قضايا وآراء

في المشهد الثقافي

وقد أعتبر "ماكلير" الإبداع تعبيرا عن تعامل معقد بين التفكير الواقعي والتفكير الخيالي وعرف "شتاين" الإبداع بأنه عملية ينتج عنها عمل جديد تقبله جماعة ما في وقت معين على إنه مفيد ومقنع .. إن الجانب المميز للإبداع هو إنه إستجابة جديدة أو الأقل غير شائعة، وهذه الإستجابة لكي تكون إبداعية يجب أن تكون توافقية تخدم عمليات التكيف مع البيئة وحل المشكلات التي طرأت مع بروز واقع ثقافي جديد، وهذا يعني أنها يجب ان تكون مناسبة للموقف ومحققة لأهداف معينة تصب في روافد الثقافة لتأسيس وبناء بنية واعية لأفقها المتنور نقول عن شخصا قد أظهر تفكيرا إبداعيا، فإن ذلك يتضمن حكما بأن ما أنتجه له دلالته وأهميته أيضا بالنسبة لأي إنتاج يتلوه، وهذا حقيقي سواء أكان الإنتاج أسلوبا في التعبير الفني أو نظرية في العلم أو طريقة أصلية في حل مشكلة ما كان لها حل آخر أقل أصالة .. إذن الإبداع هو ما جعل المناحي التي سارت فيها خطى الباحثين لتوضيح جوانبها تختلف وتتعدد، وتسهم جميعا إسهاما إيجابيا في إلقاء الضوء على جوانب تلك الظاهرة وعليه وفي سياق الحديث عن واقعنا الراهن نجد البعض يعد نفسه مبدعا لكونه يكتب في كل شيء وتجد أسمه على أغلب الصفحات الثقافية للصحف اليومية .. يكتب أعمدة ربما لا تدخل في إطار العملية الثقافية ناسيا أن تلك الأعمدة تعد قتلا لإبداعه الذي يحدده كأديب أو روائي أو قاص إذا كان لا يصب في عمل تتقبله النخبة أو العامة .. وهنا تعد هذا المقالة أو العمود استهلاكيا ليس إلا .. بينما نريد عملا إبداعيا إتفاقا على مبدأ البحث عن شواخص حقيقية لثقافة عراقية ما بعد التغيير تصب في الاتجاه الذي نبحث عنه وينتظره الآخرون بعد سنوات عجاف، ويحاوره الأدباء والمثقفون بعيدا عن الطاولات المستديرة في الأندية والجمعيات .. نريد بل نسعى الى إيجاد أنماط جديدة في الكتابة تظهر الإبداع في وجهه المشرق الحقيقي مواكبا عملية التغيير في شكل الخطاب الثقافي وإتاحة الحرية ورفع القيود عن الممنوع والمسكوت عنه التي كبلت الأديب الحقيقي من أن يبوح أدبا واقعيا وإبداعا حقيقيا، وحان الوقت لكي يطلق الأديب العراقي مافي جعبته من وعي وهو الذي دوّن ذلك في سردياته ومذكراته السرية .

 

حذام يوسف طاهر

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1086  الاثنين 22/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم