قضايا وآراء

القيلولة.. قد تطيح بالنظام!

 والمفارقة أن عالمة أبحاث بريطانية تلقت تدريبها بجامعة هارفارد (دكتوره ساره ميدنيك) أصدرت حديثا كتابا عن القيلولة علّق عليه دكتور جيمس مؤلف كتاب (قوة النوم) في جريدة نيويورك تايمز بقوله: (ان البحث الرائد الذي قدمته لنا دكتوره ساره هو دليل دامغ على أن قيلولة الظهيرة تعود بالنفع على النواحي النفسية والجسدية والذهنية).

 واللافت أن الباحثة توصلت بدراسات علمية الى أن للقيلولة فوائد نجهل تفاصيلها نحن العراقيين برغم أننا توارثناها أبّا عن جد وصولا لأجدادنا البابليّن الذين كانوا يقضون ساعة القيلولة في ركن ظليل بحدائق عشتار!. فمن فوائدها أنها تعمل على تقليل خطر الاصابة بالسكتة الدماغية والنوبة القلبية، لأنها تؤدي الى خفض ارتفاع ضغط الدم الناجم عن الاجهاد (وأي اجهاد أشدّ من الذي يتعرض له العراقيون!). وأنها تقلل من الاصابة بمرض السكر (والعراقيون حلويون!)، لأن قلة النوم تزيد من مستوى الأنسولين والكورتيزول الذي يزيد من خطر الاصابة بالنوع الثاني من مرض السكر (يعد سادس أسباب الموت في أمريكا). وثالثة الفوائد  أن القيلولة تؤدي الى خفض الانفعال وسرعة الغضب (وكل العراقيين دمهم حار!)، لأنها تغرق المخ بالسيروتونين الذي يجعلك المزاج رائقا. والرابعة  أنها تخفف ألآم الصداع النصفي والقرحة والمشاكل الأخرى ذات الآثار النفسية، وتعمل على انقاص الوزن (وأترك التعليق لجنابك)، لأن جسمك يفرز أثناء القيلولة هورمونا يقلل من نسبة الدهون لديك. والألطف أن القيلولة تحافظ على شبابك لأن الاجهاد هو أكثر العوامل المسببة للهرم (والله يكون بعون من يركض والعشا خبّاز).

 والمدهش أن احدى المدن بالدنمارك وفرت أماكن للقيلولة مخصصة لموظفي الدولة يأخذون فيها غفوة لنصف ساعة بعد اثبات الدراسات أن القيلولة تعمل على استعادة كفاءة الفرد وتزيد من يقظته وتركيزه وصفاء ذهنه، ينجم عنها تحسّن في نوعية الانتاج وكميته (وعدنه الياخذ غفوة دقائق بالدوام تجيه عقوبه). وانتقلت هذه الفكرة الى شركات أمريكية بعد أن أكدت دراسة قامت بها وكالة ناسا أن يقظة المرء تزداد مئة بالمئة عقب أخذه لغفوه قصيرة . ليس هذا فقط بل أن القيلولة تعزز الابداع وتقوّي الذاكرة وتشعرك بالانتعاش وترفع الكفاءة الجنسية(!).

 عجيب أمور غريب قضية!..كل هذه الفوائد لصاحبتنا القيلولة ونحن لا ندري .ألا نستحق نحن العراقيين براءة اختراع لأنها "ماركة" مسجلة باسمنا؟. لكن الغرب –كعادته-أخذ الكثير من علومنا وعاداتنا الجيدة وأعاد انتاجها لنا، سالبا منها ليس فقط حقنا بعائدية القيلولة، بل حتى متعتنا بها  كما كانت أيام زمان.

 والأوجع، أن الحكومة الوطنية!حرمت العراقيين من التمتع بالقيلولة وفوائدها العقلية والجسمية والنفسية، وتركتهم يتلظون بحراة قيض تجعل الحمار يبول دما. ومن يدري أن تظاهرة البصرة المطالبة بتوفير الكهرباء ستكون بسيناريو شبيها بسيناريو الأنتفاضة الشعبانية..فمن البصرة بدأت المظاهرات وامتدت الى الناصرية والمحافظات الجنوبية والوسطى ..وكادت أن تسقط النظام لولا أن حمته أمريكا التي تحمي الآن من جاءت بهم!، فان فعلتها ووقفت هذه المرّة على الحياد فستكون حادثة نادرة في التاريخ أن تطيح (القيلولة) بنظام ديمقراطي!. ولا تستبعدوا ذلك..فالعراق  بلد عجيب غريب تجري فيه الأمور بصياغة روائي مصاب بالشيزوفرينيا!!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1434 الاثنين 21/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم