قضايا وآراء

مثقفو الانترنت وأختلاط المفاهيم / صادق العلي

المحمولة التي حولت هذا العالم الى (قرية صغيرة ولكنها ظالمة). وانا هنا اتناول موضوع غاية في الاهمية وهو ان الانترنت (هذه الشبكة الخرافية) التي لا تخضع الى مقاييس البلدان التي تدخلها عنوة على اعتبار انها (الشبكة المعلوماتية) هي بالحقيقة مقياس التطور لشعوب الارض !!! ولا تأخذ بالحسبان خصوصيات وثقافات المجتمعات التي تخترقها عرضا !!! ولكنه (عالم الانترنت) له حساباته الخاصة وله عالمه الذي يُدار من هناك – يجب ان تعرف وحدك اين يكون هناك – قد يتوافق هذا العالم المعلوماتي مع المجتمع السويدي ونحن نبارك هذا التوافق كوننا مجتمع متحضر ونريد الخير لباقي المجتمعات وقد يجد المجتمع الدنماركي ضالته في هذا العالم كذلك نوجه تهانينا القلبية الى الشعب الدنماركي الشقيق ... ولكن هل من الضروري ان يتوافق هذا العالم المعلوماتي مع جميع شعوب الارض بشكل عام والمجتمع العربي بشكل خاص ؟؟؟ .

مجتمعنا العربي المشتت سياسياً واقتصادياً والمُحارب في ادق تفاصيل تراثه لم يعلن أستسلامه امام هذا العالم الغريب – عالم المعلومة المجانية المغلوطة في بعض الاحيان – فمنذ الخطط الاستعمارية التي بدأت قبل مئات السنين من حيث اقناع عامة الشعب العربي بانه لا يصلح لشيئ !!! وانه متاخر عن ركب الحضارة !!! وان همومه تكمن في الزواج والسلاح فقط !!! مرورا بالقات الذي زُرع في اليمن لعقود طويلة وكانت نتائجه ان اصبح القات من تراث اليمن واهم تقاليد اليمنيين وهناك من مدافعون عنه اقصد (القات) كونه قيمة عليا !!! ياللعجب .

وبالرجوع الى موضوعنا (الانترنت) بعد هذه السنوات مع عالم الانترنت خرج علينا جيلاً لم ا جد التسمية المناسبة لهُ ! هذا الجيل هو جيل الانترنت بكل بساطة ... الذي يستقي معلوماته من هذه الشبكة (الغريبة بالنسبة لي على اقل تقدير) هذا الجيل الذي لم يحصل على أي مؤهل علمي – وهذه ليست مثلبة – كذلك لم يكن هذا الجيل ممن طوروا انفسهم بالقراءة وبالجلسات العلمية وبالنقاشات الدقيقة ولا غيرها من الطرق التي يطور بها الانسان نفسه ... هم فقط يمتلكون جهاز الكمبيوتر ويمتلكون الوقت الكافي وتبداء عملية غسل المخ ... فالبداية من ادم حيث الخطيئة التي ندفع ثمنها الى الابد ... الى المخلوقات المفترض وجودها على الارض بعد الحرب الكونية الثالثة التي ستاتي على كل شيئ !!! هم يقراءون كل هذه المعلومات ويتداولوها على اساس انها اما تصورات علمية او هي حسابات دقيقة يقوم بها علماء اكفاء ولانهم لا يملكون المعلومة الحقيقية فانهم يعتقدون بصحة هذه المعلومات ويصرون عليها ... واذا ما اراد احداً ما تصيحيح معلوماتهم فانهم ينتفضون ويغضبون لانهم يعيشون في بلدان متقدمة وانهم يمتلكون التكنلوجيا الحديثة فكيف تكون معلوماتهم خطأ !.

انا لا اؤمن بنظرية المؤامرة ولا يهمني ما يخطط له الاخر (الاخر هنا عدو ام صديق الكل لدي سواء) ما يهمني هو هولاء المجادلون الذين لا يعرفون كيف يتحققون من المعلومات التي يحصلون عليها ... الذين لم يسئلوا انفسهم هل استفاد وطني من هذا الخزين المعلوماتي الذي املكه؟ هل لي القدرة ان اخدم ابناء جلدتي من هذا الشبكة؟ هل اتقبل ان اكون على خطأ ؟ وغيرها الكثير من الاسئلة التي نطرحُها على أنفسنا يوميا .

الشخصية المتزنة الواعية الناضجة تستحوذ على اعجاب الجميع وان اختلفت التوجهات والرؤى معها ... ولان هذه الشخصيات لا تصل الى هذه المرحلة من خلال الجلوس امام الكمبيوتر وكتابة التعليقات البذيئة السوقية ولكن تصل هذه الشخصيات الى مراحل متقدمة من خلال القراءة والقراءة فقط مع مراعاة تعدد المصادر التي تستقي منها معلوماتك ... لا ان يكون (محرك البحث كوكل) هو مصدرك الاساسي او ان تكون (ويكيبيديا) ملهمتك الى عالم المعرفة التي ستبقى منقوصة !.

اعتقد ان هذه العقول خرجت من بلدانها وهي لم يكتمل نموها بعد !!! ولان هذه العقول غادرت وهي بهذه الكيفية فانها نموها ونضجها (المشوه) قد اكتمل في البلدان التي أوتهم واستقبلتهم ... وعليه فانهم تأثروا بها بشكل او بأخر واصبحوا جزء من تركيبتها مما جعلهم ينظرون الى اوطانهم بعيون البلدان التي استقبلتهم .

كنت اسمع البعض وهو يعاني من التلفزيون وكيف صنع جيل مُغيب العقل جيل مشوه باخبار القائد الهمام او باخبار الراقصات من البلدان الشقيقة التي امتهن الرقص كونه عمل شريف ... وفي افضل الاحوال تجد هذا الجيل جالساً امام التلفزيون لمدة شهر لكي تكتمل قصة مسلسل السهرة وفي اليوم التالي الكل يدلوا بدلوه بخصوص هذا المسلسل فهذا يقول يجب ان لا يكون البطل بهذه الصورة وغيره يؤيد المخرج في تصوراته ... اما المثقف الحقيقي الذي يدرك خطورة هذه العقول على المجتمع فان مصيره الفقر والحسرات والجنون في احسن الاحوال !.

 

صادق العلي

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1452 الجمعة 09/07/2010)

 

في المثقف اليوم