قضايا وآراء

مأساة السجناء والمعتقلين..وخروقات حقوق الانسان

عنه مع الحديث عن ما تعرض له الشهيد حارث العبيدي عضو مجلس النواب رئيس كتلة التوافق ـ رحمه الله ـ، حيث كان من أشد الباحثين والمطلعين بوطنية واخلاص على موضوع السجناء والمعتقلين داخل السجون والمعتقلات العراقية التي نحن بصدد الحديث عنها ... وكما يعلم الجميع ـ وبمشيئة الخالق واِرادته ـ أننا من الشعوب ذات الحضارات العريقة في هذا الشرق، والتي تنادي بالحرية منذ عهودها الأولى، فما بالنا اليوم بتنا في أدنى السلّم الحضاري في التعاطي مع الأسير والسجين وبأحقر وأقسى الوسائل، ومهما كانت الأسباب فلا مبرر لإبقاء سجين في سجنه او أسير في أسره أو منفي في منفاه دون إحالة سريعة للمحاكمة العادلة...!!

نحن من الشعوب التي لطالما حملت قيم الأخلاق والتسامح، وقد صدرنا الأديان للعالم البربري، فما بالنا اليوم أصبحنا أكثر بربرية في علاقاتنا ـ الأخوية ـ مع بعضنا البعض..!!

ما بالنا بتنا نفرح للأذى الذي يلحق بأخ لنا وكأننا شامتون، وما خطيئة الضعفاء في حروب الأقوياء حتى يمثـّل الأخ بأخيه ويناهضه بدل من أن يتعاون معه ويسانده للخروج من المأزق ـ وقد أوجدوا فيه سوية مجبرين ـ من أجل مستقبل واحد ومشترك في عالم بات قرية صغيرة..

يجب أن لا ننسى مأساة أبو غريب فالتأريخ دوَنها وجعل منها نقطة سوداء في صفحة من صفحات عراقنا المبتلى كما دون التأريخ ما حلّ ببغداد يوم دخول التتار الأوباش وهولاكهم السفاح...

مع الأسف إننا نطالب ونتمنطق بالمبادىء والأخلاق والقيم دون النظر الى المعاهدات الدولية وتشريعات الأمم المتحدة وسواها من القوانين التي تحفظ حقوق السجناء والمعتقلين وغالبا ما يكونوا هؤلاء خارج لعبة السياسة التي تحفظ حياة الأقوياء وتهدر حياة الأبرياء ..

هذا القول ينطبق على ظلامة الأم الدولة على أبنائها المواطنين إذ تضع في غرف مظلمة أناسآ أو تحشر في غرف كبيرة أعدادا تفوق حجم تلك السجون دون أدنى مراعاة للصحة والعمر وحجم الجريمة ... حتى باتت تلك السجون كمقابر جماعية، أو على أقل تقدير بيئة موبوءة تعدّ المجرمين فتحتضنهم العصابات وتحولهم إلى حاقدين وينحرف حتى من سيق إليها بريئاً معتدلاً..

والشيء الغريب أن المجرمين في دول العالم المتحضر قد باتوا يرغبون بالإقامة في تلك السجون المؤهلة بكل وسائل الراحة بدلا من الضياع في الشوارع، في حين أن الأبرياء في بلادنا يعاملون بمستوى أدنى اِحتراما من الحيوانات والبهائم في سجونهم ...!

هل نعتب على من يتولى مسؤولية السجون والقائمين عليها ونحاسبهم أم نلوم السياسيين الذين ربما لا يعرفون بتفاصيل ما في داخل تلك السجون والمعتقلات حتى يأتي اليوم الذي يتشرف بعضهم بدخولها، وحتماً ذلك اليوم ليس ببعيد على من تخلت عنه عراقيته وأصبح يعوم في بحور الفساد والإجرام بحق الوطن والشعب..!!

 

لا نريد ان نستعطف منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ولا اللجان الدولية صاحبة الاختصاص في شؤون المساجين والمعتقلين وتدخلها لأن التدخلات في كل تفاصيلنا (ماشاء الله قد وصل أعلى مستوياته)..!! بل ننشد ونستعطف خاطر قادتنا السياسيين بأن لا يجعلوا من هؤلاء المستضعفين حقل اختبار لفنون العذابات والألم وما أكثرها من طرق تفنن البعض بتطويرها عائدا بخيالاته حينما كان يخدم مقبوره (هدام) وحقبته السوداء فأن اغلب تلك الوجوه قد عادت بمسميات وتحت يافطات عنوانية مختلفة ..!!!!

نستعطف الرحمة والتسامح بالبشر، وعلى قادتنا والمسؤولين عن تلك العذابات أن يرحموا الأمهات والزوجات والأطفال الذين عانوا من فراق أحبتهم ومعيليهم وأن تفتح أبواب السجون والمعتقلات أمام الأبرياء والمظلومين ويطلق سراحهم ...(ولا اقصد هنا المجرمين ).

 

فظلامة العراق أن يبقى في سجونه ومعتقلاته مظلومين وأبرياء اعتقلوا تحت ادعاءات شتى ..وظلامته أن تبقى موضوعة الاغتيالات والتصفيات الجسدية تبحث عن الملايين من العلامات الاستفهامية دون معرفة مرتكبيها، وبقاء قادة ومسؤولين فاسدين في دولة لا قانون ولا مؤسسات فيها بقدر ما فيها من دويلات طائفية وكتلوية انحيازية ومزارع بشرية وعصابات ظلامية أتباعها بعدد أتباع علي بابا الذي أطلق أسمه على شعبنا وابتلى به أيام الفرهود والحواسم التي تلت أيام أم المعارك الذي نادى لها القائد الأرعن الذي نعيش تداعيات حكمه واستهتار واحتلاله حتى يومنا هذا .

نعود لموضوعنا، ونتساءل حتى متى تبقى الأغلبية التي تقود البلد الآن تسعى خلف مصالحها دون المصلحة العامة ودون العمل من أجل العراق الذي يستحق منا كل تضحية ونضال؟ الحرام كل الحرام أن يظل ابناؤه فيه سجناء ومعتقلين وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا...

سؤال موجه للمخلصين الأخيار من قادة البلد وسياسييه..؟؟؟

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1086  الاثنين 22/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم