تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا وآراء

الشاعر حبيب الهلالي .. الشعر الولائي تصنيفاً جديداً لاغلو فيه / قاسم ماضي

 الصعبة التي يعيشها العراقيون في منافينا المعتقة بالسهر والحمى، والأشكالوية التي يمارسها البعض على البعض " نتيجة عدم تخطي الذات، وكأن الذات هي المسيطرة على الدوافع التي نتبناها نتيجة جهل وحقد يتعنكب في اورام المخيلة التي يتعكز عليها نزف انانية الفرد المتغطرس، وكأنه يقول لنا هناك عقول كبيرة هي التي تسيطر على مجريات الإبداع . والاخر ملغي فتتساقط كل أوراقه إمام هذا الجبروت المؤسس للدعائم الثقافية وعدم إتاحة الفرصة للخلاص من البروج المشيدة التي غلفوها تحت وابل الكذب والنفاق أو تحت وابل الجهد والأخلاص للمعرفة الفكرية لكونها طريق في نفق الذاكرة .فإنه لم يدر في خلده أن يقول الشعر إلا أنه كان مولعاً ًمنذ الصبا بقراءة روائعه وتتبع اَثاره . يا لجهل ويا غرور تعامى / كيف يرقى ؟ وكيف يسموالهباءُ؟ ولنقول أن بروز هؤلاء في ميادين الثقافة نتيجة الصمود عاليا ً بأكف من البحث والقراءة واكتشاف الذات، لكن هذا لايمنع الاخرين من الإستبصار والكشف في مفردات الثقافة وتنوعها، بل نقل التجريب في كل الحقول المعرفية من شعر، وقصة، ورواية، وفنون موسيقية ومسرحية . .ثم هل الابداع يتوقف لدى هؤلاء المتغطرسين الذين يقفون على الجبال ويرون الاخرين صغاراً . ثم كيف نهدم الأسوار العالية التي لا تقترب من الأخرين لكون الابداع هو تماس مع الأخرين ولا تتجذر آفاق المبدع إلا بالبحث والتجريب وتكوين رؤاه وفق نظرية " إكتشاف الذات " أليست الثقافة هي البحث والتنقيب وهي الوحدة المتفاعلة او النظام المتفاعل في مجموعة وعينة من الناس؟، وهذه الوحدة تحدد بمشاركة الناس في القيم والآراء والسلوك المتقبل أو المتفق عليه، ثم هي بالتالي مجموعة من الممارسات تشتمل على اشياء واحداث ووقائع وسلوك تحمل جميعاً ابعادأً رمزية، اي ضرب من ضروب التجديد دون أن يبعدها هذا التجريد أو الترميز – بمعنى كونها رموز . فأصدر ديوانه الأول " فيض الغدير " عن دار المحجة البيضاء ب 500 صفحة من القطع الكبير محاولا ً بذلك التصدي لما يقوله أولئك المتزلفون معرجا ً بذلك للوصول الى ملامسات الواقع اليومية او المتناغمات الحياتية طارحا ً موضوعة " الولائية في الشعر الإمامي " مطالباً ً النقاد حسم الجدل الدائر حول انتمائية الشعر الإمامي الذي يمّجد مدرسة الذين أذهب الله عنهم الرجسَ وطهرهم تطهيرا ً .

 هي الطهرُ بنت الطهر أبنة ُ حيدر

 نمتها المعالي شاهقات ُ ولمع ُ

في تصنيفه بأنه يندرج ُ في جنس " المدح " كغرض من أغراض الشعر المعروفة أو حصره في شعر " المناسبة " الذي هو اشبه بالبرق الذي يخطف الأبصار، كلما اضاء للشعر مشوا فيه،وإذا أظلم عليهم قاموا، وهو بذلك يصب غضبه على شعراء السلاطين أو البلاط أو شعراء (الكدية)، قائلا ً فنحن لا نتغنى بولائية " الفرزدق " وهذا الذي تعرف ُ البطحاء وطأته " ولا بتائية " دعبل الخزاعي ومن هنا يصنف الشعر الولائي تصنيفاً ً جديداً ً لاغلو فيه ولا تحميلا ً له فوق ما يحتمل، بل إنصافاً ً له ودفاعا ً عن حق أحق أن يتبع، وهو أنه بالتحيد لإ أعيانه وعيونه " تشبيبي، غزلي، وجداني، يتدفق من معين عواطف زخارة، تعشق المتغزل فيه عشقا ً روحيا ً صرفا ً يصل في اعلى مراتبه إلى درجة الذود عن المحبوب، والغناء فيه وتحمل تبعات عشقه المفضية، في الأعم الأغلب إلى الزنازين / والمشانق / الحرمان / من العيش الكريم / التشريد / النفي / ومطاردة اللعنات وملاحقة الذرية ومصادرة الذات والسمعة والتأريخ ايضا ً .

 فا حتوته السيوف من كل صوب

 وبسمر القنا تلاقت نصول ُ

صاح ياعم يا حسين أغثني

 حر قلبي كيف احتوته الخيول ُ

 

واذا كان التصنيف الكلاسيكي للاغراض او الجناس الشعرية قد رسم حدودا ً مصطنعة بين هذا الصنف وذاك، فإن مراجعة سريعة او استقصائية لافرق ستفيدنا إفادات قاطعة أن لا فواصل بين غرض وغرض .وبين جنس وجنس ادبي، فالغزلي / التشبيبي هو وصفي ومدحي / والمدحي هو غزلي ووصفي وفخري / والرثاء هو وصفي ومدحي وغزلي / والوصف هو غزلي ومدحي / وبالتالي فالشعر الولائي ليس بدعا ً من هذا التصنيف المتداخل والمتنافذ والمتلابس غير الملتبس في بعضه البعض . فأن مقدمة الكتاب التي كتبها الشاعر عادل القاضي موضحا ً فيها أن الشعر الولائي ليس كقصيدة " عمرو بن كلثوم " التي ألهت بين تغلب عن كل مكرمة، وإنما هو شعر " نهضوي " استنهاضي " لا يخلد إلى مخدة التاريخ ر أسه المثقل بالهموم والأحزان عليها ليستريح من الحاضر ومشكلاته و إشكالياته .وبقى علي أن أقول أن تمسك الشاعر بهذا الأصرار منطلقا ً من قراءته لكتاب " الأغاني " لأبي الفرج الأصفهاني ملازماً ً رسالة الشعر التي يقول عنها " أن لغة الشعر لغة تخاطب العقل والنفس والشعر رسالة تأخذ على عاتقها توعية الأمة بأسلوب نغمي، أسرد هذا كوني كنت مستاءً من بعض الأشخاص الذين وقفوا ضده حينما أطرب الحضور بقصيدة ضد الاحتلال موضحا ً موقفه أمام الجمع .

 

بلادي وشعبي ألا فاضربوا

طغاة الدهور وذئبانها

ألا فاشعلوها بوجه العدى

سجالأ تدكدك بنيانها

فقد كنتم ُ يوم جاء الغزاة

سعيرأً يسُجر نيرانها

 

قاسم ماضي - ديترويت

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1459 الجمعة 16/07/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم