قضايا وآراء

ارتواء المفردة في شعر (العطشان) / جليل الخزرجي

التي كابدها شاعرنا التي بانت من خلال قصائده المتعددة الأغراض، عدا الفرح الذي فقدناه في صفحات ديوانه . وهذا أمر طبيعي لمشاعره وانفعالاته وأحاسيسه الصادقة التي تأثر بها من خلال مسيرته وبيئته التي غرف منها أحزانه وآلامه التي لمسناها بوضوح في أشعاره .

 ومن الجدير بالذكر ان للشاعر الأستاذ كاظم العطشان ديوان أخر قد صدر حديثا والموسوم بـ(الريحانه) وهو ديوان حسيني (منبري) ... وله ديوان أخر مخطوط ( ليل ومحطة سفر) ينتظر فرصة إخراجه الى النور كما تجدر الإشارة الى ان كاظم العطشان من أعلام الصحافة النجفية ولازال رئيسا لتحرير صحيفة الكوثر المستقلة وكاظم العطشان هو من مواليد الناصرية قضاء (سوق الشيوخ) حيث مسقط رأسه، نشأ وترعرع في مراحل حياته الأولى في هذه المدينة الحديثة التي تغفو على ضفة نهر الفرات من جهة اليمنى التي تشتهر بعذب مائها وطيب هوائها وكثرة بساتينها المحيطة بها حيث التمور بأنواعها المتميزة عن سواها وأشجار الفواكه كالعنب والرمان والخوخ والتفاح والنبق والمشمش، وكذلك زراعة الرز خصوصا العنبر، والحنطة والذرة والشعير، كذلك اشتهرت هذه المدينة بحب وعشق رجالها للثقافة والمعرفة، لذلك نراها احتضنت مجالس المناظرات والمطارحات الشعرية في المناسبات الوطنية والاجتماعية والدينية حتى لقب بـ(سوق عكاظ) و(سوق المفاخر) و(سوق الشباب) و(النجف الثانية) وأصبحت دواوينها مائدة للادباء فاستحقت ان يكتب ويتغنى بها الشعراء الكبار كالشاعر الشيخ عبد المنعم الفرطوسي حيث قال :

سوق الشيوخ وأنت سوق مفاخر           ومآثر فيــــــه المكارم تنفق

لك في ميالقصيدة.حــامد والعلي            سبق ومثلك في المحامد يسبق

إلى آخر القصيدة ...

ومن مدينة آبائه سوق الشيوخ تفجرت ترنيماته وألحانه الأولى لموهبته الشعرية حيث كان لها التأثير الكبير في صقلها، ثم انتقل شاعرنا الى البصرة حيث يوجد شط فيها.والسياب ليتغنى بالإيقاعات البصرية ليواصل مسيرة الحب والفن والشعر ليخط حروف اسمه بكل وضوح متجاوزا محليته ليكتب هناك بعفوية الجنوب، وقد ساعدت تلك الأجواء السائدة في تكوين شخصيته الشعرية، بعدها انتقل الى مدينة النجف وهي المحطة الثالثة في ترحاله حيث وجد ضالته فيها، كونها مدينة تعج بالشعر والشعراء الكبار كالجواهري واحمد الصافي والحبو بي وعلي الشرقي والجزائري ومصطفى جمال الدين وغيرهم من الشعراء إضافة الى ميزاتها الأخرى كالعلم والثقافة والأدب ورجال حركتها الوطنية، وباستقراره في هذه المدينة أصبح مثلث تجواله منعطف تاريخي في حياته ويجعل منه شاعرا مجدا . لا تستهويه الشهرة وذلك لتواضعه وابتعاده عن كل المغريات التي عرضت عليه وبقي متمسكا بمبادئه وقيمه العالية وهذا حاصل تحصيل علاقاته في المدن الثلاث التي عاش فيها .

والآن لو سافرنا مع ديوان شاعرنا، (شذر الگلايد) ماذا سنجد في صفحاته الشعرية؟ وما هي الصور التي رسمها كاظم العطشان بريشته التي غمسها في شرايين قلبه؟ ليجسد لنا قصيدته تجسيدا دراميا بوصفه الدقيق، وهذا هو قمة الإبداع الصوري ينقلها إلينا من ديوانه الموسوم (شذر الكَلايد). الذي بدءهه :- ب

 

المديح:-

يفتتح الشاعر ديوانه بقصيدة مدح واعجاب وهي قصيدته الأولى (شذر الگلايد) والتي يخاطب بها الشاعر الكبير (عريان سيد خلف) حيث يقول :-

 

كل شي للحقيقة

         إيريدله إثبات !!

ونته ..

        الما عزت بالمجد شاهد

وكل عيد التنطره ..

        إيريدله إهلال !!

بس صيتك ...

        سبك چف اليعايد

يامچمن دفو ..

       بليل اليسهرون

      يحلو إلسان بحلوگ القصايد

           يا عريان ... ياشذر الگلايد

 

العتاب والمناجاة:-

وفي قصيدته (رك الحيل) نرى الشاعر يعاتب ويناجي الحبيب على كل ما قدم له من تضحية ومساعدة أيام علاقته به التي امتدت الى سنين والتي أخذت من حياته مأخذا وأوصلته الى الوهن والضعف ولم يقصر الشيب حيث غرا مفرقه، ولم تبقى من تلك العلاقة سوى الذكريات للشاعر، إما الحبيب يرى تلك الكلمات قد أصابها الصدأ . وهو لا يبالي أبدا لكل عذابات وسهد الذي أحبه بإخلاص . ويبقى الشاعر مع جراحاته التي تشبه بحة الناي وصوت الراديو المبحوح، ولا يندم على (عذابه) التي جاوزت الخمسين من عمره ولم يحصد غير الأنين والدموع والنياحة مثلما يذكر في قصيدته :-

 

ولو ..

     عمر الجزه الخمسين !!

           ماعدل رسنهه ...

                      وسبگ خيالك !!

إلك فدوه ..

     العذاب الراح !!

          من لامت عفه عله الشوگ .. عذالك

حبيبي ..

   أمحلل وموهب !!

ونبني كل ضلع مكسور من شالك !!

حبيبي ...

ومبري كل ذمة ..

                        الدمع والنوح كله ايطيح لخيالك !!

 

الألم والشكوى:-

ولو انتقلنا الى قصيدته ( عباره) نجد في طياتها نبضات جديدة من الحرمان والاهات الحارقة وخيانة الصبر والغربة وشتائم أهله ويصور شخصه كالدخان الذي يتصاعد ويتلوى ليرسم له لوحة الهجران . وغذاؤه الحسبات، ويصف بلواه اشد من بلوى النبي يونس (ع) وهذا ما نراه في هذا المقطع من قصيدته :

يونس ..

       ماوصل بلواي ..

               من صار عله بطن الحوت

ويرد .. الصدى عله الصوت

                 من يگدر يرد الحيفيقول: بصدد الغربة فيقول :-

غربه...

       ومن يمرهه اغروب

                 ليل الينتچي عله الليل

ياخذهه .

        العطش صيهود ...

                 ويردهه عله چف السيل

 

الحب والهوى:-

في قصيدة (سگط النده) نراه يبث أشواقه ويطلب حدا للنزاع الذي يصارع روحه، كأنه يقول (لا كل من ذاق الهوى عرف الهوى) ويصور اشتياقه للحبيب كالنيران المستعرة التي لا تخمد وتهفت أبدا، لكن كبريائه يجعله بردا زمهريرا في آتون نار الحبيب وهذا ما وجدناه في أبيات الشعر القادمة :

لو يخمد ..

        نبض معلول !!

لو تكرم .. خواطر هاوية أتضيفك !!

أشرد ..

       من لهيب أشتاك !!

                      لني اشاه ..

                            لني مراچف بصيفك !!

 

كما ان شاعرنا وصف أشواقه التي تأكل بروحه مثل ( سگط النده) التي هي عنوان قصيدة ليسمو بجروحه حتى تكون مميزة من الجروح المألوفة، ثم يؤصل الصبر من روحه لكن جراحاته تشبه البكر عندما تسعر بولادتها .

وهنا نرى ماذا قال في زحمة أطيافه وأحلامه حين تسرح في فضاء الحبيب التي مثلها بجناح الفراشة كم هو رقيق نزولا الى أشواقه التي أكلت بروحه مع استعانته بالصبر قدر استطاعته :-

يوشل كل صبره

               وزاحت الچيثوم

                      لنهه محزمة ...

                               بزحمة سواليفك !!

مثل جنح الفراشة ..

ايحوم ...

                 طيفي يواكح بطيفك

مثل ..

    سگط النده .. بلا صوت

                    شوكك .. ياكل بروحي

وصبر ...

            عسر البحر بچفاك ...

أهيس

            تطلگ اجروحي !!

