قضايا وآراء

رحيل المرجع فضل الله والعلاقة بين المجلس وحزب الدعوة / مهند حبيب السماوي

 تداعيات موت المرجع الديني اية الله محمد حسين فضل الله والعلاقة بين حزب الدعوة الاسلامية والمجلس الاعلى الاسلامي في العراق، خصوصا وهما يمران حاليا بمرحلة حرجة وحساسة قد تصل سياسيا الى القطيعة اذا ما لم يتفقا في الائتلاف الوطني على مرشح لرئاسة الوزراء يدخلان به بتوافق جلسة البرلمان القادمة.

رأى الباحث ريدر في بداية مقالته ان اعلان " كل من مجلس محافظة ميسان والنجف ثلاثة ايام للحداد على رحيل السيد محمد حسين فضل الله العالم الشيعي اللبناني ذو الاصل

العراقي" هو حركة مثيرة للاهتمام، اذ ان المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله

يتمتع " باحترام كبير من قبل الكثير من العراقيين "، اما اعضاء حزب الدعوة فبالاضافة الى احترامهم وتقديرهم العالي له، فانهم، كما يقول  فيزر، ينظرون اليه كــ " بديل لعلماء الدين الذين يعتبرون اكثر تبعية لايران ".

بل يعتقد بعض من الكتاب الغربيين ومنهم السيد جيم مور ان الراحل " ساعد  في نهاية عام 1950 في انشاء حزب الدعوة " كما جاء ذلك في مقالة نُشرت في موقع ( BBC News ) الثلاثاء 6-7-2010  بعنوان " لبنان تودع اية الله فضل الله "، وربما مالاحظناه من حزن بدا واضحا على القنوات الفضائية التابعة لحزب الدعوة او القريبة منها لهو دليل على

ذلك، حيث وجدنا أن قناة افاق التابعة لحزب الدعوة وقناة بلادي التي تعود لابراهيم الجعفري وهو " الناطق الرسمي باسم الدعوة قبل استقالته واعلان تشكيل تيار الاصلاح " وقناة المسار التابعة لحزب الدعوة- تنظيم العراق قد اتشحت بالحزن ووضعت صورة الراحل في واجة الشاشة واعلنت الحداد.

وفي مقابل ذلك نجد قناة الفرات التابعة للمجلس الاعلى لم تفعل شيئا كهذا ، ولم يأخذ خبر رحيل المرجع الفقيد الحيز والمكانة التي احتلها نفس الخبر في هذه القنوات، وهو شيء غير مقبول ومُدان من قناة تعتبر وتقدم نفسها ناطقة باسم الشيعة ومرجعياتهم، متناسية هذه القناة " الشيعية " ان الراحل الذي لم يجدوا له بين برامجهم مكانا للحداد عليه، كان من الذين خسرتهم النجف حينما غادرها سنة 1966  كما بيّن ذلك المفكر الشهيد محمد باقر الصدر حينما قال " كل من خرج من النجف خسر النجف إلا السيد فضل الله، فعندما خرج من النجف خسره النجف".

اما النواحي الاخرى المتعلقة بموقف بعض الشيعة من الاراء والفتاوى التي كان يقول بها المرجع الفقيد فضل الله فنجد ان ريدر يقول ان " البعض قد انخرط في عملية نقد لفضل الله من اجل تقويض درجته العلمية، وفي ذلك قد تخصصت مواقع الكترونية كاملة لانكار مرجعيته الدينية ". ويضيف على ذلك بان " اعداء السيد فضل الله هم من الموالين لايران في المشهد العراقي" .

