قضايا وآراء

توظيف الانترنيت في الحرب السجالية بين الفرق الإسلامية .. مقالة يحيى السماوي أنموذجا

المتباينة ليس لأنه فريدا من نوعه فهو واحد من مجموعة مقالات ناهضة كتبت في أماكن أخرى حول الموضوع، ولكن لأن هناك في النفوس نفورا، وأي نفور .. ومن وحي المداخلات جاءت كتابة هذا الموضوع.

 

لا شك أن الانترنيت واحد من أكبر الخدمات الجليلة التي قدمها العقل البشري المبدع للإنسانية جمعاء دونما تمييز بين أبيضها أو أسودها أو أصفرها. أما الأبيض والأسود والأصفر فهم الذين تعاملوا مع هذه العطية الكبرى كل حسب ذوقه وذائقته وعلومه وسننه ومبتغياته ومقاصده وأخلاقه، فهناك من جعل الانترنيت وسيلة لتثقيف مكوناته وتطوير مهاراتهم وتنويع مصادر معلوماتهم وعلومهم، وهناك من جعل الشبكة وكرا للإرهاب ودس السموم والتشويهات وتنمية ثقافة الكره. وتبعا لاختلاف المشارب تنوعت خدمة الانترنيت ذاتها لتتحول إما إلى مستودع لخلاصة علوم البشرية وثقافاتها وتجاربها أو إلى مكب لنفايات وقذارات البشرية التي تجمعت عبر التاريخ.

نحن غالبية العرب وغالبية المسلمين عجزنا عن الإفادة من كرم هذا العطاء في تطوير حياتنا المغرقة بالتخلف والخلاف والدموية والعداء، ولكننا لم نأل جهدا في تحويله وبنجاح ساحق إلى وسيلة للتشهير بمن نختلف معه في الرأي والمعتقد وبشكل غاية في الدونية والتطرف، وهو الجهد الخاسر الذي أتيح من خلاله للأمم الأخرى أن تتفرج وبالمجان على عيوبنا وعوراتنا وغسيلنا القذر ورائحته النتنة التي تزكم الأنوف، فازدادت استهجانا لأعمالنا واشمئزازا منها ومن مرتكبيها، وتبعا لذلك أخذت تعتقد أننا جديرون وبامتياز بكل ما يصفونا به ويتحدثون به عنا وعن عقائدنا.

توسع وتخصصية المواقع الغربية والشفافية التي تمتاز بها جعلت التصديق بأي معلومة تطرح في احد المواقع أمرا عسيرا للغاية لأن المتلقي يذهب مباشرة إلى أكثر من موقع للتأكد من صحة المعلومة ومقارنة الصور والحصول على البيانات والإحصاءات. أما نحن الذين لا نؤمن بالشفافية لأنها تفضح مقاصدنا ولا نؤمن بوجوب مأسسة العمل فضلا عن قلة المواقع التي تهتم بالمعلومة غير المتحيزة إضافة إلى تفشي ثقافات الفرقة والتباغض والعداء بيننا فإن المعلومة سواء كانت صحيحة أو مفبركة، من صنع الشرفاء أم من عهر الأعداء ودسائسهم، سياسية ألبست ثوبا دينيا أو من عقائد الأديان الأخرى التي تم تطويعها للطعن بالآخر، تجد عند أطراف منا قبولا مشوبا بالروح العدوانية أو مستغفلا بروح الجهل، فتتحول إلى أداة دنيئة وسلاح قاتل نوجهه إلى الآخر ما دام ذلك يشفي غليلنا وبعضا من حقدنا التاريخي الغبي.

وللدلالة على صدق ما قدمته أعلاه أحيلكم إلى آخر القنابل التدميرية التي أطلقها الأخوة الأعداء ضد إخوانهم  المخالفين لهم في العقيدة والتفكير بعد أن عجزوا عن النيل منهم من خلال تفجير السيارات والعبوات  والذبح والتهجير والتدمير والكذب والتدجيل والتكفير، وأقصد بها ذلك الفلم المفبرك الذي انتشر في المواقع الالكترونية والموبايلات انتشار النار في الهشيم اليابس المتشبع بالبنزين  والذي يعرض صورا لمن يدعون أنه "السيد مناف الناجي" وكيل السيد السيستاني في العمارة يمارس فيها الرذيلة علنا جهارا ولا يكتفي بهذا العمل الخسيس بل يصور بنفسه جرائمه وينشرها بين الملأ مفتخرا، لتنطلق بعد ذلك الأقلام المأجورة والقنوات المئبونة  وتلقي آلاف الأطنان من السباب والقذف والتجريح على المرجعية الدينية الشريفة والمذهب الشيعي وأتباعه متهمتهم بأنهم يبيحون مثل هذه الأعمال الخسيسة التي لا يقبل بها إلا من لا يعرف معنى كلمة (لا إله إلا الله)

وهو الأمر الذي دفع بعض الكتاب للرد على هذه التخرصات بأسلوب علمي وأدب رفيع كما فعل الأستاذ يحيى السماوي ومجموعة من الكتاب الملتزمين والتي أثارت ردودا وصل بعضها إلى حد التجريح، ودفع آخرين للرد عليها بنفس وزنها وقافيتها النشاز التي تشرخ الذوق العام وتخالف تعاليم السماء فأسهم في زيادة الفرقة وبث روح العداء والكره بين الفرق الإسلامية.

إن حجم المداخلات التي وردت على موضوع الأستاذ السماوي تحديدا لا تدل على إيمان قسم كبير من المتداخلين بثقافة الحوار الجاد الهادف إلى كشف الحقيقة بقدر دلالتها على مقدار التشنج البيني الذي يعيش في أجوائه المسلمون اليوم سواء من كان منهم ملتزما بحذافير العقيدة أو كان مسلما بالاسم فقط.

678-salehلقد كان المفروض بمن يدعي الحرص على الإسلام أن يتأكد أولا من صحة الخبر وصحة الشخصية التي نسب إليها الفلم، فإن تأكد له صدق ذلك فمن حقه بل من واجبه الشرعي والديني أن يبادر إلى فضح هذه الأنموذجات القميئة المتلبسة بالدين، والمطالبة بعزلها وتجريمها، أما من ثبت له العكس وثبتت له براءة هذا الرجل مما أسند إليه فمن المفروض به مهما كان مذهبه الذي يعتنقه أن يبادر إلى تكذيب الخبر والرد على من يروجه حماية لسمعة الإسلام والمسلمين.

 أما أن تطبل القنوات الفضائية المأجورة مثل "وصال" و"صفا" وغيرها لهذه الكذبة وتخصص برامجها اليومية على مدار الساعة لتأليب الشارع الإسلامي على فرقة من المسلمين الذين تختلف معهم بالعقيدة لا أكثر فذلك من أكبر العوامل التي تنخر في الإسلام وتوهنه وتضعفه، ومن أكبر المحفزات على تنمي روح الكره والعداوة بين المسلمين بعضهم بعضا، وتنمي روح العداء لدى الآخرين ضد الإسلام.

أنا واقعا لا أريد تبرئة المرجعية ورجالها من جريمة يستحيل أن يقترفوها ومؤمن ببرائتهم منها إيماني ببراءة الذئب من دم يوسف، ولكني أدعو الجميع للإطلاع على الصور المرفقة مع هذا الموضوع ومقارنة صورة الرجل الذي يظهر في الفلم مع الصورة الحقيقية للسيد مناف الناجي وكيل المرجعية في محافظة ميسان ليتأكدوا من كبر المؤامرة التي تحاك ضد المسلمين والتي يسهم المسلمون بالترويج لها بدوافع التحيز والعداء.

678-saleh 2

 

واعتقد في الختام أن هناك اليوم آلاف القضايا الإسلامية الساخنة الأخرى التي تحتاج إلى عنايتنا واهتمامنا ولو بجزء صغير من اهتمام البعض بهذا الموضوع الكاذب فهناك الذبح اليومي الذي يتعرض له العراق والعراقيين على يد المحتل والسياسيين الجهلة والمجرمين الإرهابيين القتلة، وهناك غزة الجريحة المحاصرة الجائعة، وهناك الصومال المعذب، وهناك أفغانستان وشعبها المسلم، وهناك في أغلب دول العالم أكثر من خطر يحيق بالمسلمين.

ثم أن مسألة بهذا الوزن حتى ولو كانت صحيحة  لا تستوجب منا كل هذا الجهد والمثابرة والنقاش الفارغ .. طيب أنا بالذات كتبت قبل مدة موضوعا نشرته في صحيفة المثقف ذاتها وبعض المواقع الأخرى بعنوان (الانتهاكات الأخلاقية في المساجد الإسلامية) وقد أوردت فيه قصة (الإمام المسلم المغربي) الذي تحرش جنسيا بست طالبات قاصرات في أسبانيا كن يتعلمن أصول القرآن على يديه والذي استدعته الشرطة الأسبانية وقامت بتوقيفه لثبوت الأدلة عليه. لكن لا المرجعية ولا أتباع المذهب الجعفري استغلوا هذا الموضوع للتشهير من خلاله بالمذاهب الأخرى ومروا عليه وكأنه أمر شخصي لا يعني أحدا غير مرتكب الجريمة نفسه فلماذا هذه الضجة المفتعلة اليوم بخصوص مجرد فلم كاذب لو لم تكن هناك دوافع تخريبية وثقافات عدوانية تحرك مشاعر بعض المسلمين وتدفعهم لتدمير الإسلام بأيديهم؟

 

 

ملاحظة: تم نقل الصور المرفقة بهذا الموضوع من موقع جريدة البصرة الالكترونية، شاكرا لها اهتمامها بهذه المشكلة بأسلوب عصراني علمي بعيد عن التشدد والمغالاة

 

.........................

للاطلاع على مقال الشاعر يحيى السماوي، علما ان المثقف حجبت عددا كبيرا من التعليقات التي تعتبر مسيئة لا يجوز نشرها وفقا لضوابط النشر لدينا.

 

المرجعية الدينية بريئة من فعلة الفاسق مناف ناجي

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1446 السبت 03/07/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم