.... وقد انطلقت الجلسة بمحاضرة للأستاذ محمد بن رجب و المتمثلة في "قراءة في خصائص  الأدباء الشبان في الانترنات"

وقد شفعت المحاضرة بحوار تطرق  إلى الفرق بين  المواقع الاجتماعية  و المدونة وإلى كيفية مزيد تفعيل حضور الأديب  التونسي  على الانترنات وتكثيف  عدد الأدباء   الحاضرين على هذه الشبكة  بمزيد إحداث مواقع أدبية ...ثم اختتم الملتقى بقراءات شعرية  وبشهادات  الأدباء المشاركين ..وقد شارك في فعاليات  هذا الملتقى  الأدباء الآتي ذكرهم : محمد  علي اليوسفي – سالم اللبان – سوف عبيد – محسن العوني – آسية السخيري – محمد كمال السخيري – إبراهيم الدرغوثي -  محمّد صالح الغريسي – حياة الرايس – آمال جبارة – سليمى السرايري – صالح السويسي – جليلة بن أحمد – شرف الدّين البوغديري – حفيظة قارة بيبان – إلى جانب حضور أدباء آخرين أثروا النقاش و الحوار من أمثال مبروك المناعي  

و خالد الدّرويش و عثمان الجلاصي كما حضر الملتقى شباب محب للأدب والأنترنات وعلوم الإعلامية مثل الأديب الشاب سامي بلحاج .. .

و قد سرّتني كثيرا الدعوة إلى هذا الملتقى فحرصت على مواكبة كامل فعالياته وقد سررت أكثر لحسن التنظيم والتنسيق والأجواء الأخوية الطيّبة بين الأدباء على اختلاف اتجاهاتهم الأدبية و تنوّع تجاربهم واختلاف أعمارهم دون تمييز بين أديب كبير و آخر مازال يخطو خطواته الأولى ... فقد فُسِحَ لي المجال لتقديم مداخلة و قصيد لقيا كل التشجيع من قبل الحاضرين. أما القصيد فعنوانه (أمّي) وقد نشرته في موقع مجلة المثقف في نفس فترة انعقاد الملتقى. وأمّا المداخلة فعنوانها: "ومن الأنترنات ما فتن !" هذا نصّها: 

 

 

و من الأنترنات ما فتن !

 

الأنترنات كانت بالنسبة لي كلمة مبهمة ’ عالما  يصعب علي أن أفهمه  أو أن ألجه ... كنت  كلما احتجت إلى معلومات أعود إلى مكتبتي ... لأبحث في كتبي ... أو أقصد المحل العمومي للأنترنات أين أحاول إفهام المسؤول هناك عما أبحث عنه من معلومات أحتاجها ... و هو أمر يحرجني ... إلى أن عرض علي بعض أصدقائي فكرة أن أنشر مقالا لي على شبكة الأنترنات ... كان الأمر بالنسبة لي لا يصدق: أنا ... مقالي على الأنترنات ... أنا ... سيقرأ الناس مقالي...و ساعدني صديقي على نشر المقال وكنت له آنذاك شاكرة و لكني اليوم ممتنة له جدا ... فقد فتح بصيرتي على عالم سحري فاتن ... عالم اكتشفت فيه ما أصبو إليه من حرية البحث و جمال الصورة و تنوع المواضيع من أدب و ثقافة و فن و سياسة و قانون و حتى الألعاب... 

نشرت  مقالي الأول على  الأنترنات ... و كنت فرحة جدا ... فقد انتشر الخبر سريعا بين أصدقائي و زملائي و حتى لدى تلاميذي ... و قد فتحت زميلة لي الحاسوب الموجود بقاعة الأساتذة بالمعهد لتطلع زملائي طيلة يوم كامل على مقالي ... كانوا جميعا يقرؤون مقالي ... و لكن ردود فعلهم كانت متباينة مختلفة : فمنهم من أرسل لي رسالة إلكترونية ( إيميل ) و هنأني و منهم من تفاجأ بقدرتي على الكتابة ... و منهم من اكتشف لدي حبي للأدب ... و منهم من تساءل : كيف كتبت ؟ و لماذا كتبت ؟ و ماذا كتبت ؟ كيف نشرت ما كتبت ؟ و لماذا نشرت ما كتبت ؟ ازدادت علاقتي ببعض زملائي توطدا و أصبحنا نتراسل عبر الإيميل....و قد هنأني  بعض تلاميذي  و أرسل لي  عبر الإيميل  رسائل مشجعة ... فمنهم من كان فخورا بي ... و منهم من اكتشف جانبا آخر كان بالنسبة إليه  جديدا و غربيا و هو البحث عن التميز و الإبداع و تمنى آخرون أن يقرؤوا لي مقالات أخرى...كما اطلع بعض أصدقائي خارج الوطن على مقالي و فرحوا به كثيرا و قدموا في شأنه النصح و النقد و التشجيع على مواصلة الكتابة... و أصبحت مشهورة في كل مكان فجأة و بدون مقدمات  و دون أنا أخطط لذلك ...

 و لعل من أبرز الطرائف  التي حصلت لي مع أول  مقال نشرته هي أن بعض  أصدقائي  ظن أني حصلت على أموال طائلة كأجر لي على المقال الذي نشرته ... لأنه لا يعلم أن حبي للكتابة و للأدب أكبر وأرقى وأسمى عندي من المال  وأن الكلمة أبقى من كل أموال الدنيا ... فالكلمة هي   كنز لا يفنى ... هي شجرة طيبة لا يصيبها الفناء ... لا تهرم و لا تهزل ... فكلمتي و كتاباتي هي زيتونة صامدة أمام الرياح ... زيتونة لا تنكسر ... لا تذل و لا تهزم... زيتونة جذورها متشبثة بالأصالة ترتوي من معين لا ينضب هو معين اللغة الأصيلة المقدسة ... و فروعها رانية إلى التفتح تؤصل للغة حديثة راقية ... زيتونة مملوءة ثمار مكتنزة عبرا و حكما و بديعا و بيانا ... تهب القارئ سحرا و تزيده أملا و حبا للحياة و تهبني نجاحا و إشراقا و حياة ... فأنا بالكتابة أحيا ... أولد من جديد مع كل حرف اخطه وكل نص جديد أكتبه يزيد صباي إيناعا. .

و بنشر نصوصي اليوم  على الأنترنات آزددت حبا للكتابة و آزددت آفتتانا بالأنترنات ... فنصوصي تقرأ في كل مكان ...تقرأ مباشرة بعد نشرها و رسائلي تصل بسرعة عبر الإيميل إلى كل أصدقائي أينما كانوا .

 فللأنترنات  إذن فضائل عديدة  ذلك أنها جعلت من عملية التواصل  بين الكاتب و القارئ أمرا يسيرا فالمعلومة و الفكرة توزعان  بسرعة ...وهذا ما يشجعنا على نشر أفكارنا

وآرائنا فنطلع الاخرين على قدراتنا ومواهبنا وثقافتنا ونثبت وجودنا...ولهذا التواصل السريع مع الآخر ايجابيات  فهو يعود بالنفع  على الأديب أولا  و على المتقبل  ثانيا بأن يثري معلومات هذا وذاك وينمي معارف كل منهما وثقافته ويسهم في تقليص  الهوة  القائمة بينهما خاصة أن الأدب كما يقول الاديب محمود  المسعدي هو "رسالة الانسان إلى أخيه  الإنسان" رسالة تتجاوز كل الحدود لتؤصل لحوار بين الحضارات قائم  على معرفة كل طرف بثقافة الآخر وهويته..

ومن فضائل الانترنت  أنها لا تيسر على الكاتب  نشر كتابه فقط بل كذلك تيسر   له عملية تنقيحه : فهو لا ينتظر طبعة  جديدة لمؤلفاته حتى ينقح معلومة أو يصلح خطأ في  الرقن مثلا بل يمكنه القيام بكل ذلك في الإبان هذا بالإضافة  إلى إمكانية تحيينه لموقعه الالكتروني بمعلومات جديدة أو نصوص اخرى ...

 للانترنت  إذن فضائل عديدة فضائل جعلتني افتتن بها و اعشق  الإبحار على الانترنت وأفكر في مزيد دراسة  علوم الإعلامية خاصة أني أصبحت شغوفة جدا بفنون الانترنات  وضروبها المختلفة.. حكايتي مع الانترنات هي حكاية بدأت باكتشاف فإعجاب فخوف فموعد مع التجربة فشغف فإبحار في عوالم ساحرة...

هذه إذن حكاية عشقي للانترنات وافتتاني بها... و الحكاية  مازالت متواصلة طالما أن الإبحار مستمر لا ينتهي ولا ينقطع ولا يتوقف طالما أن  الوصول محال.

 

(1)

ليلة

 

السكون يعم المكان

لا أنام

وأنا بين مد وجزر الأحلام

تهدهدني الأمواج

يغويني البحر

ليتني...

في أحضانه

أنام ....

(2)

وســن

حين كنا في الجنة

كنت ترفرف

حولي

مزقزقا

حتى تنام

حين نزلنا الأرض

صرت...

موجة أسابقها

فتسبقنا...

الأحلام

(3)

الحلم

من ألق الحلم

من حرقة الوجع

طائرا غريدا

انبثقت

لتحط

على

رفيف القلب

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1417 الجمعة 04/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم