قضايا وآراء

صفحات مشرقة من تاريخ القضاء العراقي / ثامر الحاج أمين

 ودور فعال في حماية حريات المواطنين وحقوقهم و كسب ثقتهم في نزاهة القضاء وعدالته.

ولما كانت الاستقلالية بهذا القدر من الأهمية ومسألة حيوية لتقدم المجتمعات، فلا بد من توفير البيئة الملائمة لاقرارها والسعي الدائم لتثبيتها من خلال عدم التدخل في شوؤن القضاء أو التأثير عليه بالاغراءات او التهديد من قبل أي جهة كانت وهو مانصت عليه المادة (88) من دستورنا لعام 2005 (القضاة مستقلون لاسلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولايجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة) وكذلك اكدت المادة (87) من الدستور على هذه الاستقلالية (السلطة القضائية مستقلة .......) . كما ان اغلب الدساتيرجاءت مؤكدة على وجوب فصل السلطات التي هي واحدة من مظاهر الاستقلال و ضمانة اكيدة على استقرار النظام القانوني المادة (47) من الدستور (تتكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات) .

وعبر تاريخه الطويل سجل القضاء العراقي صفحات مشرقة من المواقف النزيهة والصلبة في نصرة المظلوم واحقاق الحق دون اعتبار لسطوة الحكام وجبروتهم وضرب امثلة ناصعة عاى استقلاليته ونزاهته، فقد ورد في كتاب الباحث رشيد الخيون (المجتمع العراقي ـ ثقافة التسامح والتكاره) قصة ذلك اليهودي الذي كانت له قطعة ارض مجاورة لأرض الوصي على عرش العراق الأمير عبدالاله، فاغتصبها الوصي منه، فاشتكى اليهودي على الوصي، وصدر الحكم في مصلحة الوصي، فميزّ اليهودي الدعوى، وعرضت على الشيخ أمجد الزهاوي باعتباره رئيس مجلس التمييز يوم ذاك، وتوسط بعض معارف الشيخ لجعله يصادق على قرار الحكم ارضاءً للوصي، فردهم قائلاً : لايهمنى رضاء الوصي، ولكن يهمني رضاء رب الوصي . ودرس القضية جيداً، ووجد الحق في جانب اليهودي، فنقض الحكم، وأعاد الأرض لليهودي .

وموقف آخر على نزاهة القضاء العراقي ايضاً رواه الباحث الراحل حسين علي الحاج حسن انه عندما دخلت أول سيارة الى" الديوانية " وكانت تحمل " برنو باشا " (قائد الجيش العثماني الجنوبي) والذي قدم اليها لتفقد الجيش العثماني فيها وسط استقبال الاهالي، تقدم شخص يرتدي(زويني) ممزق بالغ الرثاثة وهو يحمل (بشتاوة) صوبها نحو القائد العثماني وهو يصيح لاحكم الا لله ثم اطلق النار عليه غير انه لم يصب بأذى، وسيق الفاعل الى محكمة شكلت فوراً . غير ان المحكمة العسكرية التي رأسها ضابط عثماني يدعى (عبدالله جدوع) برأت ساحة المتهم لعدم مسؤوليته الجنائية بعد ثبوت جنونه .

هذه بعض الشذرات التي تمثل محطات مضيئة من تاريخ القضاء العراقي وبالتأكيد هناك الكثير من المواقف الاخرى التي تظهر سيرته البيضاء . لذا فأن قضاءنا اليوم مطالب بالحفاظ على تاريخه الطويل من الأداء السليم والمميز في سوح العدالة ومطالب بصيانة الأمانة التي أدي اليمين على حفظها، وذلك من خلال تصديه للابتزاز بكافة اشكاله، لكي يكسب ثقة مواطنيه ويمنحهم الطمأنينة على حقوقهم .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1444 الخميس 01/07/2010)

 

 

في المثقف اليوم