 

ثم يترجم الشاعر عذابات الحبيب التي اختلطت بقلبه الحنون الذي جدرانه الربيع وينضح بالطيب، ورغم غرقه في هذه الاحزان الا انه يكابر ولا يعلن خذلانه وسط زحام الملامة كي لا يشمت به عاذل وفوق كل هذا يعذر الحبيب . ولكن لا مكان للفرح عند الشاعر في هذه القصيدة كما يذكر :-

 

يمعذور ...

      الفرح معذور

         ماشايف ورد ..

            يضحك عله سفوحي .. !!

ولا شنيار ..

        عندي وتعتنيه الناس

                  لاهاون يدگ ..

                           لاماي البلوحي !!

في قصص الحب جميل وبديع جدا ان ينتظر العاشق قدوم من أحبه خصوصا من مدينة كالبصرة عاش فيها الشاعر العاشق حيث بأجوائها ومناخاتها، واخذ عنفوانه وصبره وشموخه من باسقات النخيل، وطيبة قلبه من نقاء مياه شط العرب، الى مدينة النجف حيث استقر أخيرا .

لكن هل استجاب المحبوب الذي وصفه الشاعر الولهان ( بعطر تيروز) وقام بزيارته ولو مرة واحدة او حتى السؤال عنه بعد تلك العشرة الطويلة التي ربطتهما سنينا لا يستهان بها !.

إن ماذا ننتظر من كاظم العطشان . غير ان يتفجر شعرا ليصف وجده وسهده واشتياقه ويكثر من عتابه معتبرا الانتظار .. ملحا في جراحاته !.

وهذا أمر حتمي لردود فعله تجاه البعد والفراق عن الحبيب وعدم زيارته له . لان كل ما قدمته الحياة لشاعرنا من حزن وسعادة جعلته لم يكترث لذلك فقد واصل مشواره الطويل ليتخطى كل العقبات رغم ان نصيبه من الآلام كان أكثر لذا لم نجد البهجة في شعره .

لكن لماذا اختار عطر تيروز ليصف حبيبته به، فالعطور كثيرة ومتعددة، لكنها تختلف عن تيروز لأسباب منها : إذا وضعته لا يزول عطره بسرعة، ويجعلك تشتاق له مجددا، ويفوح طيبه من بعيد، ويستخدمه العشاق أكثر من غيرهم، لذلك اختاره الشاعر ليكون رمزا للحبيب، وفي القصيدة نرى الفرح مسجون، ولا يتحرر السجين الا بقدوم الحبيب .

وهذا القدوم لم يحصل كما ورد في القصيدة :-

                        ( عطر تيروز)

مربيه ..

     عله گد الشوك !!

           موش أكثر

وتانيك ...

    عله دربك تيل

             خاف عله الدرب ...

                         تعثر

ولم روحي ...

          ورد شدات

              وي طبتك ...

                   عطر تيروز

                          تطشر !!

يبعد أهلي !!

         الفرح مسجون ..

                جيتك مرحمه ...

                       المسجون يتحرر !!

حبيبي ...

       العين اللك تشتاگ

              وتعاتب رمشهه ...

                        ابطيف ما تحضر

تعال ...

     الشيب ... حن وزاد

           ونته ...

                  ولا تحن يشگر

تعال ...!!

    الناس .. كلهه إتزور !

                   بس جدمك حبيبي ...

                            عله النجف ... مامر

تعال ..!

      إحسبني أبوك المات ..

                    وقره الفاتحة ...

                            إعله المات ... ماتخسر

شجاك ...؟

     وي الگطع رضاع ؟

                بس ... ربك يسلطك ...

                              ع الگطع .. تگدر ؟؟

الى اخر القصيدة حيث لا ينفع العتاب، كقول أحدهم :

أريد اعتب لچن ادري العتب ميفيد

وزين ادري الاريده مايطح بالايد

 

 

ألشان الوطني والسياسي:-

 

وكاظم العطشان لا يخلو شعره من القضايا الوطنية، فهو عانى كما يعاني أبناء وطنه من الجور والظلم واستبداد الحكم وتهميش الجماهير الشعبية،وزجها في الحروب غير المجدية والتي لم يجني منها غير الدمار والمرض والجهل والفقر والتأخر وازدياد وانتشار الأمية بين صفوف الشعب المظلوم الذي أصبح لاجئا في وطنه نتيجة سياسات المحاصصة والطائفية والفساد المالي بكل أشكاله تحت غطاء الدين والديمقراطية المقتنعة والحرية بمفهومها العشوائي .

