قضايا وآراء

التفاوت في الدخل المالي بين العراقيين واثره على مستقبل النظام السياسي

في الوقت الذي يتراوح فيه الدخل الفردي للاغلبية الساحقة من المواطنين بين الدولار الواحد والثلاث دولارات يوميا (هذا اذا لم يكونوا عاطلين عن العمل) وهو اقل دخل في العالم والذي يشمل الدول الفقيرة فقرا مدقعا مثل الصومال وبنغلاديش يكون دخل رئيس الجمهورية الشهري (الراتب مع النثرية) مليونا دولار شهريا (اي اكثر من ملياري دينار عراقي) اي اكثر من (150 الف مرة ) قياسا الى المواطن البسيط (هل في العالم اجمع مثل هذا النسب والتناسب؟!)

 

اما رواتب نواب الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء والنواب فهي قريبة من ذلك هذا عدا الحمايات ورواتبهم والسيارات المصفحة التي تقلهم وقد تم تحديد عديد افراد الحمايات لكل مستوى سياسي واداري وهي مستمرة حتى بعد التقاعد مع الامتيازات الاخرى . واذا سرنا على هذا المنوال لمدة عشر سنوات اخرى فان عدد افراد الحمايات سيكون في حدود مليون جندي ورجل امن (العدد الان ربع مليون) . وبعد كل هذا الا يحق للمرء ان يتسائل ماهو مستقبل مثل هذا النظام الذي يختفي رجاله خلف حراب الحرس وفوهات بنادق رجال الامن ؟!!

 

في السنوات الاخيرة من عمر النظام السابق كان هم رأس النظام بالاضافة الى بناء القصور الفارهة التي بناها لمن اطاحوا به ... كان همه ان يغدق على المحاسيب والربع المزيد من المخصصات والامتيازات وكان ذلك يشمل اصدقاء الرئيس الذين تم تقسيمهم الى درجات وحاملي شارة الحزب وحاملي الانواط بشتى انواعها وحاملي سيف القادسية ...الخ ...وماذا كانت النتيجة ؟!

 

لقد نادينا منذ بداية التغيير بان يكون هناك قانون خدمة مدنية موحد لجميع منتسبي الدولة اعتبارا من رئيس الجمهورية وحتى الحارس الليلي وعامل البلدية ولكن للاسف كان الاتجاه يسير عكس ذلك تماما ويتجه الى المزيد من الامتيازات والمخصصات وكأن الجميع في سباق محموم لجمع الغنائم .

 

ان مستقبل اي نظام سياسي يعيش مثل هذه الفوضى في قوانين الخدمة هو مستقبل عقيم محكوم عليه بالفناء هذا بدون الاخذ بالاعتبار الصراعات السياسية وصراع الكتل والايديولوجيات والمكونات . واذا كان مستقبل النظام السياسي يهم المسؤولين الحاليين او الحكومة القادمة والمجلس الجديد فلا بد من وقفة جادة واعادة نظر في قوانين الرواتب والمكافئات والامتيازات اما اذا لم يكن يهمهم فهذا شأنهم ولكن لينتظروا العواقب الوخيمة فأنها قادمة !

 

حتى نهاية عقد الستينيات من القرن الماضي  كانت مخصصات ورواتب وموازنة رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وكل اجهزة قمة الهرم التنفيذي في العراق تدرج في المجموعة الاحصائية السنوية التي يصدرها الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط وللاسف فأنه لا توجد الان مثل هذه الشفافية بل ان الطابع السائد هو المزيد من السرية ثم المزيد من السرية لاخفاء المزيد من الامتيازات ثم المزيد لاجهزة نهمه لا تعرف الشبع .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1431 الجمعة 18/06/2010)

 

في المثقف اليوم