ثم يضع ريدر بعد ذلك صورة لــ" فتوى الكترونية من مكتب الحكيم مؤرخة في نهاية عام 2002 والتي فيها يرى"  مكتب اية الله الحكيم ان السيد فضل الله لم يصل الى مرتبة او مرحلة  تؤهله الى ان يٌقلد من قبل الشيعة كنموذج قادر على اصدار الفتاوى." ولسنا نعلم مدى مصداقية هذه الفتوى التي جاءت في مقالته، ولم يتسنى لنا التاكد من مصدر مقرب من مكتب السيد الحكيم حول هذا الامر ، ولاندري هل توجد صلة بين الموقف المتبنى في هذه الفتوى وبين عدم اعلان قناة الفرات التابعة للمجلس الحداد على المرجع الفقيد؟

ثم يقدم ريدر رأيه ب" السيد الحكيم " وهو لم يوضح هل يقصد السيد محمد سعيد الحكيم او الشهيد الراحل محمد باقر الحكيم، وان كنت اظن انه يقصد الاول، فيقول بان " الحكيم لم يُعتبر " مرجع للتقليد" حتى قام مؤخرا بعض اتباع المجلس الاسلامي الاعلى برفعه الى هذه

 المنزلة "، وهذه مغالطة كبيرة لانسمح لنفسنا المرور عليها من غير ان نرد عليها، اذ ان السيد محمد سعيد الحكيم وقضية مرجعيته تعود الى مابعد وفاة المرجع الديني السيد ابو القاسم الخوئي، ولاترتبط باعضاء المجلس الاعلى الذي هو حزب سياسي يدور في فلك ومعطيات السياسة ومقتضياتها وان كان يُفضل ان تكون اليد الطولى للسيد الحكيم في القرار الديني في النجف.

بعد ذلك يحاول ريدر ان يجد دلالة لنقد الحكيم للراحل فضل الله ، فيوضح بان " نقد لفضل الله يساعدنا في التذكير بالاختلافات بين مختلف الاحزاب العراقية الشيعية عندما نصل لدرجة حماستهم للجمهورية الاسلامية ونظامها في الحكم ".

وهنا يقوم ريدر بالخلط بين بين السياسي والديني في المشهد العراقي من جهة كما انه يربط  الموقف الديني في العراق بايران بصورة اوتاماتيكية من جهة ثانية، وفي هذا اجحاف وراي غير مقبول وبعيد عن الحقيقة، حيث ان الخلاف الديني من قبل بعض علماء العراق مع المرجع فضل الله لايرتبط بالضرورة بايران اذ ربما يختلف مع الراحل عالم او مرجع ديني عراقي او سعودي او حتى باكستاني ولا يكون لهذا الخلاف اي اسباب تتعلق بايران بل تتعلق بالاحكام والاراء التي يومن بها كل مجتهد ويراها صائبة من وجهة نظره طبقا للادلة الفقهية التي يحتكم اليها .

كذلك فانه لايمكن ان نجد اي علاقة لخلاف فقهي او ديني بين مرجعين من الشيعة وبين صلة حزب عراقي بايران، فهذا خلط وتحليل ينأى عن الصواب واقرب الى الايديولوجيا منه الى التحليل الرصين، فحماسة حزب سياسي عراقي لايران ونظامها في الحكم لايمكن بأي حال من الاحوال ان يكون سبب لاصدار فتوى ضد مرجع ديني، فأي عالم ديني يقبل ان يكون اداة بيد حزب سياسي ما؟ واي حزب سياسي يكون له هذا التاثير على مرجع دين كبير بحيث يجعله يصدر فتوى معينة؟

الخلاف مع المرجع فضل الله من قبل بعض علماء الشيعة هو امر فقهي لاسياسي يتعلق بالكثير من الاراء التي وجد فيها الكثيرون خروجا عن التقليد وتجديدا فيما هو سائد خصوصا وهو المرجع الذي امتاز بالجرأة في طرح نظرياته الفقهية وبالانفتاح على التطور العلمي خصوصا فيما يتعلق باعتماد علم الارصاد والفلك في اثبات رؤية شهر رمضان، وان كان الراحل قد عارض ولاية الفقيه التي قال بها الامام الخميني شأنه في ذلك شان الكثير من فقهاء ومراجع النجف كالسيد علي السيستاني الذي لايقول بالولاية العامة.

  

مهند حبيب السماوي

[email protected]

  

في المثقف اليوم