وشاعرنا العطشان حين كتب قصيدته ( الفوال) هي نتيجة معايشته أناس رحلوا عن الوطن وهم لا يساوون شيئا ثم عادوا مع الاحتلال ليتسيدوا مناصب حكومية ونكروا اقرب الناس إليهم في أوقات الشدة .وهذا ليس بغريب او عجيب لأنه  خريج كلية القانون والسياسة / جامعة بغداد / عام 1984 م وحاليا طالب ماجستير في العلوم السياسية وهو اعرف بما يدور خلف الكواليس التي يجمعها المواطن البسيط .

ولا تستغرب أبدا من العطشان حين انتقد البعض في مجال السياسة، كمظفر النواب وعريان سيد خلف الذي قال في قصيدته ( تداعيات ستينيات) معاتبا الزعيم عبد الكريم قاسم بقوله :

منــك كلها منـــك     طب حــراميها

لعب بيها وخبطها    وشرب صافيها

إذن ليس كل شاعر باستطاعته ان يلج السياسة في شعره الا إذا كان ملتزما  صادقا باحساسيسه الوطنية كالعطشان وما ذكرناهم أعلاه ومن لم نذكر أسمائهم هنا . وقصيدة الفوال فيها عودة الى كربلاء وما جرى فيها يوم عاشوراء الدامية، حيث شبه شاعرنا أحزان وطنه بإحزان كربلاء، لأنه رأى أبناء شعبه ممتحنين بصفوف المحن ومبتلين بأنواع البلاء، ومحاطين بزمر البغي، ومطوقين بعصابات الظلام، ومحاصرين من كل جانب، وعلى ان ينسى او يتناسى ما حل به من ظلم بمرور الزمن، هذا ان لم تستمر الظلامة . والعطشان يرى ان المظلوم له الحق في ان يصرخ بضلامته كي ينتصر له اخوته في الإنسانية او الدين او الوطن او القومية او الرحم او الجيرة او غير ذلك، ومن المسلم به أيضا ان صرخة المظلوم تعلوا كلما كان الظلم الواقع عليه اشد، ولا يتوقع ان يلام المظلوم على صرخة وإنما يواجه اللوم لمن ظلمه، واللوم هذا هو اضعف الإيمان . لذلك انطلق شاعرنا بقصيدته ( الفوال) ليعلن للملاْ ( وبالسكوت ينمو الظلم) منتقدا من جاء مع الاحتلال باسم الوطن والدين وهم سيوف على رقاب الشعب المظلوم ناسين او متناسين أصحابهم الذين ساعدوهم أيام محنتهم أبان حكم الدكتاتور صدام المجرم .ولحاجتنا الماسة لمثل هذه المشاعر والأحاسيس التي تحلى بها العطشان في قصيدته نضمها كاملة للقارئ الكريم وهذه هي القصيدة :-

 

(الفوال)

 

الى / الفوال الذي عاد سيدا في وطني

هدينّه ..

      الرسن  .. يحسين ...

            بيد اليشتغل فوال

يتخطه ..

     بگواة العين

          حسباله صدگ خيال

معط مصراعهه ...

       ابكل حيل ..

عثرت والدرب ميال

             هدينه الرسن ... ونباگ

                      كحل العين والمكحال

اچونه ....

وگالوا احنه العيد ...!!

             واحنه الواحد بشوال

لنهم ...

     حرمله عله احسين

               والنبله التيتم اطفال

لفونه .!!

      والبعض حفاي !

              لا . كلهم بلايه انعال

حط حمله ...

       عله متني وگام ...

               شيلني الگبل شيال

بسم الوطن .....

      وسم الدين

              سوونه حصو بمحچال

گطفونه ....

       عله بير الظيم

              والحال انتچه عله الحال !!

لمهم ... والوكت سكران !!

لص ...

       اتلاگه وي دجال ؟

هذوله !!

       الشدو عله الخيال !!

                   وحصد ماي البغربال !!

صاحو بالكنز فرهود ...

                وانطو للشعب مثقال

يغافي !!

       اعله چف الطيف

                  وتناغي بصبرهه اليال

لاتنطر

      سراب ايفيض !!

                      شط ...

                          وترتوي الاجيال

مايروي !!

          النده العطشان ؟

وصحنه ...

         الطيف ما ينشال !!

هدينه الرسن

          ياحيف ...

                  بيد اليشتغل فوال

 

 

الانانية والدجل والنفاق الاجتماعي:-

 

كثيرة هي العلاقات الاجتماعية التي تبنى على المصالح النفعية من طرف واحد فقط، اي إنها تكون كالفأس ياخذ ولا يعطي وليس كالمنشار، وهذا ناتج إما عن البخل للطرف الأول الذي ياخذ ولا يعطي وإما عن الأنانية حيث تعم كل تصرفاته وإما التحاذق على الآخرين، وهذا الصنف من العلاقات مكشوف للمجتمع، وبات رخيصا، لان العطاء صفة من صفات الكرم التي أتصف بها العرب، والكرم شجاعة بحد ذاتها، وليس كل امرئ بمقدوره ان يمارسها ويطبقها، هذا من جانب، ومن جانب آخر، هناك الكثير من تراه كالظل يحوم حولك عندما تكون حالتك المادية ميسورة، ويبتعد عنك ويقطع علاقته بك عندما تسوء هذه الأحوال، لان علاقته مادية وليست روحية، وكاظم العطشان اصطدم بهكذا نوع من العلاقات، وبما انه شاعر جسد تلك العلاقات بقصيدة اسماها ( ماتنصح) نأخذ منها المقاطع الأولية :-

 

( ماتنصح)

 

هاي الناس ... ماتنصح !!

فوگ اجروح .....

      درد الروح ....

                   من تجرح !!

ولو

   وشلة فرح مر بيك ...

               ماتلكَه الشريف ...

                       البلفرح يفرح ...

ولا بيهم ...

         مرد الماي ...

                   لو زود المطر يطفح !!

ولابيهم ...

       سكة المذبوح ...

                 وكت الموت من يذبح !!

ولا بيهم ...

        نصح بالشور ...

                    عن درب الغلط والصح !!

إرضه ...

      بناتج المقسوم !!

يمعود ؟

       عليمن تجمع

                    وتطرح ؟

       هاي الناس .... ماتنصح !!

 

 

وهناك أبو ذيه لاحد الشعراء اذكرها هنا، كونها تتناغم  مع مضمون قصيدة الشاعر وهي :

أبـــات اللــيل جالمجروح ينصاح

ودليلي من الهضم ما أظن ينصاح

خــليلي بهلوكت مـــايجد ينصاح

ويهجرك لو لكَه أحوالك رديه

 

قوة الإرادة والرثاء:-

 

وتبقى أحزان العطشان تتوالى عليه من كل جانب، من القريب والبعيد، والصديق والحبيب، وهموم الوطن وفقدان الشقيق، تراه ماذا يفعل ؟

هل ينهار أمام هذا الكم من الآلام ؟

فجواب الشاعر في ديوانه كان لا ولا بد له ان يكون كالسندان تتهشم فوقه الصخور، ويختار صحبة الطيبين الذين وجدهم كالعملة النادرة في هذا الزمان .

وهكذا انتقل من حزن الى آخر في قصائده مخلفا الفرح وراءه خصوصا بعد فقدان أخيه ( ناظم) الذي يبلغ العشرين من عمره، الذي عاش معه كالصديق، وباتت ذكرياته تلاحق شاعرنا مع كل نبضات قلبه في الليل والنهار، وكان يأمل لو أمهله القدر ان يقوم بتزويجه ووضع الحناء في يديه وهو يرتدي بزة العرس ويزفه الى عروسه وسط أفراح وهلاهل المحبين، ولكن ملابس الزفاف تبدلت كفن ابيض وجروحه هي التي قامت بزفافه كما جاء بالقصيدة :

                                 ( ناظم)

الى / الذي لم تبلغ العشرين شموعه !!

 

گطع غصنك ...

           دبيب الموت !!

                 وشموع الصواني .. عله الگبر ضون

ولا جاسك ..

          هوه العشرين ...

                    والعشرين ... ماتمن !!

لبست أبيض ...

        غوه المزفوف ..!!

                  موبدلة عرس

                          وچفوفك اتحنن

لبست اهدوم المودعين !!

                   بدلته إبچفن ...

                           وجروحك إنزفن !

بعدهِ ..

       اخروصك مدليات ..

                توهن .. بالثمر طگن !!

يناظم !!

    توهن حلن بالعين ...

              وذياب المنايه ...

                    إعله النحر غطن ...

ولا وكت الحصاد ..

           ولمو المحصول ؟

وسنون المناجل ... بالورد حزن !!

