قضايا وآراء

من المسؤول عن تخريب ذائقة المجتمع العراقي؟

ودللت على إنهيار كبير في تحويل مجرى الذائقة الشعبية العراقية، المعروفة بالرقي والذكاء الى ما لايمكن وصفه..!

فقد، بينت تلك النتيجة، ان حوالي 35 بالمائة ممن شملهم الإستبيان، تعجبهم الافلام الهندية ولديهم ما يشبه الإدمان على مشاهدتها ... والنسبة نفسها حظت بها برامج الشعر الشعبي وحوارات الشعراء الشعبيين مع بعظهم.. و5 بالمائة فقط أعلنوا رغبتهم بمتابعة البرامج الثقافية والتاريخية فيما إمتنع بقية المشاهدين عن إعطاء رأيهم بما يرغبون، كونهم لا يشاهدون التلفزيون ... أصلا .. !!

وتعود ذاكرتي الى العام 1972، حينما أجرت مجلة " الاذاعة والتلفزيون " العراقية، إستبياناً لقرائها، ظهر فيه إن حوالي 40 بالمائة من المشاهدين يتابعون برنامج " العلم للجميع " وبرنامج " الرياضة في إسبوع " ونسبة زادت على 30 بالمائة، لبرامج الموسيقى والاغاني العراقية الأصيلة، ويتذكر القراء ممن هم بأعمارنا، ان التلفزيون كان يقدم إسبوعيا عروضا للموسيقى العالمية مثل سمفونيات " بتهوفن " وأغنيات لـ " فرانك سينترا " وغيره...  وتوزعت بقية النسب على الأعمال الدرامية العراقية مثل " تحت موس الحلاق " والأفلام العالمية عالية المستوى، حيث كان "تلفزيون بغداد " يعرض كل يوم أربعاء فلماً مختاراً في برنامج يحمل إسم " السينما والناس "  يسبقه إستضافة لإحدى الشخصيات المهتمة بالسينما للحديث عن الفيلم المعروض.. وكان الرقم الأعلى في " بقية " نسب الاستبيان من حصة برنامج " الباليه " الذي كانت تعده وتقدمه السيدة (مدام لينا )...

هذا هو واقع حال المشاهد العراقي قبل 38 عاما ... وذاك واقع حال المشاهد العراقي اليوم، فمالذي حدث لذائقتنا الثقافية ؟

صراحة، لم أجد جواباً، ربما لكوني غير متخصص بعلم النفس الاجتماعي وعارفاً ببواطن " البارا سايكولوجي "... لكن الذي إستفزني جداً هذا الانحدار في الذائقة الجمعية العراقية ... من المسؤول عنها ؟؟ هل  المتلقي (المشاهد)  ام ان هناك تخطيط مسبق للوي ذراع العقل العراقي ..؟

لن أدين، رغبة المشاهد وشغفه بالأفلام الهندية، لقناعتي بأن المواطن العراقي يعيش حالياً في أجواء، شبيهة بمسارات وأجواء تلك الأفلام في الشارع والمحلة والدائرة، لكن هل يعطي ذلك مسوغاً، لجعل مشاهدة فيلم هندي أهم من الإستماع الى سيمفونية ورقصة باليه او التمتع بمسرحية تحمل مضامين فكرية راقية. ؟؟

 ان الوعي بالذات، تبنى عليه خطوط المستقبل، فأذا كان هذا الوعي هابطاً، فأن الوعي الجمعي سيكون واطئا، وهذا هو هدف أجندة تخريب ذائقة المجتمع العراقي. 

لاً أريد، ان يرميني " ناس هذا الزمن الرديء" بحجر، لإدعائهم بأنني أطلب رقصة باليه على حساب ندوة فكرية او فيلم حائز على جائزة اوسكارعلى حساب ندوة لرجال السياسة، وما أكثرهم اليوم .. او أتهم بمطالبتي بعودة " كامل الدباغ " الى الشاشة، فالرجل مضى الى بيته الدائم حيث مثوه الأخير .. او أطالب المسؤولين بالذهاب الى الاستاذ مؤيد البدري لأستئذانه بإستئناف برنامجه الشهير  "الرياضة في أسبوع " لا ارمي لهذا او ذاك ... لكن الى ماذا ترمي يا صاح؟ سؤال وجيه بلا شك، غيران صمتي في هذه الحالة الحرجة أجده الصواب بعينه.. وياليتني لم أسطر ما قرأتم، فالذي يخطط لأغتيال الذائقة العرافية، يمتلك بالتأكيد سطوة وقوة وبطش لا يقوى عليها أحد ... مثلي !!

  

زيد الحلي

[email protected]     

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1437 الخميس 24/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم