قضايا وآراء

مابين كاترين ميخائيل وصالح الطائي (نظرة حول الحجاب الاسلامي) / سلام كاظم فرج

طرق اتباع طقوس ارتدائه وكيفية فرضها على الناس.. ولم تخف الدكتورة تعاطفها مع السفور وتحبيذه من خلال اقتباسها ابيات شعر للرصافي والزهاوي ابرز داعيتين للسفور مطلع القرن الفائت..

 ونبهت الى بروز ظاهرة جديدة بعد عام 2003 في العراق هي تشكيل منظمات مجتمع مدني تتولى الاشراف على احترام منظومة الحجاب النسوي من خلال التثقيف والتوعية والحث بالحسنى على الالتزام بالحدود الدنيا لما يتطلبه الاسلام الحنيف من المرأة المسلمة.. وأبدت الدكتورة امتعاضها من انحرافات محتملة لكيفية التطبيق ومبرراته الشرعية والدستورية في بلد يفترض ان يحسب على الانظمة اللبرالية ويضم شرائح علمانية لها وزنها..

 والتوظيف لمثل هذه الظاهرة الشائكة يستند الى احاديث شريفة للرسول الكريم اهمها (من رأى منكم منكرا....) والاية الشريفة ..(ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى..).. والدكتورة انطلقت في دعوتها ليس تحريضا على ثوابت اسلامية بقدر ما هي تنبيه الى مخاطر متوقعة عند تطبيق تلك المثل العليا الذي جاء بها الاسلام..وكلنا نعرف ان ثمة جمعيات في بلدان اسلامية مجاورة جعلت من الحديث الكريم من رأى منكم منكرا... شماعة للتدخل في حرية الناس.. ففي السعودية مثلا .. نسمع عن جلد وأهانة..لمن لايلتزم بتطبيقات تفرضها الجمعيات لا الشريعة!!. والا من يعطينا نصا شريفا يبيح جلد استاذ جامعي لأنه هاتف تلميذته (أو هي هاتفته) ومزح معها وهو يحدثها عن موضوع اكاديمي؟؟ .. وسمعنا مثل هذه الحكاية الكثير.. وحسب معلوماتي المتواضعة ان السيد أحمدي نجاد رئيس جمهورية ايران الاسلامية قد ندد مؤخرا بتصرفات البعض في محاولة فرض انواع من الحجاب والتدخل في حرية الناس..من خلال انتقاده جمعيات معينة..ليس لدي اطلاع كاف على جمعياتنا.. لكن ماهي الضمانة لاستمرارها رصينة وفق وجهة نظر الباحث الجليل صالح الطائي الذي اعرف مقدار رصانته العلمية وغيرته على الحقيقة والدين.. ان تنظيم مثل تلك الممارسات امر مشروع سيما قرب المزارات المقدسة كالنجف وكربلاء والكاظمية.. وبأشراف سنوي منظم.. والا من يضمن لنا ان يتحول الحجاب الى نقاب.. ومن يضمن لنا ان لا نتحول الى مفاهيم طالبان بتحريم تعلم المرأة وخروجها؟؟ ان المرأة كائن انساني لها ذات الحقوق المتاحة للرجل..

 وثمة فكرة جوهرية في الدين الاسلامي ينبغي ابرازها دائما.. (لا إكراه في الدين..) فمن باب اولى ايضا ان نقول لا إكراه في الحجاب.. وأتفق تماما مع الاستاذ الطائي.. ان انحرافات المجتمعات الغربية صوب العري تبرر تماما خوف المسلمين على أعرضهم من خلال اباحة السفور التام بما فيه نشر نوادي العري.. ولفلاديمير لينن قول مأثور.. كلما انحرفت كثيرا صوب اليسار ستجد انك قد لامست اليمين ووصلت اليه.. وقال وهو يخاطب المناضلة روزا لوكسمبورغ.. ايهما افضل لنا ان نشرب الماء في إناء نظيف ام من بركة في الطريق؟؟ ان التحرر الجنسي الذي اتاحته الرأسمالية احد اسباب التزمت اليميني .. ومن هنا تحققت نبوءة لينن.. ..

 ان الحجاب حقيقة اسلامية.. لكن ان تفرض بالقوة انتهاك لابسط مفاهيم الاسلام.. لا إكراه في الدين.. ولا ولي على المرأة الا زوجها ووالدها.

 وثمة ظاهرة مؤسفة وهي ألاختلاف بين المسلمين أنفسهم في نوعية الحجاب وتمظهراته.. بل وتعدى ذلك الى نوعية لحى الرجال ومقدار طولها وقصرها.. وكيفية التعامل مع الشاربين.. وثمة من يتحدث عن نوعية الجوارب النسائية.. وقفازات الكفين.. وتدور نقاشات حامية بين الشبيبة واختلافات..

 وفي ايران حسبما علمت هنالك نساء يركبن الدراجة الهوائية والبخارية بحجاب معقول.. بمعنى اننا تفوقنا على المجتمع الايراني في فرض انواع من الحجابات تسبب اختلافات متعددة.. انا احترم جدا رأي الاستاذ الفاضل الطائي.. في رؤيته لمدى الحجاب وفق رؤيته ولكن من يضمن له ان لايكفر هومن قبل فصيلة اخرى ترى في النقاب مثلا اعلى للدين؟؟ الموضوع شائك.. وانا اعرف اني سأخسر مناصري صديقي الطائي وسأخسر ايضا مناصري الدكتورة الفاضلة التي اعرف تاريخها النضالي وفضلها.. لكنها محاولة للأعتدال والوسطية حرصا على سمعة ديننا قبل الحرص على انواع الحجابات وانواع السفورات!! (انا اتعمد جمعها جمع مؤنث سالم من أجل ايصال الفكرة!)..

 فثمة انواع من السفور.. بعضها محترم جدا يذكرني بسفور نزيهة الدليمي

 وسهير القلماوي ومدام كوري !.. وبعضها مقزز يذكرني بسفور بريجيت باردو في غرفة نومها.. فما بين هذا وذاك فرق شاسع فكيف نعمم؟؟ ولا أظن الدكتورة تدعو الا الى سفور نزيهة وكوري والقلماوي.. كذلك لا أظن الاستاذ الطائي يدعو الا الى حجاب معتدل مقبول.. يحمي بناتنا وزوجاتنا من اعتداءات تفرضها القبيلة لا الدين.. فالدين دين تسامح لا دين غل.. وأغلال...

 ومع ذلك نحن نعلم بناتنا بالحسنى أضرار الانحرافات السلوكية المتحررة جدا.. ونعلمهن ايضا أضرار التزمت الحجابي ان صح التعبير وبالحسنى ايضا.. فكيف بالرجل الغريب يتدخل بشؤون النساء ويطلب منهن ارتداء الحجاب.. في حين ان زوجها وذائقتها قد رضيت ذلك حجابا من نوع اخر او سفورا تراه معقولا.. ومن يزكي الانفس الا الله؟؟ ومن يزكي الفتية المنضوين في تلك المنظمات؟؟ تلك اسئلة شائكة.. وخطيرة.. بل خطرة.. في مجتمع ما زال يرى في السكين إجابة على اهم رويات نجيب محفوظ الرمزية!!..

..........

 

 

ثمة فرق كبير بين تعاليم الرسول والائمة الاطهار والمفكر الخالد محمد باقر الصدر.. وبين من يأتي في الشارع.. ليزجر ابنة هذا او ابنة ذاك.. على نوعية ملبوسها .. ذلك متروك لها ولوليها وما علينا الا النصح من بعيد.ولعلك مررت بتجربة بداية سقوط صدام المقبور وكيف سيطر البعض على الشارع باسم الاسلام ...فظهرت الزرقاوية وماشابهها .. وما شابها من أدران..

 وفي علم الاجتماع ثمة حقيقة موضوعية....تتلخص بوجود فارق نوعي ما بين النظرية والتطبيق وفارق كبير بين حسابات الحقل وحسابات البيدر...

 وعليه ان ما تعتبره الدكتورة ميخائيل حقيقة مسلم بها.. بضرورة السفور.. قد يفسره اخرون انها محاولة لنشر ثقافة العري !! (وشتان مابين هذا وذاك)

 وعليه ان ما يعتبره الباحث صالح الطائي حقيقة مسلم بها بضرورة الحجاب المعتدل وفق معايير يراها هو مقبولة.. قد يفسره البعض انه محاولة لمجاملة العلمانيين.. وربما تكفيره باعتباره ما رقا عن الدين لأن الدين في رأي اولئك يتطلب حجابا كاملا.. لا يترك للمرأة الا هامش بسيط للرؤية وللتنفس..(وبعضهم يرى ان مجرد خروجها من البيت وحدهاالى العمل او التبضع عار وشنار وكفر..)

 وما بين هؤلاء واولئك.. وما بين ضغط الشارع.. وصيحات المتطرفين تضيع البوصلة ونضيع معها..

 الحجاب والسفور وما بينهما مفاهيم نظرية تنتمي للبنية الفوقية الثقافية لشعب ما ولا يمكن لمقالة او كتاب ان يؤثرا قيد أنملة من غير ان تتهيأ الاسباب الموضوعية لسيادة أي منهما.... لكن الحقيقة الموضوعية الوحيدة التي وصلتنا ان الحجاب لم يكن يوما حاميا لعرض من حيث شكله او تفاصيله.. بدون تربية اجتماعية.. وما كان السفور يوما دليل حضارة وارتقاء... هما انعكاسان لتربية ممتدة تنهل من الامتدادات التاريخية والتقاليد اكثر مما تنهل من النظرية والتنظير..

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1451 الخميس 08/07/2010)

 

في المثقف اليوم