يا ابيض ...

        وسيع العين

                 يلكلك معاني بحسنك التمن

احط رسمك ...

    عله اوجوه التشبهك !!

             ونقهر .... وبچيك ... وصفن

اذا جرحك

    يشفه وي الموت !!

                  أنه .. اجروحي نديه ...

                                 وبالگلب يدن !!

مشه وياك ..

      الفرح زاتوت ...

               وطيوفه منهد فرگاك ... ماوچن

مشيت ...

   ولا فرح دگ باب ..

               وطيور السعد ع البيت .. ماحطن

ولو ..

   عدن .. جثير إسنين !!

                 انته ..

                     تخضر بكل يوم لو عدن

عمر ...

           ونته بعمر وياي !!

                          يوم بيوم ...

                                  لازادن ... ولا نگصن

جزني ... إسنين يبن أمي !!

                    بذرة الخمسين يتخطن

          ولا دمع .. التعذر بيك !!

                         حته ابطور المغنين !!

                                 دمع اچفاك يتسلطن !!

مهي ...

      اليال العزيز اسيوف !!

                           وسط الروح يتوچن

يناظم !!

       من رحت ترتاح ؟

                  ماتدري الليالي

                           اخلافك ... شسون ؟

ولاتدري !!

      السنين اتبوگ ..

               ولله اسنين

                    موش اسنين .. يتسمن ؟

شبعنه ...

     من الوكت چويات !!

                من كثر اللسع !!

                          ماظل مچان اعله الاثر جون

ولاجاسك ..

           هوه العشرين ..

                      والعشرين ...

                                 ماتمن !!

 

فقدان الأخ ليس بالأمر الهين، لذلك نرى الشعراء لم يهملوا هذا الجانب فقد كتبوا الكثير وعبروا عن أحزانهم بتل القصايد الرائعة وهناك من ذهب ليغني ما كتب الشعراء مثل فائزة احمد في أغنية ( ياخويه، ومحمود أنور في أغنية ( ياخويه ويا الى خي) والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب في قصيدة دعاء الشرق والتي تبدأ بكلمة ( أخي جاوز الظالمون المدى) وغيرهم من المطربين اللذين تغنوا بالشعر والأقوال المأثورة بحق الإخوة الصادة لما لها من أهمية روحية ووجدانية في حياتنا اليومية، وبهذا الصدد أتذكر بعض الأبيات لأحد الشعراء عندما فارق أخيه سنينا طويلة بسبب قساوة الزمان والظلم والجور حيث لم يجد أمامه الا الكتابة ليعبر عن شوقه وحنينه لأخيه الذي أبعدته السنين مضمنا قصيدته جراحات وآلام الفراق كما في هذا المقطع :

ششكيلك أشواك ومحن       لو حسرتي الترس الصدر

جرحي لاهود وإستچن       كسري لاطاوعله جبر

شكبان حرمان انترس     ومناحر اليالي التمر

شتتنه الدهر خويه         انه ابكتر وانته بكتر

 

عروس الديوان:-

 

( كَطرة وفه) هي القصيدة التي اعتبرها ( عروس الديوان)، وذلك بسبب ذروة وقمة الإبداع الصوري التي وصف بسطورها أمه وتنطبق على كل الأمهات حيث يقول :

                   وأمي التشچر التنور بالآه

                                 وأمي عله المصيبة اتلولي وتهون

               مانوخ ظعنهه لعسر الايام

                                  ولا شبعت بطنهه وي اليشبعون

وفي مقطع أخر حيث يقول : وهو في قمة الوصف :

               عجز بتهوفن بلحن الدللول

                                  ولوحة العجزت بيكاسو باللون

ويبقى الشاعر كاظم العطشان عطشانا للفرح الذي طالما تمناه في أشعاره وقصائده الواقعية الرائعة التي لم نتطرق إليها في هذا العرض  مثل :-

 هاك بهاك، ذمني، طحت، مو عنب، تساؤلات مشبوهة، سبع بحور، شرد اسولف، شواية صكَور، ثوب الفشل، أوراق من حقيبة مهجورة.      

... وإذ نحن نغادر هذه الإطلالة العجولة في محراب ديوانه (شذر الگلايد) يتملكنا الشوق انتظارا لعطاء ات جديدة يكون فيه للفرح حصة ... مع تحيات الإعجاب والتقدير .

                                                   

جليل الخزرجي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1515 الاثنين 13/09/2010)

 

في المثقف اليوم