قضايا وآراء

حمزة الحسن وفلاح المشعل والتنمية البشرية / صلاح حزام

ومع إني لم أتشرف بمعرفة أي منهما إلا إني أدمنت قراءة كتابات الأستاذ حمزة الحسن واستمعت إلى الأستاذ فلاح في حوارات تلفزيونية عديدة.

لقد تطرقا في حوارهما إلى مواضيع طالما حلمت أن تشغل حيزا من اهتمام الكتاب والمثقفين .

مواضيع مثل حاجة الناس الى مرحاض يليق بآدميتهم ومجارى للصرف الصحي ومياه نقية للاستخدامات الإنسانية والتخلص من النفايات بطريقة لائقة والنوم في بيوت صحية بحد ادنى من مستلزمات السكن الآدمي.....الخ

في بداية التسعينيات أصدرت الأمم المتحدة/البرنامج الإنمائي، أول تقرير عن التنمية البشرية في العالم.

وكان ذلك بداية لتبلور وظهور وتداول لمنهج جديد في التنمية يسمى منهج التنمية البشرية.

 خلاصة هذا المنهج هي ان يكون الإنسان في مركز الاهتمام في إي جهد تنموي. ولم يعد كافيا القول ان الاقتصاد قد نما بهذا المعدل أو ذاك أو أن يقال بأن لدينا اكبر مصنع في الشرق الأوسط بل لابد من التأكد ان هذا النمو وهذا المصنع قد ذهبت ثماره لمصلحة الناس.

البشر هم الغاية والوسيلة لهذا المهج(تنمية البشر من اجل البشر وبواسطة البشر).

وتفاديا لاي استغراق غير ضروري في هذا المقام بمفاهيم الاقتصاد والتنمية، أردت الذهاب فورا إلى النقطة التي جعلتني اربط بين حوار الأستاذين الفاضلين والتنمية البشرية:

 من معايير التنمية البشرية التي تستخدم للحكم على مستوى التنمية البشرية في إي بلد هو تمتع مواطنيه بخدمة المراحيض الصحية !!!! والصرف الصحي وأسلوب جمع النفايات بطريقة لائقة تحفظ الصحة والبيئة !!!

كم هو تقدمي السيد فلاح المشعل وسابق لزمانه حين يتبرع بمصروفه الشخصي لتمكين بيت حمزة من بناء مرحاض لائق !!؟؟ خاصة عندما نتذكر إن ذلك قد حدث في السبعينيات من القرن الماضي !!

يبدو ان البعض يعتبر الحديث بهذه المواضيع ضربا من العار والإهانة لان أحاديث الكبار، كما يظن هؤلاء، هي في مواضيع كبيرة كالليبرالية والديمقراطية والفدرالية والتعددية وحرية الصحافة والتعبير

واقتصاد السوق واتفاقية التجارة العالمية وفسيفساء الشعب العراقي الجميلة والانتخابات وسيادة العراق وسيادة القانون والعلمانية...الخ .

ولطالما استمعت إلى أحاديث لهؤلاء في هذه المواضيع بطريقة تدعو إلى الشفقة لفرط جهلهم بها وتنطعهم ومحاولتهم أن يظهروا كمثقفين ومفكرين أكفاء !!

في حين نسي هؤلاء الكبار إن الشعوب المتحضرة تستخدم كل هذه المفردات الكبيرة وتحولها إلى ممارسات ومؤسسات حقيقية لأجل تحقيق هدف نهائي أساسي هو خدمة البشر على أفضل وجه ممكن!! لم تستخدم الإنسانية الأسلوب الديمقراطي في اختيار الحاكم لأنها أعجبت بكلمة ديمقراطية، وانما لانها توصلت إلى استنتاج نهائي يفيد إن هذا هو الأسلوب الأمثل للإتيان بحاكم يخدم الناس على افضل وجه ويستطيع الناس محاسبته اذا قصر او أساء.

فالمفردات الكبيرة ليست غاية بل وسيلة لجعل الناس يحصلون على ما يحتاجون إليه ومن بين ذلك المرحاض الصحي.

 

ملاحظة 1 :

ماذا لو استطاع أناس مثل فلاح المشعل او حمزة الحسن ان يكون لهم رأي مبكر في بناء العراق او إدارته واتخاذ القرارات التي تتعلق بحياة الناس فيه ؟؟؟

 

ملاحظة 2:

 المراحيض العامة في بعض الدول المتحضرة وعلى حد تعبير صديق : كأنها تلفزيونات موضوعة في الشوارع لفرط جمالها ونظافتها ومظهرها الجميل!!!

 

د.صلاح حزام

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1442 الثلاثاء 29/06/2010)

 

في المثقف اليوم